هو المتحف الوطني .. وطني بكل معنى الكلمة، فكل الأثار التي يحضنها بأناقة "عالمية" هي لبنانية تماماً بنت المكان والأزمنة، وجدت في أرضه ولم يتمّ شراؤها كقطع من الخارج لتعرض فيه كما يحصل في معظم متاحف العالم..

هو متحف آثار "محلية".

في القانون اللبناني أن القطع الأثرية هي التي يعود تاريخها إلى العام 1700 وكل ما هو بعد القرن الثامن عشر يعتبر تاريخياً لا أثرياً..

موجودات المتحف تعود تواريخها إلى فترة ما قبل التاريخ وصولاً إلى الفترة العثمانية أي إلى الـ 1700.
بُدء العمل ببناء المتحف الوطني ما بين عامي 1930 و1937 وهو مؤلف من ثلاث طبقات:

الطابق الأرضي وغاليري (صالة معروضات) وطبقة سفلية قيد الترميم. المرحلة الأولى من ترميمه كبُنى تحتية أُنجزت  وسوف يُخصص للفن الجنائزي عبر التاريخ.

يتبع المتحف الوطني في تراتبية المسؤولية المرجعية إلى مديرية الآثار، التابعة بدورها لوزارة الثقافة. يتعاون المتحف مع وزارة المالية المسؤولة عن تذاكر الدخول، ومع وزارة السياحة التي تقترح إعفاءات على مجموعات زائرة تقصد المتحف للإستكشاف.

ثلاث جهات عملت على تمويل الترميم وإعادة إعمار المتحف وهي: وزارة الثقافة، المديرية العامة للأثار، ومؤسسة التراث الوطني.

في العام 1995، وضمن مشروع إعادة ترميم المتحف الوطني، جمعت اللبنانية الأولى آنذاك السيدة منى الهرواي، حوالي الـ 3 ملايين دولار أميركي.

لم يتم ترميم مبنى المتحف في الهيكلية فقط، أي الحجر والزجاج أو الأبواب والشكل الخارجي، بل كذلك شملت آليات الترميم طريقة التعامل مع القطع التي يصل وزن بعضها إلى 5 أطنان، والعناية الفائقة بها كونها قطيع نفيسة باللغة الأهمية.

في العام 1999 إفتتح الرئيس السابق إميل لحود المتحف الوطني بعد أن عاد إلى الحياة.

عودة إلى الولادة الأولى للمتحف الوطني

كان أوّل من فكر ببناء متحف لجمع الآثار في لبنان، هو الضابط الفرنسي ريمون ويل الذي بادر إلى جمع قطع أثرية في احدى قاعات دار الراهبات الألمانيات في بيروت.

في العام 1923 قدّمت بلدية بيروت قطعة أرض قرب مركز سباق الخيل، وجرى تأسيس لجنة لجمع الأموال للقيام ببناء متحف وطني يضم المكتشفات الأثرية.

في سنة 1930 بدأت عمليات بناء المتحف، واستمرت لسبع سنوات.

سنة 1942، في عهد الرئيس ألفرد نقاش، تمّ الإفتتاح الرسمي للمتحف.

عندما "مات" المتحف

خلال الحرب ضاع المتحف الوطني بين البيروتين، وعانى الأمرّين من جهتي انقسام العاصمة، الغربية والشرقية، فكان خط تماس فاصلاً بين المنطقتين المتحاربتين، يتلقى القصف والقنص من كل الجهات.. أصابته الحرب بكل ثقلها ودمّرته بشكل شبه كامل ومُبكٍ..

استضاف المتحف عائلات وأفراداً من المهجّرين الذين لاذوا فيه هرباً من القتل والخطف، ومقاتلين وحتى قناصين..

في العام 1975، أدرك المسؤول عن المتحف الوطني الأمير حارس شهاب خطورة الوضع، وقرّر مع فريق عمله أن "يخبىء" القطع الموجودة بصناديق وعُلب صغيرة وصبّ قبالتها الباطون، لتكون المخبأ السرّي الذي حفظها من النهب والتلف. القطع الكبيرة التي يصعُب نقلها حاول حمايتها بأكياس الرمل، إلاّ أنّ الأمر لم يفلح فقرّر أن يُشكّل لحمايتها خراسانات إسمنتية.. ما حماها أيضاً من النهب والتلف..

في العام 1993 رحلة عودة الحياة إلى المتحف المستشهد بين البيروتيين.. بدأت..

.. عاش المتحف

التمويل جرى تأمينه، وبدأت مرحلة إعادة تأهيل وترميم القطع الأثرية للمجموعات الموجودة في المخابىء "السرية".

آلاف القطع كانت غارقة في المياه التي تسرّبت إلى الطبقة السفلية والتي تصل إلى أساساتها المياه الجوفية وبقيت كذلك لأكثر من عشرين سنة.

واستطاع فريق متخصّص، أن يُنقذها وتمكّن الخبراء من التعاطي مع القطع بطريقة إحترافية لجهة إعادة توثيقها وأرشفتها وترقيمها إبتداءاً من الرقم 1. وقد موّلت جمعية الأصدقاء البريطانيين للمتحف الوطني ترميم المختبر.

يضمّ المتحف حوالي الـ 1250 قطعة، عدا الموجودة في المستودعات، والتي تتسع لها 10 متاحف. ويجري إعداد مشروع، بتمويل من الصندوق الكويتي ، لإقامة متحف في صيدا وآخر في وسط بيروت.

يعتمد المتحف الوطني على الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها القطعة الأثرية، وهي معروضة ضمن دورة من الأقدم إلى الأحدث، أي من الألف الثاني قبل الميلاد في الطابق الأرضي وصولاً إلى الطابق الأول- الغاليري حيث مراحل من ما قبل التاريخ وصولاً إلى الحقبة العثمانية في 70 واجهة.

يتميّز المتحف الوطني بشبكة أمان من خلال جهاز بشري أمني من الدرك والحراس الخاصين به إضافة إلى الكاميرات.   

في المتحف مصعدان كهربائيان للزائرين الذين لا يمكنهم استخدام الدرج.

يتميّز بإنارة خاصة تُبرز جمالية القطع وقد اجريت تعديلات على سقفه وزوّد بأجهزة التكييف المناسبة، وقد  اُقفلت فتحة في سقفه كان النور الطبيعي يتسلل منها.

الواجهة رقم 70.. عندما "عسّ" الحريق!!

خلال الحرب شبّ حريق نال من كل القطع الموجودة خلف أحد جدران المتحف، ولأنّها لُفّت بأوراق الصحف أو الأقمشة القطنية، فقد بقي الحريق "يعسّ" لثلاثة أيام متتالية، فتخرّبت القطع خراباً كُلياً وتعود اإلى أزمنة غابرة وتحكي حضارات عالية.. ما بين الإندماج والإنصهار والإحتراق.. واختلطت عناصر الآثار من زجاج وفخار وعاج ومعدن فقرر المسؤولون علن المتحف عرضها كما هي تالفة ومحروقة ليرى الجميع إنّ الحرب مرّت من هنا.. وحرقت وشوّهت وخرّبت.

حنان فضل الله

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار