Nidal Al Ahmadieh نضال الاحمدية
Nidal Al Ahmadieh نضال الاحمدية

قبل قليل اتصل بي ابني عبر الـ FaceTime وأدار الكاميرا على رقم الشقة التي سيستأجرها في إحدى المدن الأميركية سائلاً: هل هذا الرقم جيد؟ أجبته بنعم، ثم سألته:

* هل باب الشقة باتجاه البحر؟

وأجابني مهتماً:

– لا أعرف..

لم أعلّق وفوجئت بأنه طلب مني الانتظار قليلاً ليسأل، وبعد لحظات عاد وقال:

– لا.. الباب لا ينفتح باتجاه البحر.. الشقة أعجبتني هل الرقم والاتجاه كما يجب أن يكونا؟ أجبته بـ

* مبروك الشقة شبه مكتملة وحين تفرشها سأكون معك لنحدد اتجاهات الأفرشة والكنبات واتجاه المكتب الذي تجلس إليه وهذا يتطلب هندسة معينة، لنحدد أيضاً وجهة القبلة وكيفية الاستفادةِ منها.

إلى اللقاء قال روني وأقفل الخط ليكمل إجراءات استئجار شقته الجديدة في هوليود، لكني تجمدت في مكاني أتأمل:

كيف ما عاد أبني يسخر مني كلما ركزت على الرقم؟ وكيف أصبح مقتنعاً بما أقول بل مهتماً مثلي؟ وما كان يحدث بيننا أنه وخلال حجزنا لغرفة أو سويت في أي فندق كنت أركز على رقم الباب واتجاه الغرفة خصوصاً حين كانت الإقامات طويلة وكان ولدي يبدو غير مقتنع بكل طلباتي رغم أنه كان ينفذها. لكن كنت ألحظ أنه يريد أن يعبّر عن سخريته لولا شدة احترامه لي. وكنت أتغاضى، لكن مرة لم أتراجع أو أتنازل وكم من مرات اضطررت لتأجيل السفر لأني لا أجد غرفة بالمواصقات التي أريد (رقم واتجاه خاص بالقبلة). ويبدو أن ولدي وعلى حجم سخريته مني وما كان يعتبره سلوكاً خرافياً، وعلى مدار السنوات اكتشف أني على حق (وهذا ما كنت لا أعرفه لولا اتصاله قبل قليل). إذا هو ودون أن يركز أو يدرس علوم الرقم لاحظ أن ما كنت أشرحه له حين كان يحاججني في جلساتنا، تبين له لاحقاً ومن خلال تجاربه بأن كل ما أقوله صحيحاً حول علم الرقم والحرف.

كيف فعل ابني ذلك؟

ومنذ متى يراقب ويهتم؟

فإني لم أسأله بعد وليس هو من الشخصيات التي تجيب على الأسئلة، بل هو أكثر من ذلك، لا يضيّع وقته في العلوم التي أتابعها لكنه يتصل في أحايين ولو كانت قليلة لأساعده على حفظ آيات قرآنية كي يرددها عن ظهر قلب لينال ما يرتجيه أو لتتسهل أموراً معرقلةً في حياته وغالباً يفوز بإيمانه وسعيه وفعله. أقصد هنا حُسن تسيير أعمالِهِ ودراساتهِ مع حُسْن ترداد الآيات المحددة لكل غرض أو هدف.

إبني لا يعرف العربية كما يجب ويستحيل عليه أن يقرأ القرآن لأن لغته الأم هي الانكليزية، وبدأ حديثاً بتعلم القراءة والكتابة العربية. وكنت ولا أزال أقنعه بأن لا يقرأ القرآن المترجم للغة الانكليزية، أولاً لأن بعض آياته تُرجمت بطريقة يُساءُ فهمها وخصوصاً من يملك أحكاماً مسبقة، وثانياً لأني تعلمت أن للآيات صوت (له أهمية في التأثير) والصوت العربي غير الصوت الإنكليزيي.

  • ما الفرق بين الصوتين؟

الفرق هو أن القرآن حين يُقرأ أو يُسمع فلصوته ذبذبات رقمية غير تلك الذبذبات التي تخرج حين النطق بالانكليزية والتي يختلف الصوت فيها فتختلف الذبذبات الرقمية وبالتالي يختلف تأثير الآية والقصد منها. وأعطي مثالاً على ذلك (سورة الضحى) (The Brightness) (وَالضُّحَى)

In the name of Allah, the Beneficent, the Merciful

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم

I swear by the early hours of the day

وَالضُّحَى

And the night when it covers with darkness

وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى

Your Lord has not forsaken you, nor has He become displeased

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (بغضك أو استاء منك)

And surely what comes after is better for you than that which has gone before

وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى

And soon will your Lord give you so that you shall be well pleased

وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى

Did He not find you an orphan and give you shelter

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى

And find you lost i.e. unrecognized by men and guide them to you

وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى

And find you in want and make you to be free from want

وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى

Therefore, as for the orphan, do not oppress him

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ

And as for him who asks, do not chide him

وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ

And as for the favor of your Lord, do announce it وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

لو قرأنا القرآن بالانكليزية كما تلاحظون فيختلف الصوت تماماً وبالتالي تختلف فعاليته التي نرتجيها حين نردد آية أو سورة بهدف الحصول على نعمةٍ من نِعم الله كـ (والضحى) التي ولو رددناها بعزم وإصرار لوجدنا ما ضيعناها مثلاً ولتدفقت علينا النعمة ولرق قلبُنا وتذكرنا واجباتنا الأخلاقية تجاه الفقير واكففنا عن ظلم اليتيم.

ولو أننا فعلنا كل يوم خصوصاً في توقيت الفجر فما احتجنا أحداً في حياتنا وسنلاحظ أن الخير يتدفق علينا من حيث لا ندري..

(فوائد والضحى) هي تذكر العثور على الضائع عودة الغائب والحصول على النعمة بما يكفينا الذل والهوان والسؤال.. أقول كل ذلك بثقة يعرفها ربي لأني جربت على مدار سنواتٍ طويلة.

ولأن الله على كل شيء قدير فإنه أنزل القرآن بالعربية ولم ينزله بلغات ثانية وجعله محكماً بكود Code الرقم أو شيفرة الرقم وقد عرفت ذلك من علماء ما عادوا موجودين حين كنت أحاول دراسة القرآن كما حاولت دراسة مختلف الديانات وكان لي أكثر من معلم من أكثر من مذهب والغريب أنهم كانوا يتفقون على كل ما فسروه لي وعلموني إياه دون أن يعرف أحدهم بالآخر.

إذاً الكلمة هي مجموعة أرقام وبالتالي مجموعة من الذبذات الصوتية التي تفعل فعلها في القلب والروح والنفس والجسد وإن لم تفعل فعلها في العقل عند ذوي القصور الذهني.

إن كنت لا تريد الفهم ولا الغوص في هذه العلوم يكفي أن تُسمع أُذنك من تؤديه من الآيات القرآنية وبشرط أن تلفظها بشكلها السليم إذ أنك لو فتحت حرفاً وهو مجرور سينقلب تأثير الآية عليك أو لن تنفعك أقلُهُ.

لذا كثر يعتقدون أنهم قاموا بواجباتهم وصلوا كثيراً ورددوا آيات كثيرة ولم تنفعهم فتجدهم يستسلمون ويصرون على تكرار: (إن الله شاء) غير منتبهين إلى أن مشيئة الله من مشيئة الإنسان الذي غفِل عن أهمية فهم القرآن كأداء على الأقل، أي كصوت وقدرة هذا الصوت على الشفاء مثلاً لا حصراً.

لا تقرأوا القرآن بغير لغته كي تحصلوا على الفوائد المرتجاة.. وليكن لكل منكم بعض معرفة بعلم الرقم والحرف لينجيَ نفسه.

نضال الأحمدية

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار