بحلقةٍ لا نود استهلاك أوصافنا لها، فاطلاق لقب الاستثنائيّةٍ عليها، بل نريد المزيد من المعجم، لكنّنا نعجز عن ذلك، لا لضعفِ اللغة، بل لشدّةِ الإبهار.

حلقةٌ غير عادية، عنوانها إليسا بل ضيفتها، عبر برنامج (أغاني من حياتي)، الذي تقدّمه قناة (أم بي سي).

فكرته المحوريّة تدور حول استقبال أهم نجوم الشرق ليغنّوا أجمل أعمالهم، وأحيانًا تتسع الفقرات الغنائيّة لتضم أعمالَ المنافسين كذلك.

إقرأ: إليسا تبكي شوقًا لوالدها – فيديو

بحضورِها الذي يخترق التصنيفات بوقارهِ واتزانهِ وهيئته الملكيّة، وأدائها المباشر الأنيق الذي أسكت المشككين فصفعهم مصيبًا إياهم بخيبات من الأمل.

عادتْ النجمة اللبنانيّة لترفع بطاقة الانتساب لنقابة نجوم الصف الأول في الشرق، بل حصّنت كرسيها الذي يُوضع أولًَا بين منافسات شرسات، ينافسنّها لكنّهن لا يتفوقنّ على إليسا الأولى بأرقامِها وإحصائياتها ومسيرتها وأرشيفها وثبات أسهمها وقاعدتها الجماهيريّة التي تمتد من المحيط إلى الخليج، بل تشمل بقاعًا أخرى من هذا الكون.

خامةُ صوتٍ فطريًا أكسبتها تفرّدًا، واختيارات أشد ذكاءً انتقلت بها من فئة المتفرّدات إلى المتصدّرات.

أمس إليسا أدتْ أجمل أغنياتها بأجمل أدواتها الصوتيّة، انسجامها مع النغمة، مغازلتها لها، مفاخرتها بها كمالكة اقتنصت حقّ ملكيتها، كلّه أدخلنا في حالةٍ من الطرب العجيب.

نعطيها عن حلقةٍ من العبق الموسيقيّ الجميل، رتبة امتياز مع مراتب الشرف الأولى.

بل رتبة اعتزاز مع مراتب الفخر، أوصلتنا إليها، بعد مسيرةٍ حافلة بالنجاحات والإنجازات.

(مشاعر) لشيرين، فغنّتها بأسلوبها، قالت: (شيرين ملكة الإحساس كما أنا)، لكنّهما خطان فنيّان ثقيلان عظيمان، لا يتلاقيان، لا لكثرة الفروقات، بل لتميّز كلّ منهما ببصماتها، ولخلقهما هويتيْن موسيقيتيْن عربيّتيْن من الفئة العليا، ستتحوّل مع العقود إلى مدرستيْن صلبتيْن في كون الفنّ الشرقي.

نجاحٌ تعزّر بردود أفعال المتابعين عبر لوائح (السوشيال ميديا)، رقميًا توثّق بارتفاع نسب المشاهدات، على سجل (أنغامي)، بتصاعدٍ سريع نحو الصدارة المُطلقة، والإنجاز الجديد يتشابه نسبيًا على تطبيقات الموسيقى الأخرى.

(أخيرًا قالها) أغنيّة عراقية رددها الملايين لسنوات، بصوتِها، أعادتها للحياة، وأعادت إليها الملايين، بنفسٍ أنثوي هذه المرّة، غارقًا في الأحاسيس التي تلاعب انفعالاتنا.

باللون العراقي، ثمّ الخليجيّ الذي يشابهه ببنائه ويختلف عنه بتفاصيل البناء، إليسا لأول مرة تغنّي ببراعةٍ، ما يجعلها ربما تعيد النظر إلى استراتجيّة عملها المُعتمدة، فمحاولة اختراق السوق الخليجيّ، علمًا أنّ شعبيتها هناك أُسست بغنائِها اللهجتيْن اللبنانيّة والمصريّة.

أمام إليسا تكثر المشاعر، وأي مشاعر! ويقلّ الكلام.

فماذا نقول بعد عن إحساسٍ ينضج بعوامل الخبرة المتراكمة، وحضورٍ يملأ مكانه بثقلٍ، وهوية أصيلة صُنعت بجهدٍ، تعيش بفكرٍ، وتصمد وسط موجة المقلّدين؟

اصمدي أكثر وانجحي أكثر فأكثر إليسا، وجودك بيننا حاجة ماسّة وسط كلّ ما نفقده من عظمات..

عبدالله بعلبكي – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار