مسلسل هارون الرشيد، أحرص على متابعتهِ رغم التطويل في المشاهد، ورغم الإنتاج المتواضع لعمل تاريخي بهذا الحجم، مقارنة مع الأعمال التاريخية التي نتابعها حول العالم، والتي تشكل دهشة للعين ومتعة للعقل والقلب معاً. لكن طالما أن هذا عربنا، وطالما هذه درامانا، فعلينا المتابعة كي نفهم أين هي الحركة الثقافية من شعوب مهزومة؟ وهل النخبة تستطيع أن تناطح السلطات وتبين اعوجهها وضعفها وتتفوق عليها لتقولَ لها أنا لست صنيعتكِ!
طبعاً لا.. تأتي الأعمال الدرامية مع مبدعيها بحجم عقول الشعوب الغافية، ويتبين لنا أن المبدع العربي يعاني من ديسك في العامود الفقري.
يقفز كاتب مسلسل هارون الرشيد 16 عاماً متجاهلاً عظمتها في حياة ملك عباسي عظيم شغل الدنيا وما فيها ليدخل مباشرة إلى حقبة تطور مكائد البرامكة، حتى نفهم بصراحة أن العمل لا يدور حول هارون الرشيد بل حول توالي الحقبات بدءاً من الهادي (عابد فهد) وأمه خيزران، مروراً بالرشيد مع انتقال سريع إلى تسمية ولديه الأمين والمأمون حاكمين من بعده ليتغاضى النص عن أي من حياة الرشيد الصاخبة.
إذاً هو مسلسل أقرب إلى توثيقي منه إلى درامي وما لفتني صوت هارون الرشيد (قصي الخولي) الذي تحول إلى صوت عجوز وهو لا يزال في سن الأربعينات أي في عز شبابه. الصوت تغير أما الشكل فلا.
هل يشيخ الصوت في الأربعينات من العمر ليصبح متهدجاً، وتبقى الكتفان منتصبتين كما المشية كما كامل حركة الجسم؟ كان يمكن للصوت الذي يستخدمه قصي الخولي أن يكون مبرراً لو أنه يلعب دور رجلٍ في الستين أو السبعين.