للمرة الأولى في لبنان، افتتح العرض الأول للفيلم اللبناني التاريخي الديني (مورين) بحضور شخصيات من كل الاختصاصات. ذهبنا وكنا على أمل أن نرى صناعة لبنانية قويّة، خصوصاً في حقول الأفلام التاريخية المعدومة عندنا، وأحسسنا بالفخر ونحن نشاهد صورة أقرب إلى العالمية للمخرج طوني فرج الله.

وقبل ذهابنا إلى دعوة الإفتتاح، بحثنا مطوّلاً عن اسم القديسة مورين باللغة العربية واللغات الأجنبية ولم نرَ أي معلومة تتحدّث عن القديسة (مورين) بل عن القديسة (مارينا) ولا أعلم إن كان خطأً فادحاً من قبل صنّاع الفيلم أن يخطئوا بإسم قديسة ولا يقومون “بغوغلة” أم أنها معروفة بالإسمين (مورين ومارينا) فإن كان يعلم أحد فليخبرنا؟

بدأ الفيلم بتطويل شبه ممل. ومشهد بعد آخر استحضر الفيلم إلى أذهاننا قصة القديسة أو الست شعوانة، التي يتعبدها الموحدون الدروز والمسلمون أيضاً ومقامها في منطقة البقاع يؤمه القاصي والداني وهي من أشهر القديسات في لبنان. قصة مورين مطابقة تماماً لقصة الست شعواني أو القديسة شعواني. الست شعواني كانت ابنة أحد الملوك في زمن بني اسرائيل، ما يعني في زمن النبي ابراهيم وابنه يعقوب الذي أنجب 12 ولداً وأطُلق عليهم اسم (بني اسرائيل). وإذا بحثنا أكثر عن تلك الحقبة أو عن ولادة سيّدنا ابراهيم ففيها تضارب كبير جداً، إلا أنّ جميعها حصرت ولادته ما بين العام ألفين وثلاثمئة وأربعة وعشرين قبل الميلاد، أمّا التّوراة فقد أفادت أنّ ولادته كانت قبل ألف وتسعمئة عام قبل الميلاد أي أن قصّة الست شعوانة تعود إلى 4342 سنة أي إلى ما يقارب الألفي عام قبل الكنيسة. ولمن يتساءل كيف حسبنا السنوات فإليكم المعادلة (2324 قبل الميلاد+ونحن في العام 2018 ميلادي= 4342 سنة).

القديسة مارينا درزية أم مسيحية
القديسة مارينا درزية أم مسيحية

قصة الست شعوانة

كان في زمن النبي يعقوب أي قبل ما يقارب الـ 4500 سنة ملكاً عنده بنت صغيرة في السن، وكان الملك في زمانه سبعة من العباد الصالحين، يعبدون الله ووصل خبرهم إلى الملك، فزهد في الدنيا وأراد أن يلتحق بهم ليعبد الله ويترك ملكه وابنته.

فقالت له ابنته (الست شعوانة): خذني معك يا أبتي ولا تتركني وحيدة، فيتصدع قلبي على فراقك، ويتقطع كبدي حزناً عليك، فيكون إثمي عليك أكثر من الثواب الذي ترجوه من ربك”. فألبسها ثياب الرجال بعد أن قصّ لها شعرها وذهبت معه إلى العبادة والتنسك، وبقوا على ذلك زماناً طويلاً حتى مرض الملك، وقبل وفاته بقليل قال لهم أوصيكم بابني هذا والمقصود ابنته الست شعوانه.

وفي ذات يوم بينما كان الغلام (الست شعوانة) في المدينة يبيع الحصر رأته ابنة الملك فأعجبها حسنه وجماله فطاردته بغية ارتكاب المعصية فرفض وانصرف إلى عبادة الله مع العباد. فارتكبت ابنة الملك المعصية مع فتى آخر حتى حملت في بيت والدها الملك فغضب عليها فاعترفت له زوراً أن الفتى المرافق للعباد أي (الست شعواني) هو من فعل هذا بها وقام الملك بتعذيبه ونفاه إلى جبال لبنان مع الطفل الرضيع الذي أنجبته ابنة الملك.

بعد فترة مرض الغلام (ست شعوانة) الذي كان سمى نفسه شعوان، توفي على أثر مرضه واكتشف المؤمنون الذين كفنوه بأنه ليس ذكراً (شعوان) واتضح بأنها أنثى، فجمعوا النسوة لتتولى أمرها.

واشتهر الأمر حتى وصل الخبر إلى الملك، وأيقن بأن ابنته كذبت وتعدت على الست شعواني وعلى العباد، فأمر بقتلها وقطع رأسها ويدار برأسها في الشوارع ويقولوا: “هذا جزاء من صنع الفاحشة وادعى بها على أولياء الله تعالى”.

قصة القديسة مورين

أما القديسة مورين فقد جاءت،إذا بحسب الفيلم، في عهد البزنطيين أي الرومان الذين ألقوا القبض على والدها الذي فرّ من سجنهم بعد تحرّره من قبل العرب، ومن ثم دخل دير الرهبنة ليعبد الله تاركاً ابنته مورين مع جدّها الراهب قبل أن يعود والدها ليشهد على مقتل والده وعندها تتعرّف مورين على والدها بعدما أصبحت صبية قررت أن ترافقه إلى الدير على شكل صبي فقصّت شعرها ولبست بدلة الحرب وذهبت إلى الدير وبعد سنوات ذهبت برفقة أحد الرهابنة إلى بيت يبيع الكحول ووقع الراهب بالخطيئة بعد أن أغرّته إحدى الفتياتن، إلا أن مورين لم تفشِ عنه وقررت السكوت، وبعد أشهر جاءت صاحبة المحل (التي تجسد دورها تقلا شمعون) وهجمت على الدير وطالبت برؤية الرئيس وقالت له بأن أحداً من الرهبان اعتدى على ابنتها المعاقة ذهنياً فطالب رئيس الدير تقلا شمعون بالتروي وبإحضار الفتاة، فأحضرتها ونتفاجأ بأن تقلا شمعون اتهمت مورين (الذي سمى نفسه مورينو) باغتصاب الفتاة المعاقة (التي فعلاً وبحسب الفليم تم اغتصابها من شاب أخرس واعتقدوا أهلها بأنه مورينو) ولم تدافع مورين عن نفسها وأقرّت بأنها مذنبة كي تسير على خطى المسيح حسب الفيلم.

قصة القديسة مارينا

فيلم (مورين) غيّر الكثير من الأحداث. فالقديسة مارينا، بحسب غوغل، فيحكي أن تلك الأحداث جرت في القرن السادس عشر ميلادي حين عاش رجل صالح اسمه ابراهيم في بلدة القلمون اللبنانية ولكنه قرر دخول الدير بعد وفاة زوجته فرفضت ابنته فراقه وقررت أن تدخل معه الدير متخفية بزي الشبان فقصّت شعرها ودخلت الرهبنة تحت اسم الأخ مارينوس. وقد عيّن الأب الرئيس الأخ مارينوس ليساعد الراهب في حمل البواكير المقدمة إلى الدير. وفي طريق العودة باتا ليلتهما في خان قديم من بلدة طورزا. وكان لخاناتي طورزا فتاة نشأت مع زبائن الخان على غير تهذيب، فتورطت بعلاقة مع أحدهم. ولما خافت ووالدها من العار، اتفقا على اتهام الراهب الشاب، ونسب الولد إليه، فيتكفّل الرهبان بتربيته..

ان تشابه الأحداث بين الست شعواني (للدروز) والقديسة مارينا تشكل جسراً للتقارب بين الأديان.. خصوصاً أن للست شعوانة مزاراً في منطة العمّيق في البقاع الغربي، أما الكهف الذي كانت تعيش فيه القديسة مارينا فموجود في وادي قنوبين ورفاتها ستأتي إلى لبنان بعد أشهر من إيطاليا. كما ذكر الفيلم ناسباً الأمر لمورين!

سارة العسراوي – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار