منذ 9 سنوات -
هل تعلم ما معنى أن مدير الكون لبناني الأصل؟
-
ابن الشاعر إيليا أبي ماضي أتى ليستعيد هويّته فصعّبوها عليه.. بينما جنّسوا مئتي ألف شخص.
-
أفضّل التعامل مع الأرمن لأنّهم مهنيون أكثر من العرب..
-
رفض السفير اللبناني أن يحضر المهرجان بسبب الحساسيّةالشرق منذ مئة وخمس سنوات يصنع الأفلام ولم يستطع أحد أن يؤلّف (MESURE)
* متى حصلت على أوّل جائزة موسيقيّة؟
– حصلت عليها في العام ١٩٦٤ عندما أتى أساتذة كبار في الموسيقى الكلاسيكية من الكونسرفاتوار الألماني الإيطالي والفرنسي وأقاموا مسابقة. كنت حينها ولداً، وكان المتبارون كباراَ في السنّ (٦٠ و٧٠ سنة). واستطعت أن أحرز المرتبة الثالثة. أمّا الجائزة الثانية فكانت من تلفزيون لبنان، سلّمني إياها الأستاذ بيار جدعون (رحمه الله) في برنامج للأغنيات الأجنبيّة.. ثمّ اشتركت في مسابقات عالميّة، ونلت أهم الجوائز.
* عائلة الرحابنة معروفة بتعاملها مع الموسيقييّن الأرمن، لماذا؟
– أفضّل التعامل مع الموسيقيّين الأرمن لأنّهم مهنيون أكثر من العرب، فالموسيقي الأرمني يدرس عشر سنوات قبل أن يعزف خلف أي فنّان.
* في العام ١٩٦٩ حصلت على جائزة عالميّة في اليونان، كيف؟
– في البداية لم يحترمونا، فوضعونا في فندق درجة ثالثة. أما الباقون فكانوا في فندق خمسة نجوم. قمنا بزيارة السفير اللبناني في اليونان. كان أصلعاً وقصيراً، نظر إليّ وسألني بسخرية: «مين رح يدقّ»؟ فوجئت بسؤاله، فشرحت له أننا سنمثل لبنان في هذا المهرجان وسنغنّي La guère est fini (قاطعني بسؤال) لمَ التفلسف؟ شاب لبناني سيغنّي باللغة الفرنسية أمام الآلاف من المشاهدين.. كيف ذلك؟! دعوته إلى المهرجان لأثبتَ له العكس، فرفض بحجّة الحساسيّة من الهواء الطلق.
* لماذا لم تدعمك الإذاعة التي كنت تعمل فيها؟
– دعمتني مثل كلّ الصحف التي رشّحت لبنان للفوز في ذلك المهرجان، وفي اليوم التالي، حصلت على تلك الجائزة. والغريب في كلّ ذلك، أن ادارة الإذاعة حسمت من راتبي مبلغ مئتي ليرة لبنانية بحجّة غياب أسبوعين عن العمل!
* هل يسير ابنك جاد الرحباني على خطاك؟
– تمكّن من نيل ثلاث جوائز عالميّة خلال ثلاث سنوات. فاوضته الحكومة الفرنسية أن يمثّلها في الـ . Euro-vision. هذا هو الشرف اللبناني المطمور، لأن المسؤولين «ما بيعرفوا كوعن من بوعن» وتهمّهم جيبتهم فقط..
* هل تساعد جاد وغسان؟
– منذ صغرهما، يجلسان إلى جانبي ويهتمّان بالموسيقى. إضافةَ إلى ذلك، درسا الموسيقى فأصبحا عالميّين. مسرحيّة غسّان «هنيبعل» من أهم المسرحيّات التي ظهرت في الشرق. أمّا مسرحيّة «كما على الأرض كذلك من فوق» فمهمّة جدّاً.
* هل دعمك أخواك عاصي ومنصور؟
-في الوقت الذي لم يكن هناك ألعاب للأولاد كنت ألعب بالبحص بالقرب من مدرسة «عبرين» للراهبات الأنطونيّات. وبما أنّ الولد لا يسأل من أين يأتي الهواء والشمس والليل والموسيقى، كنت أرتّب البحص الذي من خلاله، كنتُ أؤلف الموسيقى.. صحيح، شقيقاي عاصي ومنصور مدرسة بحدّ ذاتها، وكذلك توفيق الباشا وزكي ناصيف الذين غيّروا الشرق لأنهم متعلّمون وموهوبون. وفي الـ ١٩٤٥ بدأت هذه العائلة تنتج، عندها لمس المصريون التغيير في الموسيقى. فزار الموسيقار محمّد عبد الوهاب عائلة الرحابنة.
* ما هي الموسيقى التي تفضّلها؟
– لا أستمع إلا للموسيقى العالميّة التي أضعها في سيّارتي.
* لحّنت مسرحيّات لعاصي ومنصور؟
– في التاسعة عشرة من عمري كانت الحياة أجمل. كانت الإذاعة الإنكليزية «الشرق الأدنى»، وهي من أهم الإذاعات في الشرق، تقدم عدداً من برامجها باللغة العربية. وطلبت مني ٤٠ أغنية و١٣برنامج تمثيلي للإذاعة، نفذتهم وقدمت ألحاناً لخمسة عشر مغنّياً. لقد أحضرتُ الإعلان إلى الشرق، وأنا في العشرين من عمري، وكنت مسوؤلاً عنه في كافة الدول العربية وإفريقيا.
* لماذا لا يذكر في كلّيات الإعلام في لبنان أنك من أدخلت الإعلان إلى لبنان؟
– لا يدرّسوا حتى جبران خليل جبران رغم أنّ كتابه في أميركا يعتبر الثاني بعد الكتاب المقدّس. وأكثر من ذلك، هناك أربعة عشر عالماً لبنانياً في النازا. مثلاَ «عشّي» زارنا منذ أكثر من عام هو مدير الكون. هل تعلم ما معنى أنّ مدير الكون لبناني الأصل؟ كما أن ابن الشاعر إيليا أبي ماضي، الذي يحسب كيفيّة نزول الصاروخ على المرّيخ ومدى سرعته، أتى كي يستعيد هويّته. تخيّل يريد استعادة لبنانيّته. صعّبوها عليه، فشكرهم وغادر. وفي المقابل، جنّسوا مئتي ألف شخص..
* إذاَ هنالك مشكلة؟
– نعم.. أتعلم ماذا يريد هؤلاء المشرفون على لبنان؟ (يضحك) أنا ما بحبّ القتل، فليذكروا ماذا فعلوا الأرمن منذ ثماني سنوات بنوّابهم؟
* قال الأستاذ ريمون جبارة إن لبنان أصبح مسرحيّة ملوّنة ومسلّية للعالم.. ما رأيك؟
– لكنّ الناس يموتون. وإن بقينا على هذا الحال سيضمحل لبنان.
* كم جنيت من الفن ؟
-«نحنا ما معنا مصاري.. مديونين» وأكبر دليل أن هذا الأستوديو مرهون. أريد من كلّ اللبنانيّين أن يعلموا أنّ كلّ الموجودين في الدولة من رئيس الجمهوريّة حتى آخر واحد في تلك المؤسسة موظّفون..
* نفّذت عدداً كبيراً من الموسيقى التصويريّة منها «ألو حياتي» و..
(يقاطعني) «لا تقولي وداعاً».. وعدداً كبيراً من الأفلام المصريّة كـَ: «حبيبتي»،«دمي» و«دموعي».
* الى أيّ مدى تنجّح ألحان البرامج؟
– الحمد الله، التاريخ أنصفني. فالشرق منذ مئة وخمس سنوات يصنع الأفلام ولم يستطع أحد أن يؤلّف MESURE/جملة موسيقيّة واحدة.. أمّا ألحاني فكسّرت الدني.. ألف رحمة على أنطوان ريمي الذي قال لي إنّ «ألو حياتي» كان ضعيفاً من حيث الكتابة.. لكن الموسيقى هي التي أنجحت البرنامج.
* دعمتَ أكاديمية روتانا الموسيقية وفجأة حُذِف اسمك منها.. ما السبب؟
– عرض عليّ توما خوري تأسيس جامعة موسيقية اسمها «فايم أكاديمي». هذا المشروع كان قيد التفكير منذ ٢٠ عاماً، ولكننا لسنا بارعين في الإدارة. كُنت العميد، وعندما شارطني على السعر لم أُعارض. قلت له: كما تُريد. فأنا لا أُعرقل العمل من أجل المادة. فجأة تغير اسم المدرسة، وأصبحت روتانا أكاديمي. وعندما سألته عن السبب قال إنه اتفق مع روتانا التي دفعت له مبلغاً كبيراً جداً.
* (أقاطعه) انسحبت؟
– لم أنسحب.. طلبت من توما ألا يغلّي التسعيرة على الطلاب، ونحن سنعطي طلابنا عشرين ساعة أسبوعياً، لم يرضَ بل ضاعف السعر الذي وضعته، وربح من الطلاب حوالى المئتين والخمسين ألف دولار. وبعد شهرين من افتتاح الأكاديمي، غيّر الإعلان وخفّض مدة الدراسة من عشرة إلى خمسة أشهر. لقد أراد أن تهاجمني الصحافة بتهمة الكذب، فقلت له إنّ ذلك غير مسموح، فأجابني: «هذه هي وجهة نظري كرجل أعمال» فأجبته: « هذا ليس ssenisub.. هذا عيب».
وعندما ذهبتُ إلى الاستوديو، كتبت نص استقالتي الذي تضمّن «أنا لا أستقيل لأجلي بل لاسم روتانا، لأني أحترم كل من أتعامل معهم، أحترم الأساتذة والطلاب.. لذا أرجو قبول استقالتي».
* وانتهى الموضوع..
– كنتُ سأزعل منهم لو لم يحترموا الخطوة التي قُمت بها.
نور عساف – بيروت
)
