استضافت أمل عرفة في برنامجها (فيه أمل) الذي يذاع على قناة جديدة في سوريا واسمها (لانا) الكوميدي اللبناني هشام حداد الذي رفض أنه كوميدي وقال: أنا شخصية متهكمة ولست كوميدياً.

على مدار اللقاء -ساعة- كان هشام يمرر بعض الكلمات باللهجة السورية وهذا بدا غريباً جداً، لأنه غير مبرر على الإطلاق، ذلك أننا نتحدث مع المصري في مقابلات مصرية بلهجته، كي يفهمها هو أو المتلقي.. أما السوري فإنه يغني فيروز باللهجة اللبنانية المستغرقة في المحلية، أفضل منا، ثم أن اللهجتين اللبنانية والسورية قريبتين جداً.

مرةً لم نشاهد سورياً يتحدث باللهجة اللبنانية إلا من باب المزاح.. لكن هشام كان عالقاً غارقاً تحت سيطرة وهيبة أمل فانساق للسوري بلهجته وبالغ.

وحين تحدث هشام عن ابن الشارع سارعت أمل ودافعت عنه، أنه ليس ابن شارع ولم يدافع هشام عن فكرته، وهو يتحدث عن الشارع الذي كبر فيه.

عبارة (ابن الشارع) تم تكريسها لزمن طويل على أنها شتيمة.. وهي في بعدها الحقيقي لا تصف إلا الناس الذين أمضوا جزءًا كبيراً من حياتهم على الشوارع لا في القصور ولا تنقلاً في السيارات الفارهة.

ابن الشارع هو ابن الأرض الطيبة، هو رفيق المساكين الذين يشكلون 98 بالمائة من أصل الشعوب، التي تمضي عمرها على الشوارع، تعمل وتتنقل وتلعب وتتأمل وتتألم وتكتب وتحرض وتقود الأمم إلى الانتصارات ومن أبرز وأهم أولاد الشوارع كان غيفارا.

ابن الشارع لا يلعب مع رفاقه في النوادي الذهبية، التي لا يملك أن يدفع اشتراكاً للانضمام إليها.

يتنقل ابن الشارع، من بيته إلى مدرسته، ومن مدرستهِ إلى عمله في مطعم أو موقف سيارات أو غيرهما، ومن عمله إلى المستشفى، ليزور أمه الملقاة على سرير درجة رابعة، فيقدم لها الورود ويقبّل يديها وقدميها، ويسرع عائداً إلى الشارع، الذي يسلكه مشياً على الأقدام، إن اضطر، أو بالسرفيس الرخيص، عائداً إلى بيته الفقير، حيث ينتظره أخوته الصغار ليشرف على تعليمهم دروسهم، والاستماع إلى شكوى كل واحد منهم، وينام ساعات قليلة ليجد نفسه في اليوم الثاني على الشارع.

كل العمالقة جاؤوا من الشوارع والأزقة لا من القصور.. الشارع ليس تهمة.. بل كيف تم توظيفهِ لفظياً، لصالح أولاد الاقطاعيين على مر تاريخ العرب وصار الشارع لطخة!

أنا ابنة شارع، وها إني أكتب هذه المقالة على الشارع، أجلس واللابتوب في حضني أحتسي القهوة في الاشرفية، وحين شاهدت الحلقة كنت أركب الباص إلى مارشربل، وكنت أشاهد أمل وهشام على الشارع لا في صالون بيت درجة أولى، وسأنهي المقالة هنا لأن رفاقي ينتظرونني على الشارع الثاني سنذهب معاً لزيارة مجموعة من النازحين السوريين المرميين على الشوارع، وكان هؤلاء “السوريين الشارع سريرهم والسماء لحافهم” أصروا أن يشاركونا زيارة فقراء لبنانيين مرميين تحت جسر الكولا وعلى الشارع.

مارون شاكر – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار