مسيرته الفنية تشهد له بأنّه ذاك الكبير الرائع.. ترك بصمات مميّزة في الدراما السورية التي ساهم في نهضتها.. قصد أمّ الدنيا مصر، فأبدع فيها من خلال مسلسل «حدائق الشيطان» وفيلم «حليم» الذي قاده إلى العالمية عبر مهرجان «كان». حول هذه المواضيع وغيرها، كان لـِ «الجرس» هذا الحوار مع الممثل السوري جمال سليمان.

* الانتقال إلى الدراما المصرية، هل هو خطوة نحو العالمية؟

– لم أتعمد الإنتقال إلى الدراما المصرية، أو الأميركية.. أنا ممثّل تأتيني العروض التي تُرضي غروري حيناً ولا تناسب طموحي أحياناً، وهذا ما حدث مع مسلسل «حدائق الشيطان».. أما بالنسبة لفيلم «حليم»، فلم يكن لديّ طمَع بالذهاب إلى مصر، ولا بالأجر، ولا بحجم الدور، بل كان يجب أن أساهم في هذا الفيلم لأسباب عدة: أهمها تحقيق حلم أحمد زكي، وقد توقّع معظم الناس أنه آخر أفلام الراحل.. ثم إنها لفتة كبيرة من السيد عماد الدين أديب الذي تربطني به علاقة طيبة لأنه ألقى الضوء على مسلسلاتنا السورية من خلال عمله الإعلامي.. كما أن حبّي للمخرج كان دافعاً لأشارك في «حليم».

الممثل السوري جمال سليمان
الممثل السوري جمال سليمان

* ما الفرق بين تقنية الدراما المصرية والسورية؟

– في مصر، هناك عراقة أكبر.. هناك تقدير لجهد الفنان، خبرته وتجربته.. فعندما ينجح الفنّان مرات عدة يصبح وضعه أفضل مما هو عليه في سوريا.. (يتابع) بعد ٢٥ عاماً من الجهد والعذاب في الدراما السورية، لأن عملنا يشبه العمل الفدائي، لم يتحسّن وضعنا كثيراً.. لكن ما يميز الدراما السورية أنه لا يزال هناك شيء من حماسة الهواة.. كما أننا نصوّر بكاميرا واحدة على الطريقة السينمائية.. بينما في مصر، فإن المشهد يُصوَّر بعدة كاميرات لأنه يعطي إنسيابية أكبر، لكننا نخسر الاهتمام بالتفاصيل.. فالأسلوب السينمائي الذي اعتمدته الدراما السورية منذ منتصف الثمانينات ميّزها.

* ما الذي يعرقل إنتاج أفلام سينمائية سورية؟

– سوريا بحاجة إلى مسح أخطاء المرحلة الماضية (قانون حصر استيراد الفيلم السينمائي بالمؤسسة العامة للسينما)، فذلك أدى إلى تردّي مستوى الأفلام المقدّمة، وبالتالي احتجاب العائلات عن الذهاب إلى الالصالات السينمائية التي حُظر تحويلها إلى أي عمل آخر، وبقيت كما هي دون تحديث لأجهزة الصوت والإضاءة.. كل ذلك انعكس سلباً على السينما.

* من يتحمّل مسؤولية هذا الوضع؟

– الدولة وقانونها، إلا إذا قدّمت إغراءات وضمانات معينة.. لذا، قدمتُ مع مجموعة من أصحاب الصالات والفنانين والمخرجين دراسة لوزارة الثقافة لإلغاء عدد من الضرائب والرسوم، وإعطاء المحافظة تراخيص بهدم بعض الصالات السينمائية وإنشاء أبنية كبيرة مكانها، مجهّزة بشكل جيّد.

الفنّان السوري جمال سليمان كرّم على مسرح الروّاد
الفنّان السوري جمال سليمان كرّم على مسرح الروّاد

* ما دور الإعلام في سوريا حيال ذلك؟

– يُعدّ الإعلام إنجازاً كبيراً بالنسبة للإمكانيات السورية.. فقد سمح لعشّاق السينما، في سوريا، مشاهدة أفلام لا يستطيعون رؤيتها في الأحوال العادية.. وقمتُ بإخراج عرض الافتتاح والختام مرات عدة، لأنّ هذه التظاهرة لا تنتج، إلا اذا عملنا دون حساب.. (يتابع) مهرجان سوريا السينمائي أكبر من السينما الموجودة لدينا.. وقد انزعج البعض مما أقوله، لكني أؤكد أنه من المهم أن نصنع تظاهرات سينمائية ونستورد سينما عالمية، لكنّ الأهم أن نكون منتجين للسينما..

* شاركتَ مع سلاف فواخرجي في مهرجان «كان»؟ هل قصّر الاعلام السوري في تغطية الحدث؟

– كانت هي المشاركة الأولى لي في هذا المهرجان الضخم.. لا يكفي أن تكون فناناً عظيماً، فالأهم أن يعرف الناس أنك عظيم، وهذا ما يفتقده العرب.. يجب أن ندرك أكثر عالم التسويق.. في «كان»، لا يوجد شيء اسمه «صدفة»، فالتحضير لا يكون قبل ليلة، بل قبل أسابيع وأشهر.. وإن كانت لديك الإتصالات الصحيحة والميزانية المناسبة والأعمال الجيدة تستطيع الوصول إلى العالمية.. اكتشفت أنّ الإهتمام بأعمالنا أمر مهم لتغيير نظرتهم تجاهنا.. نحن غائبون! أما بالنسبة للإعلام السوري، فتعامل مع الحدث بشكل مختلف وقد شاهدتُ، بالإضافة إلى الإعلام الغربي، عدداً من الصحافيين والتلفزيونات العربية وتمنيت لو رأيت أيّ إعلامي سوري.. لكن، ويا للأسف لم أجد!

النجمة السورية سلاف فواخرجي
النجمة السورية سلاف فواخرجي

* آخر لقاء أجريته مع صحيفة رسمية؟

– كان منذ فترة طويلة، مع صحيفة «الثورة».. إعلامنا الرسمي أصبح مزارعاً! تربطني علاقة جيدة بجريدة «تشرين»، لأنه ليس لصحافييّها موقف من جمال سليمان عكس التلفزيون السوري وجريدة «الثورة»، حيث يوجد نوع من الشخصانية بالعلاقة، على الأقل معي أنا.

* كيف تجلّى لكَ هذا الموضوع؟

– عند سفري إلى مصر لتصوير «حدائق الشيطان»، كُتب كلام جميل عني أكثر مما أستحق. فهناك صحافي كتب: «جمال سليمان وجمال عبد الناصر، يعني أنه لا يجوز أن يلعب دور الرئيس جمال عبد الناصر إلا جمال سليمان»! هذا الكلام أكبر من حقيقة حجمي وقيمتي.. لكن هناك أصوات قالت: «لماذا ذهب جمال سليمان إلى مصر؟ هل أجره أقلّ في سوريا»؟ الصحافة الرسمية السورية نشرت ذلك، وكأنها لم تقرأ الأخبار الأخرى عني.. فمن الواضح أن إدارة التلفزيون الحالية لديها حسابات شخصية مع الناس، وهذا شأن عام.. لا أريد إسقاط مشاعري الشخصية.. هم أحرار عندما يمتلكون محطة تلفزيونية من مالهم، لكن هذا المال مالنا وهذه المؤسسة مؤسستنا وهذا التلفزيون لنا!

* هل تحزن عندما تقرأ عبر الشريط الإخباري أنّ فايز قزق ونضال سيجري نالا جوائز عالمية ولا تقرأ عن مشاركتك وسلاف في «كان»؟

– لا أريد تحويل الموضوع إلى شخصي.. لكن يفترض أن تقدّرالصحافة فناناً عمل أكثر من ٢٥ سنة وساهم بصعود الدراما السورية..

* هل هناك أعمال قدمتها تحكم عليها بالفشل؟

– أقول إنها كانت أقلّ مما أتمنى، مثل «سحر الشرق»، رغم الجهد الكبير لكاتب العمل المرحوم عمار ألكسان ..

نضال سيجري كتب عن الوطن قبل وفاته
نضال سيجري كتب عن الوطن قبل وفاته

* من يتحمل المسؤولية؟

– أتحملُ جزءً من المسؤولية.. يجب أن نتعلّم أننا شركاء في النجاح كما الفشل.

* نرى اليوم دخول وجوه شابة، فهل هذا يعني إنهاء عصر الكبار، أم هي دورة حياة؟

– لا ينتهي دور أحد إلا إذا أراد هو ذلك، لأن أعظم الأفلام والمسلسلات والمسرحيات تضمّ كلّ مراحل الحياة (الجد والحفيد).. المشكلة أنّ الكتابات تنحصر في البحث عن القصص الجديدة أحياناً، فمثلاً: قصص الحب تنحصر بين طلاب الجامعة، فلا نجد أدواراً جميلة مكتوبة لهؤلاء الفنانين. وهذا عيب الكاتب وليس الفنان.

* من تتابع من الفنانين الشباب؟

– أحب قصي خولي، تيم حسن، باسل خياط.

* من الأقرب إليك من هؤلاء؟

– كلهم، هناك أيضاً أندريه سكاف الذي يمتلك موهبة كوميدية عظيمة لكنه لا يمتلك إدارة جيدة.. وكذلك أيمن رضا، وباسم ياخور الذي أدىّ دور نور الدين زنكي، والآن خالد بن الوليد بروعة واجتهاد.. ومن الشابات، هناك كاريس بشار، أمل عرفة، وسلاف فواخرجي.

الممثلة السورية كاريس بشار
الممثلة السورية كاريس بشار

* إجاباتك تتميّز بالدبلوماسية؟

– هناك من لم يعجبني، فلم أذكر إسمه.

* مع مَن مِن المخرجين تحب أن تتعامل؟

– هناك مشوار عمر مع المخرج هيثم حقي، الأستاذ الذي تخرّج على يديه عدد من المخرجين، والذي افتتح مدرسة جديدة في الإخراج في سوريا.. حاتم علي هو أيضاً من أفضل المخرجين في العالم العربي والعمل معه ممتع، بالرغم من عصبيته.. هناك أيضاً هشام شربتجي الممتاز، مع أنني لم أجتمع به في أي عمل.. وكان نجدة أنزور رائعاً بإخراج «نهاية رجل شجاع» و«الموت القادم إلى الشرق»، لكن عندما انشغل بموضوع الإنتاج تراجعت أعماله، وهذا ينطبق على هيثم حقي!

* بعض الممثلين يملكون شركات إنتاج.. فهل يمكن أن نراكَ منتجاً؟

– أنا شريك في إنتاج «ساما»، لكن لا أعرف ماذا يحدث فيها؟! لا أتدخل بتوزيع أي دور يُعرض عليّ، فأنا أستمع كممثل عندما يتصل بي أيّ منتج ويطلبني لدور معين.. وفي العملين اللذين أنتجتهما شركة «ساما»، كان دوري غير مهم.

* يُقال إن جمال سليمان رجل سلطة؟

– غير صحيح، لدي أصدقاء من الأحزاب كافة: الشيوعي، البعث ومستقلّين وأحياناً أختلف معهم في بعض الآراء كما لدي أصدقاء لطاولة الزهر.

وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال
وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال

لستُ رجل سلطة، بل أقف مع كل من يسعى لتحسين بلدنا الغالي.. ولو طلبني أيّ شخص لأقدم شاي أو قهوة وأجلس أمام مكتبه، أقبل ذلك فقط لأنه يساهم في إعمار البلد.. كنت أتمنى مثلاً أن تنتهي إصلاحات ساحة الأمويين بوقتٍ أسرع كأي مواطن سوري.

* ماذا تقول لوزير الإعلام الدكتور محسن بلال؟

– سلام وتحية.

* السيد حسن نصر الله؟

– أبارك له الانتصار، لأنه رفع رؤوسنا ورأس كل عربي.

السيد حسن نصرالله
السيد حسن نصرالله

* سلاف فواخرجي؟

– إنسانة عزيزة، لكني كنتُ أتمنى أن تقلّل من ظهورها هذا العام.

* أيمن زيدان؟

– أوجه له تحية، مع أننا بقينا فترة طويلة لم نتحدث مع بعض، لأنه يعمل مع شركة الشام للإنتاج التلفزيوني.. ولكن بعد انتهاء عمله مع هذه الشركة اتصلنا ببعضنا.

أيمن ينادي ابنه نور ولا يسمعه
الممثل السوري أيمن زيدان

* في منزلك، وسام تعتز به وباقتنائه؟

– قررت الحكومة الفلسطينية تكريم مجاهدي ١٩٣٦، فصمّمت وساماً من المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وخريطة فلسطين مع السيفين والتاريخ.. ولم يكن المجال متاحاً لتصنيعها في بلادنا آنذاك، فصُنعت في فرنسا، ووصلت عن طريق بيروت إلى سوريا.. قامت حرب ١٩٤٨ وبقيت الأوسمة في مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية بدمشق.. وبعد إغلاق المكاتب، وسفر أبو عمار لتونس، ووصول أبو مازن وإتمام الصلح قررت المنظمة افتتاح المكاتب وتجديدها، فوُجد صندوق يحمل هذه الأوسمة.. ولاحقاً، تمَّ إخبار المرحوم أبو عمار بذلك، وكان يتابع مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، فقرّر إعطاء أسرة العمل أربعة أو خمسة أوسمة، حصلت على واحد منها.

* كم يعنيكَ هذا الوسام؟

– له قيمة معنوية كبيرة بالنسبة لي، لأنه كان من المفترض أن يُعلّق على صدر ثائر فلسطيني قاتل خلال ثورة ١٩٣٦ ضدّ المشروع الصهيوني.

ثائر العجلاني وعلام درغام (مكتب الجرس/ دمشق)

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار