كانت نجمة جميلة جدا وناعمة مثل الأفعى، إذ لا تتوانى عن لسع كل من تسول له نفسه الإقتراب من دائرة الضوء التي تحيط بها، أو حتى من معارفها الزبائن الذين يطلبونها كوجبة دسمة لموائدهم العامرة..

هذه النجمة أتت من قاع المدينة الذي يحتوي على أشكال وألوان من الأجناس والأنجاس، وبقدر ما يوجد من معذبين على وجه الأرض يوجد بالمقابل بالمقابل من اختاروا لأنفسهم الخطيئة سبيلاً للوصول لمآربهم وغاياتهم..
عندما تفتحت عيناها على الحياة وجدت نفسها وسط عائلة مفككة، الأب على خلاف دائم مع الأم المسكينة التي كانت ترتضي الذُل والإهانة كرمى لأولادها الذين إستفاقوا ذات يوم على مفاجأة، لم تكن على بال أو حِسبان وهي هروب والدهم من المنزل..

طال البحث عنه، فأعتقدوا للوهلة الأولى أن مكروهاً أصابه أو مصيبة، وتبيّن بعد فترة ليست بطويلة أنه ارتبط بأخرى وغير ديانته لأجلها، وأنجب منها بنتاً، ما جعلة يتلهى عن عائلته وزوجته الأولى، وإبنتيه وإبنه الوحيد، الذي غرق في عالم الإدمان، بينما البنت الكبرى عرفت كيف تستخدم جمالها، وما إكتسبته من العلم، لتعمل في إحدى وكالات الأزياء، وتتحول إلى موديل، لكنها فشلت ولم تُحقق أي شهرة، لأنها ببساطة كانت لا تتقن فن العلاقات العامة فاعتزلت عرض الأزياء.

بينما الصغرى أي نجمتنا المقصودة بالحكاية، فكانت أكثر ذكاءً، وعرفت كيف تُجيّر ذكائها لتدخل عالم الأضواء، ليقينها أنه سيدر عليها المال الكثير، خصوصاً وأن معايير الفن اختلفت وأضحت تناسبها بحيثيات عدة، فكان أن دخلت عالم الإعلانات، وعالم الموديل في كليبات المطربين، ثم تجرأت ودخلت عالم الغناء الخفيف، وبات اسمها يتردد في الأوساط الفنية والإعلامية، فعمدت على الفور للخضوع لأكثر من عملية تجميل، لإخفاء العيوب والديفوهات في وجهها وجسمها، كما سلخت جلدة بشرتها التي يغطيها كلف وبعض لون أزرق، فبدت جميلة ومثيرة، وصارت تُدعى للحفلات التي تدر عليها الكثير من الدولارات. صودف أن التقت بصديق لها من أيام الدراسة، كان أصبح مصوراً مشهوراً في عالم الفن، وعدها بالمُساعدة، والتقط لها مجموعة من الصور وبمختلف الأوضاع، Positions التي تُظهر إمكانياتها ومفاتنها، وراح المصور يوزع الصور على المنتجين الذين يعرفهم، وما هي إلا أشهر قليلة، حتى جاءتها الفرصة على طبق من ذهب، إذ طلبت للمشاركة ببطولة فيلم مع نجم كبير كان سبباً بشهرتها الواسعة.

طبعا نجمتنا لم تتردد في قبول الشروط التي وضعها كل من النجم والمنتج، إذ عمدت لتقديم نفسها لكليهما على فراش المتعة، لاسيما النجم الذي خصص لها دعاية مميزة بفيلمهما، وهي بالمقابل عرفت كيف ترد له الجميل على طريقتها الخاصة والمثيرة في آن.

تحولت الفتاة المغمورة إلى نجمة كبيرة، وأصبحت القاسم المشترك في الأعمال الفنية، دون أن تمانع في أن تكون الرفيقة لصُناع مطلق عمل تشترك به، ثم تنتهي صلاحية تلك العلاقة مع انتهاء تصوير آخر لقطة.

وسعت النجمة العاهرة دائرة معارفها، وغنت في مهرجانات كبرى، ومثلت في أعمال عدة، وأصبح لها تسعيرة معينة، وتعدت مرحلة (الديليفيري).

"زغزغت" الأضواء عينيها، وأعمى الجشع قلبها، فتحولت لمُستبدة، تريد السيطرة والإستئثار بكل شيء، صارت تتكبر على شقيقتها بدلاً من أن تدعمها، وتتنكر لشقيقها، وتوجه له الشتائم والإهانات كلما طلب منها مساعدة، الأمر الذي جعل فتيل الخلاف يشتعل في العائلة خصوصاً انه في ذلك الحين ظهرت الأخت غير الشقيقة للنجمة من جهة الأب ودخلت عالم الفن بدورها، وبإيعاز من الوالد، الذي أراد الإنتقام من ابنتة النجمة التي كانت تتحدث عنه بالسوء. انتهز الأخ الفرصة وعقد اتفاقية مع أُختة غير الشقيقة، وتحالفا ضد أُختهما النجمة بغية الإنتقام منها.

ساعد الشقيق شقيقته ودلها على زواريب الشهرة، وسبل الإسرع للإنتشار والوصول الى القمة، وراح يروّج لإسمها بين الزبائن، أي أصحاب المقامات الرفيعة، والأثرياء والمنتجين والمخرجين الذين وجدوا فيها كل الفتنة والجمال والدلال، ما جعل اسمها يكتسح الساحة، خصوصاً وأنها صغيرة في السن، وجميلة، فطغى حضورها وكذلك نجوميتها على أختها النجمة، التي صارت أسهمها تتراجع، ما أتعب أعصابها فصارت تغير لون شعرها كل إسبوع، وتعتمد لوك "مفرقع" بغية لفت الأنظار نحوها، ثم اتخذت لنفسها مكتباً إعلامياً خاصاً كي تروّج من جديد لإسمها و كي تستعيد تألقها في السهرات الخاصة وغير الخاصة، لكن لا حياة لمن تنادي، لكنها لم تتعب فاتفقت مع صاحب مؤسسة كبيرة في مجال الميديا على أن يدعمها من جديد مقابل مبلغ معين إتفقا علية سلفاً.

وبالفعل سخرّ لها صاحب الشركة، كل علاقاته ومعارفه، ونجحا لفترة في تنفيذ صفقات محرمة لم تفلح في أن تعيد لها وهجها في عالم الفن الرخيص، وصار الطلب يُقل عليها من جديد.

عندها حولت نشاطها من الأثرياء الى الثريّات المُثليات اللواتي وجدن عندها ملاذهن فأمطرنها بالهدايا والمال دون حساب، وهي بالتالي قدمت لهن المتعة واللذة المحرمة، وعمدت إلى إسترجاع مكانتها من خلال تأسيسها لشركة إنتاج تُنتج أعمالها، لكنها أصبحت بالوقت نفسة نجمة الشذوذ بالسر، وفي العلن تجاهر بعلاقاتها مع هذا النجم وذاك المخرج، كي تبقى بنظر جمهورها حبيبة الأثرياء وليس الثريات.

  ابتسام غنيم

 

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار