قيل (الكلمة الطيّبة صدَقَة).. والكلمة الطيبة هي عبارات بسيطة نألفها ونكرّرها مثل: (صباح الخير)، (يعطيك العافية) و(السلام عليكم)..
وفي مواقف أخرى هي مثل: «ربّي يحميك ويردّ عنك الشريرين»، «يا حبيبي الله يخلّيك أهلك»، «الله يعزّك وما تحتاج حدا»..
وكثيرة هي العبارات الجميلة التي تخرج من القلب إلى قلب من نلتقيهم، فنقولها غير مدركين أنها صدَقَة..
والصدَقة عرفناها من قبل، على أنها جزء من مال نتصدَّق به على الفقراء، وأهمهم وزارة المال في لبنان التي نتصدّق عليها من مداخيلنا القليلة، ولا تردّ علينا بكلمة شكر، بل تعاملنا على أننا إرهابيون، فترسل مفتشيها إلى المؤسسات والأفراد، وتتعامل معهم كسارقين مطالِبة بحقوقها، متهمة المواطن دون دليل. وهكذا تتحوّل صدَقَتنا عليها إلى «تشبيح» منها، هي التي «تشبِّح» علينا «مكشِّرة»، ولا تعطينا إلا لعنة أننا مواطنون لبنانيون “مدعوسون”.
الصدَقَة لم تعد تنحصر بدفع المال، ولا بالكلمة الطيّبة، بل أُضيفت إليها الإبتسامة بوجه الآخر، وهي خير الصَدَقات.
وتقول العلوم الحديثة إن الإبتسامة التي تهديها لمن تلتقيه، تشيع في قلبه الطمأنينة. حين تجرّب ستتأكّد من أنّ العلماء على حق..
جرّب كما بدأتُ أفعل أنا، بدل أن أكمل في تمرينات الإبتسامة فأقع في حالة ضحكٍ هستيرية، وأخاف أن يدخل أحدهم من عائلتي غرفة نومي فجأة، ويقولون: «البنت جنّت»..
جرِّب.. حين تستفيق صباحاً وقبل أن تفتح عينيك، إبتسم..
وان كنت لا تملك القابلية على الإبتسامة، حاول بكل جهد، فستنفرج العضلات المحيطة بشفتيك، وستشعر بالأمان، وأنت تتخيّل أن الدنيا بخير.
وهكذا فإن أول من تتصدّق عليها حين تبتسم هي نفسك، التي تحتاج إلى الذكاء والعلم والوعي، كي تشعر بأنها نخبوية وآمنة.
وحين تعرف أهمية التصدّق على نفسِك، تفهم أهمية أن تتصدَّق على الآخر.
الإبتسامة أنجح دواء للفرج ولاجتذاب الفرح والنصر والعافية، وهي ضرورة ملحّة مثل الدموع..
لكن دموعنا لا يمكن أن نذرفها إلا سراً. وأهمية ذرف الدموع أنها تزيل الغضب، وتنظّف القلب، وتهدئ الروع، وترفع من منسوب الوجدان الجميل.
حين تبكي ولو زعلاً، ستشعر بعد قليل بالفرج، وبأنك لم تعد راغباً بالإنتقام كما كنت.
ومن علّم الرجال أن الدموع عيب، فهم الأغبياء والجهلة.
لذا أنتج المجتمع أكبر معدّل من الجريمة والذكورة المريضة الغاضبة التي ترفض البكاء.
ولذا فإن الذكورة تقتل وتعتدي وتؤجرم، وهكذا يخرب الكون بفعل لاإنسانية الذكر الحامل لثقافة أجداده، الذي أخطأ بفهم أهمية ذرف الدموع، واعتبرها عاراً وضُعفاً..
وما زلنا حتى الآن، نعيّر رجلاً بكى علانية، ولا ننسى حادثة رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة حين خطب في لبنان وبكى على المسرح، فعيّروه بدمعته، وما عرفوا أن الدمع وقارٌ فوق وقار.
إدمع في السر، كي تسلم في العلن.
وابتسم في العلن كي تعالج نفسك من الاكتئاب، وكي تستقر نفسياً، وكي لا تصاب باهتزازٍ عصبي.
حين تغضب، فإنك تعجِّل في استحضار شيخوختكَ، وعجزِك وبشاعتك، ولن تحصد إلا سوء أعمالك الناتجة عن الغضبـ الذي حذرنا منه الامام علي (إياكم والغضب).
وأنت لا تعرف (وأنا أيضاً لم أكن أعرف) أنه حين تغضب، سينفر منك من يعشقك لأسباب يجهلونها. لكن العلم كشف الأسباب، وهي أنك حين تغضب فجسدك يفرز مواداً كيميائية يلتقطها من حولك فينفر منك.
حين تغضب.. فإن وجهك الذي يحتوي على حوالى ٨٠ عضلة، سيشارك في التعبير عن الغضب البشع، وستصبح أنت مثل عضلات وجهك، ومثل الغضب المقيت.
بينما الإبتسامة لا تحتاج إلا لعدد قليل من عضلات الوجه التي تشتغل بهدوء ولطف ودماثة وجمال.
علماء البرمجة اللغوية العصبية أكّدوا أن الطريق الأقل كلفة للنجاح هو الابتسامة.
إبتسم حتى ولو كنت غاضباً، حتى وإن كنت لبنانياً أو عربياً مقهور.
جرب الآن، واعتمد أسلوباً تدريبياً تنتقيه بذكاء وحنكة..
ولنكفّ عن أخذ الحياة كما هي.. كي لا تأخذنا كما نحن..

نضال الأحمدية Nidal Al Ahmadieh

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار