(صارو مية) برنامج تثقيفي فنيّ ترفيهي يحتل الصدارة الرقميّة ويقدّم مضمونًا راقيًّا للمشاهدين.

يحصد النسبة الأعلى من المشاهدات الإجماليّة، فينتصر بلعبة الـ(RATE)، لكنّه يطرح رسائل هادفة توعويّة تعرّف الأجيال الشابة على أهم مراحل تكوين هذا الوطن وأسمى رموزه.

(صارو مية) يُعرض أسبوعيًا مساء الجمعة، تقدّمه المذيعة نبيلة عوّاد، فيما يشرف على التقارير بصوته وإعداده المحترفيْن، المذيع جان نخول.

سير كثيرة تُطرح على موائد المشاهدين، تغذّي عقولهم التي أصابتها أمراض عصرها لتتفشّى داخلها، من عوارضها السطحيّة، التفاهة، التقليد، الاضمحلال وغيرها.

الحلقة الباهرة التي أجلست اللبنانيين متسمّرين أمام الشاشات أمس، كرَّمت الشحرورة صباح، وكُرِّمت بها.

قدّمت نبيلة الحلقة كعادتها بسيطرة تامة على لغة جسدها، بغياب تامٍ لأي آثار عن توترٍ أو اهتزاز نفسي ما، بثقةٍ عالية بنفسها، لتتحكّم بكافة مفاصل البرنامج.

أما جان نخول فأصبح صوته الجميل يرافق اللبنانيين كلّ أسبوع، ناجحًا بلعبة استقطابهم الدائم للمحتوى الذي يشرف عليه ويطرحه بقالبٍ احترافي مُدهش، ما يجعل قناة (أم تي في) تتفوّق بالمفاهيم التقنيّة على جلّ منافسيها.

100 أغنية وطنيّة، عاطفيّة، لبنانيّة، مصريّة، مرّت على مسامعنا، كلّ منها ترافقها حكاية من نسج الجمال، لسيّدتها صباح.

كلّ المآسي التي غزت قلوبنا، فحطّمتها وأنهكت مناعتنا، اختفت لساعتيْن من العمر، وغابَ تأثيرها أمام دواء الشحرورة المسكّن للآلام.

منذ ست سنوات، رحلت شحرورة الوادي، لكنّها الراحلة الباقيّة، الغائبة الحاضرة، البعيدة القريبة.

اختفت إطارات شاشاتنا معها، لتمدّ يدها نحوها، وتستقبلنا في طائرة أحلامها الورديّة، فتنتشلنا من حفرةِ هزائمنا، ونحلّق معها عاليًا في سماء الانتصارات.

انتصارات فنيّة زخرفتها على لوحة اسمها لبنان، مع فيروز والرحابنة وفيلمون وهبي ووديع الصافي ونصري شمس الدين وملحم بركات، ما عادت تُكرّر ولا تُعاد.

انتصارات عشنا بعدها نكسات مدوّية مع دانا ونانا وميريام كلينك وكلّ أخوات (الغول) ومشتقاته!

أمجاد رفعتنا ما فوق أرزة الباروك، لم تُبطل مع صباح ورفاقها، بُطل كلّ شيء بعدها، ليصبح لبناننا وطنَ العقول الفارغة التي تصنع أسوأ الفنون، لا بل أشباهها!

ما بين نشوة الأرباح السابقة وكسرة الهزائم الحالية، بلسمت ابتسامات صباح المُتتالية جراحًا تنزف.

شكرًا جان نخول ونبيلة عوّاد على لفتةٍ شهمةٍ قُدّمت باحترامٍ بالغٍ لسيّدة الأناقة والجمال على مدى العصور.

شكرًا على حلقةٍ ليست من العمر، بل أعادتنا إليه.

بعدها، عدنا إلى موتٍ تدريجي يجروننا نحوه مع وطنٍ، لا يليق به إلا الحياة، إلا صباح.

عبدالله بعلبكي – بيروت

Copy URL to clipboard






منذ 4 سنوات




















شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار