ومرَّ الشهر الكريم كريماً..

لم تقع الحرب في لبنان، كما تخوَّف الكثيرون..

وحاولتُ أن أبعدَ عن الشرِّ والشريرين محاولةً تنظيف قلبي (لضرورةٍ أعيها)، وحاول البعض إحضاري إلى المحاكم والمخافر ومراكز التحرِّي وأفلحوا.. لكن، إلى حين!

حاولتُ الإبتعاد عن الأضواء، كالمقابلات التلفزيونية والمشاركة في ليالي الاحتفالات الكلامية، الحامية في أغلبها، واكتفيتُ بحديثٍ من القلب مع القلب الكبير زاهي وهبي..

ورغم كلَّ محاولاتي وتكبير قلبي وعقلي، كادت تقع معركتان كبيرتان مع أعزِّ صديقين هما ملحم بركات وعاصي الحلاني.

الموسيقار ملحم بركات
الموسيقار  اللبناني الراحل ملحم بركات

كيف؟!

في مداخلة طُلبتْ منِّي «أكيد» عبر هواء نيشان مع عاصي، أبديتُ رأيي في السياسة الداخلية.. وحين رأيتُ الوجوه امتقعتْ وانقلبتْ، هربتُ إلى رأيٍ فنِّي، فاختلط الحابل بالنابل وصرتُ متهمة برأيي..

وهذا شرفٌ أدعوكم أن تحسدوني عليه، لأنني صاحبة رأيٍ يشرِّفني طالما هو صادق ونظيف ولا يوارب كما يفعل من يدَّعون أنهم أصحاب رأي، وهم في الحقيقة مسلوبو إرادة الفكر الحرّ، وهم تبعيون، مستزلمون، أشباه رجال وأشباه حريم «ببغاويون»!

أكرِّر ما أجبتُ نيشان في الجانب الفنِّي حين سألني:

* لماذا لم يشارك عاصي الحلاني مع ملحم بركات ونجوى كرم في أغنيتهما الوطنية؟

وبدل أن أعلن عن استغرابي لمضمون السؤال الغريب الـ «من بيت عجيب»، فهمتُ لعبة نيشان.. أي رغبته في اصطياد سبقٍ «يزكزك»!

فقلتُ ما معناه:

– ولِمَ يشارك عاصي الحلاني ملحم ونجوى؟ وما الداعي لذلك، طالما أنه قدَّم لنا أجمل أغنية وطنية وهي «صامدون».. وهي أجمل من أغنية بركات ونجوى، وهي، أي «صامدون»، أفضل ككليب من كليب جوليا بطرس!

الإعلامي اللبناني نيشان
الإعلامي اللبناني نيشان

وجاءتْ ردَّة فعل نيشان مستغربة ردَّة فعلي على سؤاله.. وعلى كلِّ حال، أقسم أنه كان في حالة انشراح!

لكن، ما عجبتُ له، أن يختتم عاصي لقاءه مع نيشان بأن يتقدَّم باعتذار نيابةً عنِّي لـِ.. جوليا!

عاصي «بِيمون» أن يتحدث عنِّي، وهو أخ فارس و«كلامو عَ العين والراس».. لكن ليس فيما خصَّ الإعتذار من جوليا!

وهو حين فعل ذلك، فلشدَّة لطفه ولياقته واحترامه لرفاقه من الفنانين.. وهو كمطرب وملحن، عليه أن يكون شديد اللياقة.. لكني لستُ مطربة، ولا ملحنة ولا أريد أن أكون لائقة حين أقول رأياً!

فارس الغناء العربي عاصي الحلاني
فارس الغناء العربي عاصي الحلاني

وأعود لأحفر ما قلته على الهواء، هنا على الورق حبراً لا يموت.. فأؤكد:

إن كليب عاصي «صامدون» يتفوق على كليب «أحبائي» لجوليا، وينتصر عليه في الحالة الفنية.. في التصوير والمونتاج والإضاءة واللحن والصوت.. صوت عاصي أجمل من صوت جوليا.

ولحن «صامدون» أجمل وأبقى، لأنه يقارب ذاكرة كلّ عربي في علاقته مع النكسات والانتصارات.. وإني، حين أكون وحدي، أرنِّم «صامدون، صامدون»!

و«صامدون» أفضل وأجمل من «أحبائي» لأنه من إخراج آلة العدوّ الإسرائيلي التي جعلت من بلادنا أستديو هوليوودي بامتياز.. وتستطيع أصغر عين فاهمة في الفن المشهدي أن تقارن بين العملين لتدرك، ولو قليلاً، كمية الفن المعطى لـِ«صامدون» وكمية الجُهد والإصرار وسهر الليالي الطوال..

عكس «أحبائي» ،التي انتهى مونتاجها في ليلةٍ واحدة، اللهم إلا إذا كان الـ Monteur بطيئاً ومبتدئاً!

هنا أغنية أحبائي

جوليا بطرس وماجدة الرومي
جوليا بطرس وماجدة الرومي

والإضاءة في «صامدون» كانت شمس الحرية المرجوة، وعطر النصر الطالع من لحم أحبائنا الذي انشوى مرَّة على الحيطان، ومرَّة في الأروقة الفقيرة.. بينما إضاءة «أحبائي» كانت صناعة خارجية!

والتصوير في «صامدون» كان لكلِّ الأبطال من المصوِّرين اللبنانيين والعرب الذين قدَّموا الزميلة ليال واحدة منهم، شهيدة على قربان الحرية والنصر!

و«صامدون» أحلى وأغلى لأنّ فيه ليال!

هو نفسه عاصي الحلاني لا يعرف..

وهو نفسه المخرج سعيد الماروق لا يعرف أن مشهداً استُخدم في «صامدون» يصوِّر والدة الزميلة الشهيدة ليال نجيب، وهي تستلم جثة ابنتها في سيارة الإسعاف التي نقلتهما وحيدتين من صيدا الجنوب إلى طرابلس الشمال!

«صامدون» حكت، بالمشهد، حكاية كلِّ اللبنانيين الذين عفّروا التراب بدمائهم.. وحكاية الذين بقوا ليتمتعوا بالتراب المعفّر..

المخرج سعيد الماروق وقمر
المخرج سعيد الماروق وقمر

بينما «أحبائي» لجوليا، والتي نظمها غسّان مطر من كلمة سماحة السيِّد حسن نصر الله، والتي حملتْ مضامين عالية وغالية ورائعة.. تخلّتْ عن مضامينها لصالح مشهد لا يعي نفسه!

وإذا كانت جوليا تعرف وحدها، مع طاقم العمل أنّ الكليب صُوِّر في منطقة «بنت جبيل»، وأنّ اختيار موقع التصوير خيار ذكي ووفي وموفق.. إلا أنّ المشهد الذاهب إلى مليار مشاهد في العالم لم يتمكّن من التعبير عن نفسه، فخرج خاسراً يتعكّز على صورة تقليدية عادية..

وإننا نشاهد في الكليب إطلالة جوليا نفسها بأداءٍ حنون وصادق. ولولا قيمة جوليا الفنية، وتاريخها في أداء الأغنية الوطنية، ولولا اختيارها لكلمة سماحة السيِّد.. فما قيمة كلّ هذا الكليب؟!

هذا ما أردتُ قوله..

وإنه حق في النقد الفني، وأرجو أن لا أكون عدوّة أحد حين أقول رأيي فنياً.. فإن أرادت جوليا أن تدافع عن شقيقتها المحترمة مخرجة العمل صوفي بطرس، فهذا لطف وأخلاق منها لأنهما شقيقتان..

أما إن دافعتُ عن صوفي أنا، فإنها قلة أخلاق منِّي!

وأما ردَّة فعل الموسيقار ملحم بركات، في اليوم التالي، وردّه عليَّ.. كما جاءني من الإتصالات والرسائل، فأقول: «إني لم أسمعه ولم أشاهده.. وأبو مجد بِيمُون كمان»!

Nidal Al Ahmadieh نضال الأحمدية

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار