الزميلة لميس منذر
الزميلة لميس منذر

وكما قالت السيده فيروز( كان يا ما كان في بنت وصبي.. وكانوصغار وعمرهن بعدو طري)

في تلك المنطقه الدمشقيه الكريمه، المضيافه، المختلطه والمنفتحه، المُفعمه بالأصاله والتمدُّن، الغنيه بحياة إجتماعيه صاخبه ترعرعا وبالصُّدفه في نفس الشارع ودون أي سابق معرفه أمضيا جزءاً من طفولتهما.

(عصام) ابنُ العائلة اللبنانيه التي اضطرَّتها حرب لبنان للجوء إلى سوريا و( ديما) المُنتميه إلى عائله أجبرها الإحتلال الإسرائيلي أيضاً على النزوح إلى مدينة دمشق بعد أن احتل هضبة الجولان السوريّه وهَجَّرَّ قسماً من أهلِها.

في زمن ماقبل الحرب جمعتهُما الصدفه مره أخرى وشاءت الأقدار أن تجمع عبق تلك الوردتين في مكان واحد وهما بعمرالـ 14 وذلك في المرحله المدرسيه المتوسطه. كانا صغيرين وعمرهما “بعدو طري” حين انطلقت شرارة الحُب الأولى بين وردتين تتفتحان للحياة ببراءه وفي زمن مقارنةً بالحاضر نستطيع أن نقول أنه كانَ إلى حدٍ ما بريئاً. عاشا براءة الحب بكل تفاصيله على مقاعد الدراسه مع مجموعه من أمتع الأصدقاء في أجمل مراحل العمر (مزح وضحك ولامبالاه والأهم بلا هموم).

في البداية لم تكن (ديما) المتفوقة دراسياً والتي تشُعُّ عيناها الواسعتان براءةً وأدباً وذكاءاً، تَعلم ما الذي جعلها تَشعرُ شعوراً مختلفاً تجاه ذلك الفتى القادم حديثاً إلى مدرستها وبعد فترة وجيزة من الزمن بدوره (عصام) ذلك الوسيم، المؤدب والخجول بادلَ (ديما) نفس الشعور دون أي إفصاح من أيًّ منهما سِوى المراقبة عن بُعد واختلاس النظرات سواءًا داخل المدرسه أو خارجها وخاصةً في طريق العوده إلى البيت.

اخبرتني (ديما) أنها مؤمنه وبعمق بأن الله رسمَ وقدّرومن ثُمّ بارك ذلك الحب. في البدايه هي نفسَها لم تكن تدري ما هو ذلك الشعور! من جهه كانت غير متأكده من مشاعرالفتى الذي خطفَ نبضات قلبها ومن جهه ثانيه كيف لها أن تقع في الحب وهي الفتاة المؤدبه المتفوقه والملتزمه اجتماعيا والتي من شدّةِ تَعَقُلِها اتخذت عهداً على نفسها ألا تُحِب حتى تَكبُر وتُنهي تحصيلها الجامعي..

أليس هذا ما تزرَعهُ فينا مجتمعاتُنا؟ أو لأكون أكثر دقّه أليست ثقافة العيب والزجاج هو ما تُربى عليه البنت ويُستثنى منه الذكر في بلادنا العربية!

الإعجاب بين الطرفين، عَيب. الحب عَيب. حتى الصداقه بين بنت وصبي عيب.. والأبشع من ذلك هو ذلك التشبيهه الترّهيبي (سُمعة البنت كالزجاج، إذا كُسر يَصعب أو يستحيل إصلاحه) من كَثرةِ ما سمعتُ هذا المثل جعلوني أكره الزجاج.

سُرعان ما رَضخَت ( ديما) لذلك القدر وكسرَت بكلِّ سرورعهدها بألا تُحب وذلك حين اعترف لها (عصام) بحبه في 1/4/2004 لم تُخفِ (ديما) مشاعرها عن والدتها المُدرِّسه المُثقفه التي استوعبت الموضوع وتعاملت معه بشئ من الرُّقي والإنفتاح الذي للأسف تفتقده الكثير من الأمهات هذه الأيام. مَضت سنوات المدرسه عليهما بنجاح و بكل ما حملَتهُ من أيام حلوه ورسائل ورقيه وورود حمراء بعدد السنوات التي أمضياها مع الحب وشاءت الأقدار أن يدرسا حتى في نفس الفرع في الجامعه (تجاره وإقتصاد) لكن في مدينتين بعيدتين مختلفتين.

(ديما) في اللاذقيه و(عصام) في حلب.. لكن لم تكن تلك المسافات يوماً عائقاً بل على العكس أضافت إلى شريط ذكرياتهم الغالي والنفيس من الذكريات التي ستبقى محفوره داخل تلك النفوس النظيفه إلى الأبد..

الأحلام بدأت تتحقق أصبحا مُتيقِّنان بأن الله بالفعل يبارك هذ ا الحب. تقول ديما (كان يزداد تعلُقنا ببعض يوما بعدَ يوم، كنتُ في الماضي أظنُّ أن ذلك شيئاً يحدث فقط في قصص الأفلام التي كنا نشاهدها في السينما أو التلفزيون.

كل شئ كان بالنسبة لنا حُلُماً حتى أبسط الأشياء.

حُبُنا كان حلماً.

الخروج معاً كان حلماً.

أن يمسك يدي يوماً ما كان حلماً حتى الذهاب إلى_ باب توما_ وهو وَجهةُ العشاق والمُحبين في عاصمة الياسمين كان أيضا حلماً.

كل الأحلام تَحَقَقَت وما زادَ النعيم َنعيماً هي سنوات الجامعه التي أعطتهما مزيداً من فرص اللقاءات السعيده.

الحبيبان عصام وديما
الحبيبان عصام وديما

كانا ينتظران نهايةَ الأسبوع بكل ما استطاعت نفسيهما أن تحمل من لهفةٍ وأشواق حيث لم يَكَلَّ (عصام) يوما من السفرمن حلب إلى اللاذقيه للقاءِ (ديما) في محطة القطار والعوده معاً إلى دمشق لإمضاء العطل مع الأهل والأصدقاء. لا يمكن لأي كلمات أومفردات في قواميس الأرض أن تصف ما كانت تَعنيهِ تلك الرحلات لهذين العصفورين العاشقين.

إلى أن جاء يومٌ طلبَ فيه (عصام ) من (ديما) أن يلتقيا على شاطئ البحر وقَدِمَ من حلب حاملاً حب الدُّنيا وأشواقها وشيئاً أخر.. وكما تقول السيده (فيروز) بالقهوه البحريه كان اللقاء حيث ركَعَ (عصام) على رُكبتِه مُقدماً لـ (ديما) خاتماً كان قد نسج حُبيباتَه بخياله وقام بالعمل جاهداً إلى جانب دراسته لجمع ثمنه، ووضعه في أصبع ديما ناقلاً عَبره الكثير من المعاني التي لاتُقال.

كانت فرحةُ (ديما) لا تساويها فرحه. ومن تلك اللحظه أصبح ذلك الخاتم البسيط قطعةً منها.

وليس بوقتٍ طويل بعد ذلك وبعد أن أصبح حُبهما شبه عَلنيّ كان لابد من اتخاذ _الخطوة الرسميه_ كما نسميها في مجتمعاتِنا وهي تدخُل الأهل والخطبه الرسميه. وليت َالذي كانَ لم يكُن حيث سرعان ما بدأت تتطورالخلافات العائليه وعلى أتفه التفاصيل الشكليّه التي مازلنا نتسمك بها بالرغم من بشاعة ما تقتل في دواخلنا.

ومع اقتراب حفله الخطوبه المقرره كان اقتراب نهاية غير متوقعه لقصة من أجمل قصص الحب.

ذلك الحب الذي يرفض القيود لكنه بالنهايه استسلم وقتلته القيود بعد أن بَلغَ السيلُ الزُبى ولم يعد أياً من العاشقَيّن قادراً على تحمل المزيد من الضغط والتوتر.. وافترقا.

الصدمة كانت كبيرة وللجميع.. لن نرى عصام وديما معاً بعد اليوم.. بالنسبه لهما هذا الألم لا يضاهيه ألم.

وحاولت (ديما ) أن تعتبر أن قصتها ليست الأولى ولا الأخيرة وأن الحب والعشق باتَا حلماً جميلاً لا واقعاً.. لكن مَن قال أن للحب الحقيقي نهايه؟

لم يمضِ وقت حتى فشلت محاولات كُلّ منهما لِقَبول هذه النهايه ولم تستطع كل تلك الخلافات إخماد حبٍّ طاهرتعبت على بُنيانه السنين. وعاد العاشق والمعشوق لإحياء أجمل ما كتبت لهم الأقدار وقررا هذه المره تجاوز كل العراقيل وتحدي كل الصعاب وإعلان بدايه جديده بحفله خطوبه صغيره مُختصره على أقرب أصدقاء وصديقات الدراسه.

كانت حفله من العمر استمرت حتى ساعات الصباح الأولى لَمع فيها (عصام ) و(ديما) بجمالهما الداخي والخارجي كنجمين قطبيّين في ليلةٍ ظلمَاء تجمع من حولهما شباب وشابات في مقتبل العمرمُفعَمين بالفرح والحب والتفاؤل والحياة قبل أن يُشتت سعادتهما حِقدُ الحرب حيث استُشهِد مَن استُشهِد وتَضررَ مَن تَضرر وهاجر من هاجر ولم تبق إلا الذكريا ت التي كان ختامها مسك بحفل خطوبه (عصام ) و(ديما)

(يتبع)..

لميس منذر – لندن

   (حفلة خطوبة عصام وديما)
(حفلة خطوبة عصام وديما)

\

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار