منذ 7 سنوات بدأت بمتابعة الممثل المصري يوسف الشريف في مسلسل (كفر دلهاب) الذي سجلت حلقته الأولى أكثر 4 ملايين مشاهدة ليسقط في الحلقات اللاحقة مليونان.
لا يمكن أن أعرف الأسباب قبل المتابعة الجادة وقد وصلت إلى الحلقة الخامسة، ويبدو العمل جديداً في مضمونه على المستوى العربي (أقول جديداً نسبة لمتابعتي) ويطرح لموضوع دقيق وجريء، طرحته الدراما العالمية بكثرة عبر أعمال الـ Fiction غير العلمي وكذلك عبر الطرح العلمي الجاد إن في مسلسلات تلفزيونية أو أفلام سينمائية.
مسلسل كفر دلهاب يعالج موضوعات يسميها البعض بالخوارق، والبعض الآخر بعلوم الميتافيزيقيا، وفي لبنان نسميها كما الغرب بعلوم الماورائيات أو البارابسيكولوجي Parapsychology والمثقفون الدقيقون يسمونها بعلوم الـ Paranormal.
مسلسل كفر دلهاب، يوظف كل الحكايات في الإطار العلمي للقصة التي تقع في منطقة (كفر دلهاب) في مصر مستخدماً التلميح لا التصريح، حول قضايا حقيقة إنسانية عالمية عموماً، وإسلامية خصوصاً. دون أن يدخل في ملعب الخطاب المباشر والسقيم. ويطرح مسلسل كفر دلهاب لفضائح المقامات أو المزارات (وهذه حقيقة تستخدمها بعض البلاد للسياحة الدينية مثل العراق وغيرها من البلاد الإسلامية حيث تكثر المقامات أو المزارات ومنها حقيقي ومنها مفبرك، وقد كانت حاجة صنّاعها لإيهام الناس من الفقراء والتحكم بهم عن طريق إلهائهم، ولتمكين الحاكم أو الحكام من السيطرة على القاعدة الشعبية. لذا درج معها مقولات شعبية كثيرة ومنها (ربنا قدّر وشاء) هذه العبارة تحديداً يرددها بنو شرق حتى وإن كان القاتل ابن السلطان والمقتول طفل رضيع.. هم يردون الجريمة لله ويحملونه المسؤولية بأنه قدّر وأنه هو من شاء! وذلك لإحساسهم بالعجز عن مواجهة المجرم الذي يستعد لقتل طفل آخر وأنه هو من شاء لا الله سبحانه، الذي لم تكن مشيئته إلا حباً وخيراً ونوراً..
وهذا ما حدث في مسلسل كفر دلهاب حيث قتل شيخ الغفر أي المسؤول الأمني عن الكفر، قتل صبية فقيرة مع مجموعته، وكي يخفي جثتها ويغطي على حوادث الفقر المنتشر في كفر دلهاب صنع قبراً، وادعى مع معاونية أن قديساً أو ولياً نزل فيه..
هكذا يلعب كل حكام العرب على العقل الخرافي الذي يتحكم فينا ليقتل أي استعداد لنمو حاسة المنطق في نفوسنا. طالما أن المعرفة أو العلم في مسائل كثيرة غير موجود عند بني عرب، بل يكاد يكون العلم محرّم، وذلك نستنجه من ألسنة الجحافل البشرية التي تصر على أن ترتاح وتنذل للسلطان فتردد: الله أعلم.. الله أعلم!.. كي تتخلص من مسؤولية الاجتهاد والبحث وسهر الليالي. فتحمل أيضاً المسؤولية لله وهي في الحقيقة تعترف بما هو معروف، لكنها تريد أن تفهم أن ما تقوله على أنه تكريم لله الذي هو بالحقيقة ليس بحاجة للجهلة كي يكرمونه بتخاذلهم، بل نكرّم الله بسعينا الدؤوب بحثاً عن نورهِ من خلال المعرفة التي تقربنا منه جلّ جلالُهُ.
مسلسل كفر دلهاب بدأ قوياً بفكرته ويطرح للظواهر التي نسميها بخارقة، والمسلسل يطرحها حتى الآن من جانب علمي، أي عن طريق الطبيب البطل الذي يلعب دورهُ الممثل المصري يوسف الشريف الذي كان حذر جمهوره من متابعة المسلسل لصالح قيامهم بواجب الصلاة ولم أفهم هذا التحذير ولا أسبابه لأني لا أعرف من هو الداعية يوسف الشريف!
لا أزال في نهاية الحلقة السادسة.. هل يستمر العمل بحلقاته القادمة على هذا النمط من الجدية أم ينحرف ليدخل في لعبة الـ Fiction نتيجة القصور الذهني لدى الكاتب وفريق العمل؟
آمل أن مسلسل كفر دلهاب سيقدم لنا مادة علمية دسمة.. وأرجو أن لا يخيب أملي.
)
