في بداية ديسمبر/ كانون الأول من العام المنصرم، أعلن مستشفى جامعة مرسيليا للأمراض المعدية بمدينة مرسيليا الفرنسية عن اكتشاف سلالة جديدة لدى عائد فرنسي من الكاميرون، وقد أصيب بها حتى الآن 12 شخصاً يعيشون في جنوب فرنسا.

لكن ماذا اكتشف العلماء حتى الآن عن تركيبة المتحور الجديد؟ ومدى خطورته؟ أين وكيف نشأ؟

تركيبة غير نمطية!

الاسم العلمي للنسخة المتحورة الجديدة هو B.1.640.2 وتحمل 46 طفرة في “تركيبة غير نمطية”، وفقاً لدراسة لم تنشر بعد ولم يتم تقييمها من قبل باحثين آخرين. كما أظهرت هذه الدراسة أن المتحور الجديد يحتوي على الطفرتين المعروفتين N501Y و E484K في متحورات كورونا السابقة. تم اكتشاف الطفرة N501Y، أول مرة في متحورة “ألفا”، ويعتقد أنها تجعل المرض أكثر قابلية للإنتقال إلى الخلايا البشرية وبالتالي انتشاره بسهولة أكبر في الجسم. أما طفرة E484K هي واحدة من الطفرات التي أطلق عليها “طفرات الهروب” ما يعني أن لديها قدرة على الهروب من تأثير لقاحات كورونا وبالتالي إضعاف فعاليتها.

الخطورة والمنشأ

يرفع ظهور متحور جديد من فيروس كورونا مستويات القلق لدى الناس حول العالم ويطرح تساؤلات عديدة.غير أن هذه التساؤلات التي تتمحور حول طبيعة تركيبة المتحور الجديد وما إن كان معدياً وأكثر خطورة من الفيروس الأصلي، لا يمكن الإجابة عنها بشكل مفضل بناءاً على البيانات المتاحة وعدد الحالات المنخفضة لحد الآن.

بحسب البروفيسور، يورغ تيم، رئيس معهد علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي في دوسلدورف، فإن المتحور المكتشف حديثاً لا يشكل خطورة كبيرة: “تم رصد المتحور لأول مرة منذ وقت قريب وقد أثبت حتى الآن على الأقل أنه لم ينتشر على نطاق واسع. ويعد هذا مؤشراً قوياً للغاية على أنه لا يتمتع بميزة انتشار سريعة مقارنة على سبيل المثال بـ “أوميكرون” ، حيث كان لدينا تصور واضح وسريع من خلال البيانات الأولية على أنه متحورسريع الإنتشار. ولا يمكن رصد هذه الميزة مع المتحور الجديد حتى الآن، بحيث لا يتوقع أنه سيسبب لنا مشكلات كبيرة. لكن يجب بالتأكيد وضع علامة استفهام صغيرة عليه. لكن لحد الآن هذا ما سيكون عليه الوضع”.

في المقابل هناك علامات استفهام عديدة أيضاً حول أصل المتحور الجديد. حقيقة أنه تم رصده لأول مرة لدى أحد الأشخاص العائدين من الكاميرون، لا يعني بالضرورة أن المتحور الجديد قد نشأ في البلد الواقع وسط إفريقيا. غير أن معدلات التطعيم المنخفضة للغاية هناك، قد تساعد على تكون طفرات جديدة من فيروس كورونا. وفق بيانات من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية، يبلغ معدل التطعيم في الكاميرون حالياً حوالي 2.4 بالمائة من مجموع السكان.

يتوقع الخبراء أن بطء حملات التطعيم على مستوى العالم، قد يساهم في ظهور وتطور متحورات جديدة باستمرار حول العالم. وقد تكون هذه المتحورات أكثر ضرراً وخطورة من سابقاتها.

أسباب محتملة للأعراض الخفيفة

أصبح من المعروف عن متحور أوميكرون سرعة انتشاره في جميع أنحاء العالم. ولكن في الوقت نفسه يسبب أعراضاً أقل حدة معظم الحالات، كما تؤكد المزيد من الدراسات. السبب خلف تلك الأعراض الخفيفة يتضح بالتدريج أيضاً. من جهة تتفاعل الخلايا التائية للملقحين والمتعافين مع أوميكرون وبالتالي تحمي معظم المصابين من الأعراض الخطيرة.

صحيح أن الطفرات الموجودة في أميكرون قد غيرت بروتين “سبايك” لدرجة أن الأجسام المضادة التي تكونت عن طريق العدوى أو التطعيم لم تعد تحمي من العدوى أيضاً. اكتشف باحثون من كيب تاون في جنوب إفريقيا أن الاستجابة المناعية التي اكتسبتها الخلايا التائية لا تزال تعمل في 70 إلى 80 في المائة من الحالات – على غرار المتحورات السابقة “بيتا” و”دلتا”. وخلص فريق الباحثين إلى أن الخلايا التائية لدى الملقحين والمتعافين تعرفت على متحور أميكرون بشكل جيد كما كان الأمر مع متحور ووهان الأصلي.

أقل ضرراً على الرئتين

اكتشف باحثون من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية في التجارب على الحيوانات أن متحور أوميكرون نادراً ما يهاجم الرئتين. وبدلاً من ذلك، يميل المتحور إلى مهاجمة الجهاز التنفسي العلوي مثل الأنف والحنجرة والقصبة الهوائية، وفقًا للدراسة التي لم يتم تقييمها بعد.

في منتصف ديسمبر/ كانون الأول، توصل باحثون من جامعة هونغ كونغ إلى استنتاجات مشابهة للغاية. فقد وجدوا أن متحور أوميكرون يصيب نظام الشعب الهوائية ويتكاثر حتى 70 مرة أسرع من متغير دلتا، لكنه ينتشر أقل بعشر مرات في أنسجة الرئة.

الحاجة للتنفس الاصطناعي؟

تتزامن نتائج البحث هذه مع ملاحظات من بريطانيا، حيث يتسبب متحور أوميكرون شديد العدوى في زيادة حادة في عدد الإصابات هناك. ولكن في الوقت نفسه، تقل مخاطر الحاجة إلى العلاج في المستشفى بمقدار الثلث مقارنة بمتحور” دلتا”. كما أن عدد المرضى الذين يحتاجون إلى التنفس الاصطناعي لم يتغير إلى حد كبير على الرغم من معدل الإصابة المرتفع بشكل ملحوظ بأوميكرون.هذا يبعث الأمل، لكنه لا يزال غير واضح تماماً. لأن الأعداد الكبيرة من الإصابات تشكل تحدياً كبيراً للأنظمة الصحية المثقلة بالأعباء. خاصة أولئك الذين لم يتلقوا التطعيم أو لم يسبق لهم الإصابة بالفيروس، قد تتسبب لهم الإصابة بأوميكرون بأعراض شديدة للمرض.

نقلًا عن DW

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار