كثرٌ يصدِّقون بأنّ سبب فشلهم هو الحظ السيء.

وأنا أحبّ أن أتأمّل بألسنة الناس ومفاهيمهم، لأني أعرف أنّ كلمة حظ تعني شيئاً جميلاً، ولا تحتمل معنَيَين.

والجميل لا يمكن وصفه بالقبيح.

كأن نُضيف إلى كلمة حظ، عبارة بشع أو سيء، فنردِّد: حظٌهُ سيء، أو حظّي سيء.

وكي أتأكّد مما أعتقدهُ بالفطرة، عدتُ إلى قواميس اللغة العربية، وهي (لسان العرب) (مقاييس اللغة) (الصحّاح في اللغة) (القاموس المحيط) و(العباب الزاخر).

ولم أجد معنىً آخر لكلمة حظ، سوى حسن الطالع والفضل والخير.

لنجريَ اختباراً سريعاً، فنستبدل كلمة حظ بمرادفاتها أي معانيها، فهل يمكن أن نقول مثلاً:

حسن طالعي سيء؟

أو الفضل سيء؟

أو الخير سيء؟

إذاً السيء لا يمكن أن يُستخدَم وصفاً للحسن!

ولكننا نفعل ذلك عن «هبل»، ونقدّم من خلال تعابيرنا اليومية معادلاتٍ لغوية غير مفهومة، أو جملاً غير مفيدة.

في جبالنا وجرودنا أسمعُهم يقولون: «ما عندي حظ»..

ولأنهم يقولونها بحزن أو استسلام مؤقّت، ولا يصفون الحظ بالسيء، لذا يستعدّون من جديد لإيجاد الحظ أي الخير أي الفضل أي الطالع الحسن.. وينتصِرون.

لكننا في المدن، عَوَجْنا ألسنتنا، وسمحنا للألقاب الأجنبية أن تؤثّر على كلماتنا، وبالتالي أصبحَت ما تقوله ألسنتنا هي معتقداتنا.

نسمع بالإنكليزية يقولون كثيراً على الشاشات Hard Luck وهذه العبارة تكون محطّ كلام، عند الناطقين باللغة الإنكليزية، وهم الأقرب إلينا كعرب بعدما ضَعُفَت اللغة الفرنسية التي كانت تمارس سطوتها علينا، فيقولون pas de chance أي لا حظّ.

ويقولون أيضاً Malchance أي حظ سيء.

بينما في اللغة الإنكليزية كلمة Chance لا يستخدمونها ليعبّروا عن الحظ بل عن الفرصة..

ونحن كعرب خلطنا بين الفرصة والحظ والطالع والخير والشر ومختلف المعاني غير المتطابقة، والتي لا تشكّل جملة مفيدة، وإنما نفعل ذلك كي نحيد عنّا سوء أعمالنا، وكي نتخلّص من مسؤولياتنا.

ومن المؤكّد أن كل فاشل عليه أن يعرف أنه فشلَ ليس بسبب سوء حظهِ، لأن الحظ لا يمكن أن يكون سيئاً.

الفرصة قد تكون سيئة.. وحين يفشل أحدنا، فلأنه لم يعرف كيف يسعى للحصول على الحظ..

أو أنه سعى كثيراً، لكنه وحين كاد يصل إلى حظه، تَعِبَ واستكان ويئسَ فخسر الحظ، ليربحه من لا يعرف التعب، ولا الإستكانة ولا اليأس.

إذاً حظُكَ ليس سيئاً..

حظُكَ رائعٌ وجميل، وهو كل الخير الذي ينتظرك أينما تحرّكت، لكن بشرط واحد، وهو أن يكون تحرّكك بنبلٍ، وبنيّة نظيفة وقلبٍ خاشع..

هيّا تحرك واقبض على الحظ الذي إن أحببتهُ كثيراً، عانقك طوال العمر..

منذ طفولتي، آمنتُ أني محظوظة، وإن الله يعطيني بقدر ما أطلب وأسعى وأشقى وأسهر ولا أئنُّ ولا أيأس ولا أتعب..

وما زلت أنتصرُ على الحياة التي تحاول جلدي..

أنتصر عليها بصبري..

أنا محظوظة لأني صابرة، ولا أقبل بالقليل!

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار