منذ 7 سنوات كُلنا نعرف المثل الشعبي (ابن الوز عوام)، وكُلنا يعرف معناه، لكننا أمام حالة تجعلنا نبحث عن مثل أقوى يكون معناه أن الإبن ليس فقط يمتلك موهبة والديه، بل يتفوق أحياناً ويُبدع ويرسم كياناً خاصاً به.
نحن أمام حنان مطاوع الممثلة المصرية التي استطاعت أن تصبح ماركة مُسجلة في الأداء التلقائي المتقن، وأنستنا أنها ابنة المبدعين الممثل الراحل كرم مطاوع، والممثلة الكبيرة سهير المرشدي، ومحت الاعتقاد الشائع بأن أبناء النجوم يدخلون الوسط الفني من خلال “الواسطة”.
حنان مطاوع هي المنقذ لأي مخرج يبحث عن ممثل بدرجة أولى تتقمص الشخصية وُتحاكي أدق تفاصيلها، وهي بالتأكيد الملجأ الآمن لأي منتج لا يريد المغامرة بدور مهم في العمل الذي يقوم بإنتاجه في موسم رمضان، أهم موسم تلفزيوني خلال العام.
إبنة كرم مطاوع وسهير المرشدي، بعد أبداعها العام الماضي بدورها الرائع في مسلسل (ونوس)، وزعت أبداعها هذا العام على ثلاثة أعمال هي (حلاوة الدنيا)، و(هذا المساء)، و(طاقة نور).
في (حلاوة الدنيا)، تقدم حنان واحداً من أجمل أدوار المسلسل على الإطلاق، فتجسد دور (سارة)، الصديقة الوفية للممثلة التونسية هند صبري، وتتألق في إظهار كل مشاعر الشخصية بتناقضاتها الكثيرة، فهي خفيفة الظل ومرحة، وفي الوقت ذاته تحمل همومها الداخلية بعد انفصالها عن زوجها وترتبيتها لطفلها الوحيد، ومحاولتها البحث عن كيانها من خلال البحث عن مهنة مضمونة.
حنان تضحكنا كثيراً في (حلاوة الدنيا)، وتبكينا أيضاً، أضحكتنا حينما تغزلت بجمال الفنان التونسي ظافر العابدين في أحد مشاهد المسلسل، وأبكتنا حينما صدمتها صديقتها (أمينة) بخبر إصابتها بمرض السرطان، لتنهار حنان باكية بحرقة كالأطفال.
إبداع حنان مطاوع في (هذا المساء)، لا يقل أبداً عن إبداعها في (حلاوة الدنيا)، بل لا نستطيع أن نحدد أي دور أتقنته أكثر؟ (سارة) في (حلاوة الدنيا)؟ أم (الست عبلة) في (هذا المساء)؟
في (هذا المساء) تجسد حنان دور سيدة من منطقة شعبية بسيطة، منفصلة عن زوجها الذي كان يعنفها، محرومة من حنان الرجل واحتوائه، ورغم أن (عبلة) تقع في غرام (مستر أكرم) الذي يقوم بدوره الفنان إياد نصار، وهو رجل أعمال غني ومتزوج ولديه طفلة، إلا أنك كمشاهد لا تستطيع إلا التعاطف مع (عبلة)، ولا تجد نفسك سوى أنك سعيدا بعلاقتها العاطفية مع (مستر أكرم) المتزوج.
أما في (طاقة نور)، يورطون حنان مطاوع في جريمة قتل ابنة بطل المسلسل الفنان هاني سلامة، وتجسد دورها أيضاً ببراعة لا تقل عن براعتها في العملين السابقين.
حنان ليست فقط ممثلة بارعة، بل هي إنسانة خلوقة أيضاً، تجيد التعامل مع كل من حولها، وتمتلك من اللطف والذوق والأدب ما يكفي لكي نعشقها من أول لقاء معها، وقد يكون حسن خُلقها، وسيرتها الطيبة، من أهم أسباب نجاحها أيضاً.
لا أعتقد أن هناك جائزة توفي حنان مطاوع حقها، فهي دائماً تستحق أكثر بكثير مما يسمونه جوائز، فلنخترع جائزة باسمها تقديراً لإبداعاتها التي تبهرنا دائماً.
دينا حسين – القاهرة
)
