يلاحظ متابعو المسلسلات التركية المحترمة أي المترجمة وليست تلك المدبلجة التي يشتريها المنتجون العرب لتلعب على غرائز المشاهد المسكين وما يعانيه من فراغ عاطفي وكبت جنسي..

باريش كيليش هندا شورال
باريش كيليش هندا شورال

يلاحظ المشاهد كم أن (العائلة الحاكمة) لا تزال موجودة في خلايا المجتمع التركي وبقوة في دولة (تركيا الفتاة أو تركيا أتاتورك) والتي لم تتمكن رغم مرور أكثر من 120 عاماً على تأسيسها لم تنظف تركيا بعد من إلغاء السلطنات الصغيرة ولم تتمكن من التخلص من حكم سلاطين جدد وهم في هيئة عائلات تملك المال والجاه ومعهما القوة بمواجهة العدالة حيث تبدو الأخيرة هزيلة وعاجزة كما تنقل لنا الجراما التركية بصدق وفير.

في الجزء الأخير من الحلقة الثالثة من مسلسل (رائحة الإبن) Evlat Kokusu وفي خلال أكثر من ثلاثين دقيقة تدور الأحداث كلها حول المحامي التركي الخسيس حيث تلجأ بطلة العمل زينب (هاندا سورال) إلى محامٍ كبير لتوكله بدعوى ضد عائلة (حاكمة بمالها) خطفت ابنها عن طريق مافيا تديرها لتصل يد المافيا العثمانية إلى مستشفى في هولندا فتقتل أخت زينب وزوجها وتخطف وليدها الرضيع وتعود به المافيا الخاصة بالعائلة لتقدمه قرباناً ينقذ ابنتهم من خلال نقل الخلايا..

هند  شورال
هاندا سورال الأم التي تحاول استرجاع وليدها المخطوف

زينب (هاندا سورال) تلجأ إلى محامي مهم جداً في تركيا لم يخسر قضية في حياته لتوكله بالدعوى مع كامل الأوراق والوثائق والأدلة لكنه يعتذر ما أن يعرف باسم العائلة (أكشاي) حتى يؤفض القضية.. وحين تسأله زينب: لماذا؟

يجيب: لأني ربحت كل القضايا ولا أريد أن أخسر!

مشيراً بشكل مباشر إلى القضاء الفاسد الذي يرزح تحت سلطة القبضاي الحديث في زمن المال الأسود

لكننا سنلاحظ مع تنقل زينب من محام إلى آخر ونشاهدها تعود إلى قريبتها كل مرة وهي منهكة لتخبرها أنها لم تجد محام يقبل باستلام قضيتها.

ونلاحظ مع مرور الأحداث أن العدالة مكسورة الجناح في تركيا ليس من خلال قضاتها وحسب بل من خلال محامييها الذين يرفضون استلام الدعوى بشبه إجماع إلى أن توافق محامية واحدة فقط لا غير على قبول الدعوى وتدخل في أدغال معركة مافيات.

الغريب أن مثل هذا العمل يمر في تركيا دون أن ترفع نقابة المحامين صوتها.. وهنا في لبنان يمر مشهد لكارين رزق الله مثلاً عن صحافي مرتشي فيصيح ديوك الصحافة وغالبيتهم العظمى يرتشون بـ 10 دولارات ثمن رأيهم معترضين على ما قالته كارين في مسلسلها وهو ليس إلا حقيقة ثابتة عن وضع الصحافي الشحاذ.

المحامية في مسلسل رائحة الإبن
المحامية في مسلسل (رائحة الإبن)مشهد المحامية وهي تستمع إلى اعتراض الأم التي تقول: هل إقامة دعوى ضد عائلة قوية أمر معيب وغير معقول

مشهد المحامية وهي تستمع إلى اعتراض الأم التي تقول: هل إقامة دعوى ضد عائلة قوية أمر معيب وغير معقول

هند شورال تحلم بمحامي تركي واحد يدافع عن حقها إلى أن توافق المحامية التي رفضت خوفاً من عائلة أكشاي
هاندا سورال تحلم بمحامي تركي واحد يدافع عن حقها إلى أن توافق المحامية التي رفضت خوفاً من عائلة أكشاي

سلمت تركيا بهذا الكم الهائل من الأعمال التي تعبر عن حال الرأي فيها وكم هو مصون بل ومقدس حيث نلاحظ في مرحلة ما بعد الانقلاب الأخير كثرة الأعمال التي تمجد بالسلاطين لكن يقابلها أعمال تمجد بانتصار أتاتورك وتركيا الفتاة وإلغاء السلطان في الدولة.

 

باريش كيليش الوالد الخاطف والقاتل دون علمه
باريش كيليش الوالد الخاطف والقاتل دون علمه

أعمال كثيرة تطرح وبجرأة لفساد في الدولة كما النقابات المهنية الأخرى ونرى أن مثل هذه الأعمال تتحدى واقع الفساد في تركيا وتحاكمه عبر النص المصور دون خوف من رقابة أو مقص العسكر الذي يقطع رقاب الكتاب ويكسر أقلامهم كما في عالمنا العربي.

تركيا تضاهي في حرية التعبير عبر الدراما ما يساويها بأميركا والدول الأكثر ديمقراطية وحرية في العالم..

وكل من يقول عكس ذلك فلأنه يعاني من قصر نظر أو قلة فهم ومتابعة، أو لأنه يريد أن ينتقم من بقايا تركيا أتاتورك..

لا يمكن لشعب يملك حرية القول والتعبير ولا يخاف، إلا أن ينتصر مهما واجه من سقطات ومؤامرات.. إذا لا خوف على تركيا وإن كانت تواجه الآن جحافل جهنم.

باريش كيليش
باريش كيليش

ملاحظة: لا خطأ في النص وإن كان الطفل المخطوف وُلد في هولندا لكن لا أوراق تثبت ذلك بعد أن أزالتها المافيا ما يعني أن الأم لا تحمل باسبوراً أوروبياًلابنها كي تلجأ إلى سفارته وهذا ردي على ناقد كبير يسمونه لكنه من الأغبياء بامتياز والذي كتب يتذاكى على المشاهدين الذين لا يعرفون بالشؤون القانونية ونبح حبراً سياسياً على طريقة ديكتاتوري بني عرب.

نضال الأحمدية Nidal Al Ahmadieh

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار