التقيت به!

كان اللقاء ممتعاً!

هناك على باب المصعد!

البارحة التقيته، أي بارحة لا أذكر، جل ما أتذكره هيبته وصدمتي وضحكتي التي عادت واحتلت وجهي!

كان مشعاً وكلّه أمل.

رغم أننا لا نعرف بعضنا إلا أننا تعازمنا على دخول المصعد ونسيت للحظات بأن الـ Ladies First فابتسم وقال: “اتفضلي” وراح يراقبني.

على باب المصعد بدأت حكاية جديدة وطويت صفحات الألم والعذاب.

لكني أخاف من الحب!

وأعشق الوحدة..

كنت لجمت قلبي ومنتعه من أن يدقّ، ولكنه هذه المرة لم يمتثل لأوامري حتى عقلي الذي كان يرسل ذبذبات منع الحب اتفق مع قلبي ضدي.

ماذا أصابني؟

ولمَ أرتجف حتى مع كتابة سطوري هذه.. وكأني لا أريد أن أخبر أحداً عن مغامرتي الجديدة أو عن لحظات الحب التي عشتها في أقل من دقائق..

كنت خائفة أن يكون اللقاء الأول عبارة عن كابوس سأستيقظ منه لاحقاً على وداع وفراق أبدي كما حصل قبل ذلك

لا أريد الغوص في الماضي مجدداً.

الآن قلبي يدق ما هذا الإحساس الذي يخالجني لم أشعر به من قبل.. وكأنني أحب لأول مرة..

لم أكن أؤمن بالنظرة الأولى.. لكني فعلت هذه المرة وانجذبت وراء المقولة ودقات قلبي تتسارع..

في المصعد لم أنظر إليه مباشر هو كان يلاحقني بنظراته يحدّق بعينيْ اللتين كانتا تهربان منه خوفاً من فضح مشاعري.

وصلنا إلى الطابق الخامس، ويا للصدفة!

حتى أننا سنحط في نفس الطابق، توجهت إلى مكتب صديقتي رأيته يلاحقني أيضاً..

تعجّبت!

دخلت المكتب وهو ورائي.. رأيته يضحك بسرّه على تصرفاتي الغبية أو ربما هذا ما شعرت به.. دخل ليلقي التحية على صديقتي التي كانت طلبت منه المجيء إلى مكتبها بعد أن جاء من دبي في رحلة عمل واستجمام.

شعرت بارتباك كبير تجاهلته لمرات، لكن نظرات عينيه لم تتركني وحيدة..

تعرّفت عليه من خلال صديقتي ودارت أحاديث بيننا، صديقتي الأقرب لي شعرت بالكيميا بيني وبينه، إنها رفيقة طفولتي تفهم علي من نظرة واحدة وقرّرتْ هي أن نذهب نحن الثلاثي بنزهة.

هناك ضحكنا لعبنا تأملنا..

شعرت بأنني طفلة تشرّدت ضحكتها بين طريق الخيانة وطريق الموت لسنوات واستعادتها بلحظات قليلة.. وغداء بعد غداء.. ويوم بعد يوم.. اتصالات ورسائل اطمئنان..

في تلك الفترة كنت “طايرة من الفرح”، خصوصاً عندما اعترف لي بإعجابه وحبّه..

خلال فترة قصيرة عرف كل أسراري التي لم أتحدث بها لأحد.. شعرت وكأنه محقق عام دخل إلى قلبي واستعد لسماع أقوالي حتى يحكم علي بتهمة مؤبد بين يديه أو إعدام خارج حياته.. معه ممنوع الحزن عليّ أن ابتسم دائماً حتى ولو كانت “هموم الدني فوق راسي”.

كنت سعيدة!

لم ينل ثقتي أحداً لفترة قليلة لا تتخطى الشهر..

لم أسأله كثيراً كان يكفيني بأني كنت أشعر بسعادة لا متناهية عندما نتواجد سوياً إن كان في كافيييه أو برفقة أصدقائنا حتى..

كنت أنانية قدّم لي كل الراحة النفسية ولم أكلّف نفسي بأن أسأله سؤلاً واحداً يحدد مصير حبنا!

لم أسأله ربما لأن قلبي يبحث عن رجل وليس ذكراً يلاحقني ويمنعني ويمارس عليّ سلطته الذكورية.. ذاك الحبيب تفكيره منطقي يمارس علي سلطته بأدب وخجل وحوار وينفذ لي كل ما أرغب به ولا يقف بوجه أحلامي ولو كانت هذه الأحلام في “هنولولو” لا يهمّه سوى سعادتي.

هذه القصة بدأت منذ 45 يوماً تقريباً وكانوا من أجمل سنين عمري ونهدات قلبي وآه على تلك النهدات

في جلسة بيننا تمنيّتها لو لم تكن.. سألته ذلك السؤال الذي كان يشغلني لم أرد معرفته من صديقتي كنت أتهرّب.. كان لدي إحساس كبير بأن عائقاً سيقف بوجهي.. وكنت أتجاهل الموضوع وأقول: “يا رب”

سألته بعفوية: “يييه ما قلتلي أنت درزي؟

وجه إلي نظرة كلّها علامات استفهام.. وأراد أن يغيّر الأجواء ويهرب من الإجابة! وقال: “بحبك لو شو ما صار”

سألته مجدداً: “إذاً أنت من دين آخر”

فأجاب: “صح.. لكني لست من هؤلاء الذين يهمهم الأديان والطوائف.. وأنت كذلك أيضاً صح!؟”

نظرتي إليه كانت كفيلة لأن يفهمني.. تغيرت كل ملامح وجهي.. وقال: “لا أريد أي إجابة الآن.. أنا ذاهب”

وذهب!

دينه غير ديني.. وبلحظات هدّت كل الآمال..

عاد متصلاً: “ما هي تلك الديانات السماوية التي ستفرقنا عن بعض.. أنا مستعد أن أتحدى الجميع.. اقبلي التحدي معي لنخوض مغامراتنا سوياً”.. وأقفل الخط.

أعرف جيداً أن مجتمعي لن يتقبل رجلاً من دين آخر.. حتى أن الفكرة لا تراودني أيضاً.. لكن قلبي ينادي بحرقة يصرخ ويريد أن ينهشني لأنني أتعبته كما أتعبت عمري بسبب خيارات خاطئة..

هل عليّ أن أخسر الحبيب؟

أم أتبع معتقداتي وعاداتي..؟

حتماً سيأتي غداً حلمٌ جديد ولن يكون كابوساً أو حلماً عابراً..

وإلى ذلك الحبيب أعذرني.. وأعذر غبائي وتمسكي بعاداتنا.. نحن وطن الديانات السماوية..

هنا سيقرأ كلماتي وسيعلم جيداً بأنني لست من هؤلاء الفتيات التي تلعب بمشاعر الشاب وتختفي.

هناك شيء أقوى مني ومنه.. أقوى من ما يسمى حرية المعتقد.. وأقوى من لبنان نفسه الذي يهوي تحت جزمات الطوائف..

إلى ذلك الحبيب لتحتفل بعيد الحب مع من تستحق كل حبك وتقديرك.. واتركني مع تخلفي وخوفي..

سارة العسراوي – بيروت

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار