مورين أو Morine اسم قديسة لبنانية لم نكن نعرف عنها شيئاً (كإسم) قدمها المخرج اللبناني طوني فرج الله، عبر فيلم لبناني خرج فيه منتصراً على الصناعة الدرامية اللبنانية المألوفة، وقدم صورة مبهرة قاربت في لقطاتٍ كثيرة منها، المشهد السينمائي العالمي.

كلبنانية أعرف بلدي كنت أهمس لمن إلى جانبي خلال مشاهدة الفيلم، عن الأماكن التي نراها في مشاهد كثيرة فأسأل: أين صُوِر هذا المشهد؟ وتترنح الإجابات مختلفة مشككة، إلى أن عرفت البارحة، بأن لا أماكن في لبنان من هذا الصنف التاريخي القديم، والذي يعود إلى ما يقارب الألفي سنة، وكل الديكورات تم بناؤها خصيصاً للفيلم، وهذا إنجاز لم يحدث في تاريخ السينما اللبنانية، إذ احترم المخرج وكاتب الفيلم عنصري الفضاء والزمن. الفضاء حسب النظريات الأكاديمية هما كل مكان دال في الفيلم، والذي يؤثر في القيم وفي تحديد الوقائع، والزمن هو الذي ينسج الأحداث وقتياً، وتكون له علاقة بنفسية الممثلين وطبيعة الأحداث، ويمكن التمييز فيه بين الزمن الفيزيائي العادي، والزمن النفسي، والزمن الفيلمي تبعًا لطبيعة السرد المشهدي.

المخرج طوني فرج الله يلقي كلمة
المخرج طوني فرج الله يلقي كلمة

في بداية العرض أصابني بعض الملل من تباطؤ الأحداث، لكن حُسْن الصورة، وبريقها، ثبتاني على كرسي، أستمتع، إلى أن بدأت الحكاية تُفرِجُ عن أسرارها، وليتبين لي أنها قصة القديسة اللبنانية (الست شعوانة) الشهيرة، والتي تملك مقاماً يؤُمُهُ المؤمنون من كل لبنان إلى بقاع لبنان. وهي قصة قديسة عاشت حياتها ذكراً وماتت أنثى.

مورين فيلم يستحق التصفيق طويلاً، وهو أول عمل تاريخي ديني في عمر السينما اللبنانية، إذ خرجت حكاية مورين، أو الست شعوانة، عبر السيناريو المتقن، من الرواية المفترضة إلى رواية مشهدية بتقنية رفيعة المستوى، حتى يكبر في رأسنا السؤال التالي: هل نُفذ الفيلم بقدرات مالية وفنية لبنانية فقط؟ أم أن هناك شريكاً أجنبياً سرياً؟

هذا التوجس يأتي لصالح المخرج طوني فرج الله، الذي عمل على الفيلم لثلاث سنوات، ولم يكتفِ بإعمار القصة والسيناريو والحوار ومواقع التصوير، إضافة إلى حسن اختيار الممثلين، بل أراده قيمة فنية، تشكل نقلة نوعية للفيلم اللبناني، أي من العادي إلى الممتاز كصناعة محلية، وليستحق Morine عبارة تلازمه وهي أنه فخر الصناعة اللبنانية.

الوزير ملحم رياشي النجمة تقلا شمعون وبطلة الفيلم كارمن بصيبص والمخرج طوني فرج الله
الوزير ملحم رياشي النجمة تقلا شمعون وبطلة الفيلم كارمن بصيبص والمخرج طوني فرج الله

كان السوريون تفوقوا على المصريين في صناعة الدراما التاريخية، والآن يتفوق اللبناني طوني فرج الله، على السوريين طالما أن لا دولة تدعمه كما في سوريا، وطالما أن كل العمل جاء نتيجة جهد فردي، ولا جماعات متخصصة شاركت في حياكته، كما يحدث في سوريا وغيرها من الدول العربية المتفوقة سينمائياً ومنها تونس ومصر.

الممثلون الذين جسدوا الأدوار الرئيسية وهم (كارمن بصيبص، تقلا شمعون، غسان مسعود، منير معاصري، حسن فرحات، سمارة نهرا، وفاء حلاوي، أوس مخللاتي، رينيه غوش، منير كسرواني، حسام الصباح، بول سيف، جوزيف عبود، آجيا أبو عسلي، بسمة بيضون، علي سموري) والأطفال (كلويه ناجي نهرا، ناي بو أنطون، مارون كساب، ودانيال أبو شقرا) كلهم ما تفوقوا في أداء الشخصيات لولا إدارة المخرج، وهذه حِرفة غير متوفرة لدى المخرج اللبناني، الذي لا يكلف نفسه الإشراف على أداء الممثلين ويترك لهم المهمة، التي لا يتقنونها.

  • لن أدخل في ما إذا كانت مورين تعبدت لله في خلوة للموحدين الدروز، أو في كنيسة، خصوصاً وأن المخرج طوني فرج الله، استعان بمرجع من طائفة الموحدين الدروز، لأخذ موافقته على أن يذكر إسم (الست شعوانة) في الفيلم لكن المرجع رفض.
  • هل أوافق على صدقية ما قدمه (مورين)؟ هل مورين مسيحية أم موحدة من طائفة الموحدين الدروز؟ إنها مسألة اللغط الدائم في التاريخ! إنها حالة جدلية عالمية تفرض نفسها علينا في أعمال كثيرة، منها المكتوب، ومنها المرئي وكذلك المسموع شفهياً. وأستعين هنا بآخر التناقضات التي أبرزها المشهد التركي حول السلطان عبد الحميد الثاني، الذي يقدمونه في مسلسل من مئات الساعات على أنه كان أقرب إلى القديسين خلال حكمه، بينما في مسلسل (أنت وطني) الذي يُعرض في نفس التوقيت على الشاشات، هم نفسهم الأتراك في مسلسل (أنت وطني) يصفون عبد الحميد الثاني بالشرير والديكتاتور.
  • مورين فيلم يُتوقع أن يحصد الجوائز في المحافل العالمية الخاصة بالسينما.
  • الفيلم يعرض في الصالات اللبنانية كافة.

نضال الأحمدية Nidal Al Ahmadieh

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار