منذ 7 سنوات للأمانة.. لم يتسنَ لي مشاهدة كل أعمال الممثلة التونسية – المصرية هند صبري، بإستثناء مسلسلها الكوميدي (عايزة أتجوز) حيث جسّدت دوراً مختلفاً كثيراً عما تقدّمه هذا العام حيث انتقلت من الكوميدي إلى التراجيدي.
لا أعرف لمَ لمْ أتابع فنانة بفخامة هند صبري، ربما بسبب زخم المسلسلات الرمضانية التي تعرض كل عام حيث تفوق عددها أكثر من 50 عمل يصعب علينا متابعتهم في 30 ليلة أو لعلها قلة وصول أعمال هند إلينا في لبنان..
تبقى ردود أفعال الناس على أي مسلسل هي التي تجذبنا لمتابعته وأهمها نلك التي تحاكي واقعنا لكن دون تكرار، أقصد تلك التي تعالج قضايا واقعية لكن دون أن تتكرر المعالجة لمليون مرة.
عندما نشاهد أي عمل يحاكي واقعنا المستور كما تفعل هند صبري في (حلاوة الدنيا) نسعى لأن نستكشف معلومات جديدة أو نكتسب خبرة وكأننا نقرأ رواية أو Tips.
بدأت الحلقة الأولى بإجراء (أمينة الشماع)، التي تؤدي دورها الفنانة هند صبري، بعض التحاليل الطبية استعداداً لزواجها من (عمر) هاني عادل فتقابل أمينة بالصدفة عمّها (عادل) مصطفى فهمي والذي يعمل طبيباً في المستشفى التي تجري بها (أمنية) الفحوصات، ولكنت النتائج جاءت سلبية حيث أن أمينة مصابة بمرض اللوكيميا أو بسرطان الدم، وهنا تبدأ مشوار حياة جديدة ما بين الأمل واليأس والخوف والقوّة.
هند أو أمينة في (حلاوة الدنيا) أدّت دورها ببراعة عالية جداً، ونقلت إلينا صورة المصاب بمرض اللوكيميا أو سرطان الدم ومعاناته عندما يتلقى الخبر الصادم، وكيف عليه أن يتحكم بزمام الأمور بعدها. ورغم أن هند، في المسلسل، استقبلت ضيفاً كريهاً دخل على جسدها (أي السرطان) إلا أن أملها لم يخب بل زادت إصراراً وأقنعت نفسها بأنها ستثشفى منه بعد رحلة علاج طويل.
مسلسل (حلاوة الدنيا) يتناول حكاية صبية مصابةٍ بالمرض الذي يعاني منه الكثيرون في كل دول العالم، وإن طرحه في مجتمعنا مهم جداً، لكن الأجمل دور هند التي نتأثر بها وتجعلنا نتعاطف معها لا نشفق عليها وبكل خطوة تقوم بها، فنبكي لحزنها بسبب بؤسها وخوفها، ونفرح عندما ترسم ابتسامة على وجهها لتتناسى همّها ووجعها المنتظر.
وكانت هند عُيّنت في السنوات الأخيرة سفيرة للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة، وشاركت في أعمال ترشيدية، وعاشت مشاكل إجتماعية جمة ومختلفة، فتأثرت مع فقير محتاج، ومكثت مع اللاجئين في مخيّماتهم.
وتساعد هند صبري الإنسانية والطفولة المدمّرة ولو على حساب عملها وحياتها الفنية، وخلال جولاتها في الدول العربية كسفيرة للنوايا الحسنة لا تطلب من الكاميرات أن ترافقها لتقوم بـ Show أو عرض الأزياء، حتى أن لباسها يكون أكثر من عادي مائل إلى البساطة المحترمة، ولا تضع المكياج تماماً كما تفعل النجمة العالمية أنجلينا جولي التي أصبحت مؤخراً مثالاً مهماً في المساعدات الإنسانية..
ما يميّز هند صبري عن النجمات الباقيات أنها هادئة الطباع، مخلصة لعملها ولجمهورها، لم نسمع عنها مرة أي شائعة ولم تحوّل صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعي إلى معركة أو حرب ضد زميلاتها.
هذا الفرق بين هند النجمة الكاملة المتكاملة وما بين بعض من تدّعين النجومية!
ما أجمل دور هند في (حلاوة الدنيا) رغم أنه مأساوي بل تشجّع المصابين على الشفاء من هذا المرض وذلك عبر الإيمان والأمل بأن الغد جميل رغم كل سلبياته، ومن آمن بأنه يستطيع تخطّي الصعاب فيمكنه أن يتجاوز كل العراقيل مهما كانت قوية وصلبة!
إن دور هند وصدق احساسها وتعابير وجهها ولغة جسدها كلها تشير إلى أنها تعبت كثيراً وتمرّنت على شخصيتها قبل دخولها موقع التصوير، ففي معظم مشاهدها عشنا معها، وقلنا: “يا حرام والله يشفيها” ونسينا أنها تقدّم مشهداً تمثيلياً لا أكثر.. بل اندمجنا معها فاعتقدنا أن التمثيل حقيقة “لا سمح الله” وهنا تكمن شطارة الممثل وقدرته على إدخالنا في صلب المسلسل لنشعر بالشخصية التي يؤديها..
سارة العسراوي – بيروت
)
