منذ 7 سنوات 
يقول الفيلسوف الهندي طاغور:
(عندما يأتي الموت، ويهمس في أذني قائلاً، انتهت أيامك. سأقول له: لقد عشت في الحب، ولم أعش في الزمن).
صفحات التاريخ تغص بقصص العشق. منهم من غذى الحبُ أرواحهم، ومنهم من أسقطهم في اليأس، أو وضع القدر حداً لعلاقاتهم، فدخلوا في دائرة العبث والضياع والمأساة.
الممثلة الكوميدية سناء يونس وكانت تُعتبر أشهر عانس في الوسط الفني، كثرٌ اعتقدوا أنها لم تحب ولم ترتبط، لأن همها التمثيل، وتقديم البسمة للجمهور. لكن قلة تعرف أنّه لطالما اختلج قلبها الحب.. التقيت بسناء مرة قبل سنوات في بيروت، وسألتها عن ارتباطها بالفنان الكبير محمود المليجي، فصمتت، ثم ردت بعبارة فيها مزيج من الجدية والمزاح: (لن أتحدث عن هذا الموضوع، محمود كان أستاذي ومعلمي الذي أقدره ولا علاقة بيننا تعدت هذه الحدود). هذا ما قالته لي يومها لكن عينيها كانتا تنطقان عكس ذلك. وماتت سناء ومات السر معها. سر حبها وزواجها من محمود المليجي، الذي كان متزوجاً من الممثلة علوية جميل، التي حين مرضت، طلبت منه أن يتزوج ثانية. تردد المليجي كثيراً، ثم وافق واختار سناء زوجة له، شرط أن يظل الأمر سراً، وأن لا تنجب أطفالاً، وبقيا على تلك الحال، حتى مات المليجي، وظلت سناء أمام جمهورها، العانس التي لم تتزوج أبداً، واحتفظت بالسر حتى ماتت. سناء يونس أفنت حياتها للحب، وبصدق وأخلاص حتى آخر لحظة من عمرها.
النجمان نور الشريف وبوسي، كانا يُعتبران من أكثر النماذج التي يُضرب بهما المثل في الغرام والزواج السعيد، خصوصاً أن بوسي تزوجت نور تحدياً لرغبة أهلها وأنجبت منه ابنتين. وعندما وقع أبغض الحلال بعد سنوات طويلة من الزواج، شكل طلاقهما صدمة لكل الجمهور العربي، الذي أحب الثنائي الذي انفصل دون رجعة، وبالتالي لم يرتبط أي منهما. في آخر تصريح لنور عن الحب قال: بوسي هي حب عمري، لكن لا مجال للعودة أبداً.
نوال الزغبي معروف أن أول قصة حب في حياتها كانت لزوجها الذي اختلفت معه في أول لقاء لهما، ثم تصالحا، وأحبته، واتفقا على الزواج. وحين عارض بعض أفراد أسرتها تحدّتهم وتزوجته. ولأن الإنسان معرض للوقوع في هوة الحب، في أي وقت، وفي أي سن، وكذلك هو معرض للفشل، فقد تغيرت صورة الحب، رغم إنجابهما ثلاثة أطفال. وكانت النهاية، أقسى وأفظع، حينها وقع الإنفصال بعد سنوات حب وتضحية خصوصاً حين شعرت نوال أن الحب هدّد كرامتها.
كارمن لبس امرأة من نوع نادر بين العاشقات. أُغرمت بزياد الرحباني وارتبطت به لسنوات طويلة، وقلبها كان يتأرجح بين الأسى والحب، إلى أن كان الإنفصال، ليقين عند كارمن، وهو أن زياد حالة خاصة، تحتاج إلى دراسة وتفسير، وربما أكثر.
النجمة الشابة منه شلبي، يعلم الجميع بقصة حبها الكبير للمخرج خالد يوسف، الذي خطبها لأسبوع فقط، ثم كان انفصال بلا رجعة، ودون أن تُعرف أسبابه. أما صديقتها هند صبري، فعاشت قصة حب مع الكاتب محمد حفظي، وكادت أن تتزوج منه، لولا تضارب في وجهات النظر ومعارضة أهل حفظي، فكان الفراق لتعلن هند توبتها عن الحب. إلا أن كيوبيد عاد ليصيبها بسهامه فأُغرمت برجل أعمال مصري وتزوجت منه، تماماً مثل النجمة منى زكي، التي لم يكن أحد يتوقع أن تنشأ بينها وبين زميلها أحمد حلمي، قصة حب، لأنها كانت منفصلة لتوها عن خطيبها الممثل محمد الشقنقيري. إلاّ أن أحمد عرف كيف يستميل قلب منى بالورود، وهي أغرمت بطيبته، وأعجبت بإصراره على أن يصبح نجماً كبيراً، وكان قرار الارتباط، الذي عارضته أسرتها، ثم رضخت لرغبتها. وأصبحت منى أماً لطفلة هي لي لي.
الحب لايقتصر على أهل الفن بل يطال المفكرين والأدباء والكُتاب أيضاً.
الأديبة مي زيادة كان الحب محور حياتها. كثر تنافسوا على قلبها وهم من كبار الأدباء والمفكرين في ذاك العصر. وهي كانت ملهمتهم. أحبها كل منهم على طريقته. بينما الكاتب عباس محمود العقاد، عاش أكبر قصة حب مع سارة التي كتب عنها روايته الوحيدة، كي يُخلدها في قصة انتهت حين شكك في حبها له، فاستحال الوجدُ إلى فتور، والشوق إلى ضجر، إلى أن مات حبه، ليعيش قصة حب أخرى مع سمراء جميلة، كتب فيها رسائل وقصائد. منها استلهم ديوانه (ما بعد البعد)، وعندما أرادت دخول عالم الفن، عارضها بشدة، لكنها لم تأبه لرأيه، معتقدة أن عنادها لن يؤثر على حبهما، لكنه طردها من بيته، ومن قلبه.
وفوجئت بعدها يكتب عنها قصيدة (بنت الفن) وتضمنت القصيدة كلمات قاسية ونافرة يصفها علم النفس بـ (حب الكراهية)، ومع ذلك، ظلّ العقاد يحن إليها. وكي يتخلص منها ومن آلامه، وضع على صورتها العسل وصار الذباب يحوم على الصورة، حتى استطاع العقاد أن يلفظها من قلبه.
الشاعر كامل الشناوي قلبه كان مثل الشقة المفروشة التي يرغب صاحبها أن يسكنها كل الناس حتى لو عبثوا بها لأنه ببساطة كان يُبدع ويكتب أجمل القصائد حين يعذبه الحب.
الحب هو الحب، لكن القلوب ليست واحدة!
ابتسام غنيم – بيروت
)
