في تركيا، أعلى المقاطع مشاهدةً من المسلسلات والأفلام، أكثرها قوةً إمّا نصًّا أو أداءً من الممثلين أو إخراجًا.
هذا ما يقوله (يوتيوب)، بعدما بحثنا عن الأرقام التي تحقّقها المقاطع المُجتزأة من أهم الأحداث الدراميّة من الأعمال هناك.
عن مسلسل (الحفرة) الشهير، أكثر المشاهد حصدًا للمشاهدات، مقاطع المواجهات والأحداث المثيرة (مشاهد الأكشن أي القتال)، أو فيديوهات صُوّرت من كواليس التصوير.
عودةً إلى البداية، مسلسل (نور) أو (غوموش) لسونغول أودان وكيفانش تاتليتوغ، بأكثر مقاطعه نيلًا للمشاهدات، نرى اجتماعات ولقاءات تضمّ العائلة في قصر (شاد أوغلو).
(العشق الممنوع) بكل مشاهده الساخنة بين كيفانش_تاتليتوغ وبيرين سات، يحصد المرتبة الأولى مشهدُ انتحار بيرين (سمر) بعد كشف خيانتها لزوجها.
(إيزل) لكنان أوغلو وجانسو ديري، تتفوّق به مقاطع المواجهات المباشرة بين (إيزل) و(كنان) لا الحبّ بين (عيشة) و(إيزل).
نصف المعلقين إن لم يكن أكثر على تلك الفيديوهات، من العرب، الذين يحبذّون متابعتها بالنسخ الأصلية، لا بالنسخ المدبلجة باللهجة السورية.
تركيا تنتج أهم المسلسلات، لديها صناعة شبه مُتكاملة.
في الشرق العربي، لا إنتاجات ضخمة مماثلة في الدراما سوى قلّة، لكنّ الوضع يختلف في السينما، هنا تظهر مصر التي لطالما حلّت رائدة دون منازع في السباق.
على عكس الأعمال التركية، أهم المقاطع من الأفلام المصرية اعتمادًا على معيار المشاهدات، تعود لمشاهد الجنس أو القبلات التي تجمع البطليْن.
إقرأ: هل يتعرّى الممثل العربي ولماذا لا يرجمونه كالممثلة؟
مصر قدّمت أفلامًا عظيمة تحمل قيمًا ورسائل وأهدافًا وتتضمّن قصصًا جميلة من الواقع الذي نعيشه.
غير أداء الممثلين الهام والإخراج الحَسن، نتحدّث تحديدًا هنا عن أفلام ما قبل الألفية الثالثة، أي ما قبل بداية العام ٢٠٠٠.
ثمّة مشاهد غنيّة معبّرة نشاهدها ونحلّلها فنيًا وتبهرنا، لكنّ المشاهدين العرب وعلى عكس تفضيلهم مشاهدة المقاطع التركية الدراميّة العميقة فنيًا، يميلون لمتابعة المقاطع الجنسية المُجتزأة من الأفلام المصرية وسواها من أعمالٍ عربية أخرى.
عبر (اليوتيوب) تغزو مقاطع تحتوي عناوين مثيرة مثل (شاهدوا هذه الممثلة دون ملابس) أو (شاهدوها تقبّل هذا الممثل) أو (قبلة ساخنة بين البطليْن) أو (مشهد على السرير).
كلّ هذه الفيديوهات تفوز بمنسوب رقميّ من المشاهدات أكثر من مقاطع مرئية أهم وأكثر قوةً دراميًّا من نفس الأعمال.
نتحدّث عن مشاهدين عرب، يعانون من كبتٍ جنسي مرير جراء سيطرة رجال الدين على المجتمعات العربية، وتشويههم الرسائل الدينية السامية التي تدعو الإنسان للتحرر والبحث عن الحقيقة، فيما استغلوها بصفقةٍ مع السياسيين، بغاية تدمير الشخصية الإنسانية في الشرق من الصميم، والسيطرة عليها، فارضين عليها صراع صعب بين الأنا العليا والسفلى، ما بين الواجبات الأخلاقية والمتطلبات الغريزية، لتولّد نتائج كارثية على صعيد السلوك العام للفرد.
إقرأ: الغربيون يكرهون الإباحية ويحاكمون الداعرات عكس العربان!
لكنّ هذا الكبت كلّه يقلّ تأثيره على العربي الذي ينجذب لمشاهد درامية بعيدة عن الجنس عن الانتاجات العالمية، ونحدّد هنا التركية لأنّنا بحثنا عنها مطوّلًا.
ما يوحي بتناقضٍ نحتاج ربما لتفسيره عميقًا لاحقًا عبر دراسات نفسية، لكنّه يفاجئنا ويوحي لنا بالكثير من التفاؤل.
لماذا؟
لأنّ هذا يعني وبوضوح أنّ العربي عندما يبتعد عن محيطه، يتخلّص من أمراضه وعقده النفسية التي يعانيها، والجنسيّة واحدة بارزة مُستعصية منها.
لذا نلاحظ العربي المغترب الذي يعيش في مجتمعات الغرب وسواها، يخسر عقدة الكبت الملازمة له في أوطانه، لكنّه بتوازٍ، لا ينحلّ، فيفقد السيطرة على غزائزه.
أكثر المعتدلين والمنفتحين والمحافظين في آنٍ، نجدهم في تلك البلاد، قاعدة لا تُعمّم بطبيعة الحال، لكنّها تشمل الكثير.
عبدالله بعلبكي – بيروت