عام 1980، وقعت صباح في ازمة أخطر مصيبة وذلك عقب مشاركتها في برنامج رقعة الشطرنج في التلفزيون الفرنسي والذي كان يقدمه آنذاك جاك شانسيل والذي شارك فيه المغني الجزائري اليهودي الأصل انريكو ماسياس.

عرضت الحلقة مباشرة على الهواء مساء 24 تموز- يوليو 1980 واعتقدت صباح أنها ستكون نقلة نوعية لها وهامة نحو العالمية لكن وعلى عكس التوقع، شكلت مشاركتها في هذا البرنامج تهديداً كبيراً وخطيراً لمستقبلها الفني وكادت تطيح بتاريخها وإرثها بالكامل، لا بل كادت تنهي حياتها بشكل دراماتيكي.
أحدثت مشاركة صباح في هذا البرنامج ضجة ودوياً كبيرين في العالم العربي وقامت الدنيا على صباح، بسبب مشاركة المطرب الجزائري اليهودي الأصل أنريكو ماسياس، ما عرّضها لحملة صحفية و إعلامية كبيرتين وعنيفتين.
بعد أيام من اذاعة الحلقة صدرت مجلة النهار العربي والدولي اللبنانية، والتي كانت تصدر في باريس، وعلى صدر صفحاتها مانشيتات (صباح تغني مع اليهودي انريكو ماسياس)، و(صباح شاركت في البرنامج الذي تحوّل مهرجاناً سياسياً اسرائيليا)، وقالت ضمن وصفها للبرنامج، صحيح ان البرنامج كان مخصصاً للمغني الفرنسي الصهيوني انريكو ماسياس، لكن الأصح أن اشتراك صباح كان مقصوداً ومعوّلاً عليه مستغلّين شهرتها العربية لبلورة أفكار ماسياس السياسية وقد حفل البرنامج بها.
بعد الحملة هذه، سرى الخبر كالنار في الهشيم وانتقل إلى كل المجلات والصحف العربية. وهاجمت معظم الصحف الشحرورة وطالب بعضها بمقاطعتها بشكل كامل.
بعد ذلك، اجتمع مكتب مقاطعة اسرائيل في لبنان للبحث في القضية وأفضى الإجتماع لوضع صباح على القائمة السوداء ومقاطعة أعمالها الفنية بشكل كامل ومنع إذاعة أغانيها وأفلامها ومنع دخولها إلى أي من الدول العربية (باستثناء مصر التي كانت تربطها باسرائيل معاهدة سلام).. إضافة الى لبنان الذي لم يلتزم بقرار المقاطعة.
رئيس مكتب مقاطعة إسرائيل في لبنان أميل جبارة قال إن يوم إعلان المقاطعة اجتمع مكتب مقاطعة اسرئيل في لبنان وكان تباينًا في وجهات النظر بين أعضائهِ، بين مؤيد ومعارض للمقاطعة وتم التصويت على ذلك وجاءت النتيجة 8 أصوات ضد صباح من أصل 15 صوتا ونتيجة التصويت أفضت إلى وضع صباح على القائمة السوداء.
جبارة قال أيضًا أنه أجرى تحقيقات مطوّلة قبل الإجتماع وبعده أثبتت عدم إدانة صباح لكن التصويت جاء ضدها!
صباح على القائمة السوداء..
بنتيجة القرار أعلنت سوريا وضع صباح على اللائحة السوداء، ومقاطعة جميع أعمالها ومنع بث أغانيها وبيع اسطواناتها في جميع الأراضي السورية كما منعت صباح من دخول سوريا.

وحذت حذوها السلطات الجزائرية والليبية واتخذتا نفس الخطوة، من دون الاعلان عن ذلك رسميًا إذ توقفت اذاعتي الجزائر وليبيا عن بث أغاني الشحرورة ابتداءً من منتصف اغسطس – آب 1980.

كما وضعتها معظم الدول العربية على اللائحة السوداء، وأعلنت الدول العربية هذه مقاطعتها وحظر التعامل مع إنتاجها وأعمالها من حفلات وأفلام ومسرحيات، وذلك تنفيذاً لأحكام المقاطعة العربية لكل من يتعامل مع العدو الصهيوني.
صباح: أنا بريئة و لا أريد الموت بعد كل هذا العمر حاملة هذه التهمة.
عاشت الصبوحة أقسى أيامها خوفاً من تفاعلات القضية وانعكاسها على مستقبلها الفني كله. ورغم التهديدات الأمنية التي طالت حياتها، عادت إلى لبنان وأرسلت كتاب تظلّم إلى مكتب مقاطعة اسرائيل، قالت فيه إنها كانت عربية صميمة طوال عمرها، وتاريخها الفني والإنساني يشهدان على ذلك ولا تريد الموت بعد كل هذا العمر والعطاء حاملة هذه التهمة.
كما ظهرت في نفس يوم عودتها في نشرة أخبار المساء في تلفزيون لبنان القنال 7 – تلة الخياط، حيث قطع المذيع المعروف عرفات حجازي النشرة، وأعلن للمشاهدين أن صباح ستتحدث بعد دقائق لتوضح ملابسات مشاركتها في هذا البرنامج، وبعدها أطلّت الصبوحة وقالت إنها كانت تغني والبرنامج مذاع على الهواء مباشرة وتقدم انريكو ماسياس وغنّى معها، وتساءلت، هل أطرده على المسرح وأمام عشرات الآلاف من المشاهدين؟
وفي اليوم التالي عقدت صباح مؤتمراً صحفياً في منزلها في الحازمية، حضره عدد من أهل الصحافة اللبنانية بينهم حبيب شلوق ومحمد الزين وريمون قوّاص الذين كانوا إلى جانبها رغم كل الضغوط، لتغطية رد صباح على تلك الحملة المسعورة.
في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قالت إنها كانت تجهل صهيونية أنريكو ماسياس وأنها لم تكن تدري أن انريكو ماسياس سيشترك معها في نفس الفقرة وأنها وصلت الى مبنى التلفزيون في التاسعة والنصف أي بعد ساعة ونصف من بدء البرنامج وموعد مشاركتها كانت في العاشرة مساء، ولم تر شيئًا من الفقرات التي قدّمت قبل حضورها وإنها فوجئت بوجود ماسياس في الفقرة نفسها معها ولم يكن بوسعها الإنسحاب من على الهواء ثم فوجئت به يتقدم منها وهي تغني ويقبّل يدها ويشاركها الغناء وكانت تجهل ما يحتويه البرنامج من دعاية صهيونية.
وختمت صباح بأنها لم ترتكب أي خطأ كان، خصوصاً وأن أصدقاء كثيرين شجعوها على الإشتراك في البرنامج وأن كان هناك من خطأ، فقد كان عن حسن نية وتاريخها الفني والوطني الطويل يشفعان لها. ودعت الشحرورة الصحافة لمعالجة الموضوع بروية والدفاع عنها وتبرئتها أمام الرأي العام.

ويتابع العميد جابر، أنه تصرّف بسرعة دون ترهيبها أو إرعابها، وأبلغها أنه سيرسل سيارة عسكرية، وجيب مرافقة، لنقلها إلى المطار نظراً للأوضاع الأمنية المتردية لضمان سلامتها. فوافقت صباح دون أن تشعر بأن في الموضوع تهديدات وخطر على حياتها. وبعد ساعات انتقل الموكب الذي أرسله العميد جابر لمرافقة صباح من الحازمية إلى صحراء شويفات ثم إلى مدرج المطار مباشرة، فالطائرة، وغادرت صباح بيروت بأمان.
ويقول العميد جابر،إنهم بعدما اطمأنوا لسلامة صباح ومغادرتها بأمان، بدأوا البحث في ملابسات تلك الحلقة، التي أثارت هذه الزوبعة ضد الشحرورة والتي اتهمت على اثرها بالعمالة، والتواطؤ وقال العميد جابر أنه بنتيجة البحث والتدقيق الذي قام بهما تيبّن أن صباح غادرت الاستوديو بهدوء مستنكرة ولم تصفق. وهذا ما أثبته الشريط الذي طلبه من فرنسا وشاهده مع صديقه المخرج ألبير كيلو في تلفزيون لبنان. وسلّم نسخة منه لرئيس الشعبة الخامسة المقدم (في حينه) محمود مطر. الذي أعطاه بدوره للعقيد غانم رئيس المخابرات السورية في لبنان حيث أفهم المعنيين بسوء ظنهم، وخطورة إجرائهم المتسرع.
وعلمت صباح بأمر التهديدات وما فعله العميد جابر بعد وصولها إلى القاهرة لكنها واجهت الموقف بشجاعة وإيمان.

Copy URL to clipboard


























شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار