قبل ستين عامًا، كانت خيارات العلاج قليلة بالنسبة للأطفال المولودين بعيوب في بنية القلب. منذ ذلك الحين، حوَّلت الابتكارات في العلاجات أمراض القلب الخلقية إلى حالة يمكن إدارتها طوال فترة البلوغ في معظم الأحيان. في تنبيه الخبراء هذا، يوضح أطباء القلب في مايو كلينك كيف يمكن للمرض أن يتغير على مدار الحياة.
يعتقد الكثير من الأشخاص المصابين بأمراض القلب الخِلقية لدى البالغين أنهم إذا خضعوا لعملية جراحية في مرحلة الطفولة، فإنه لا داعي للقلق بشأن حالة قلوبهم. إلا إن هذا غير صحيح، إذ يقول خبراء مايو كلينك: يحتاج المرضى إلى مراقبة ومساندة مدى الحياة وربما الخضوع إلى إجراءات مستقبلية.
عندما يقترب الطفل المصاب بأمراض القلب الخلقية من سن المراهقة، فإن إجراء محادثات مع فرق رعاية أمراض القلب الخلقية لدى العائلة والبالغين حول الانتقال من قسم الأطفال إلى رعاية البالغين سيساعد في وضع أساس حياة صحية للبالغين.
تقول كاتيا برافو، دكتورة الطب، طبيبة القلب في مايو كلينك في جاكسونفيل، بولاية فلوريدا والمتخصصة في أمراض القلب الخلقية لدى البالغين وأمراض القلب لدى السيدات الحوامل: “عندما ينتقل هؤلاء المرضى الصغار إلى الكلية ويبتعدون عن المنزل، من المهم أن يكونوا على دراية بتشخيصهم وتاريخهم الجراحي، في حال احتاجوا إلى رعاية طارئة”.
“الكلية خطوة كبيرة… خطوة تأتي بمزيد من الإجهاد وتغييرات في الروتين. يجب على المرضى المصابين بأمراض القلب الخلقية التحدث بصراحة مع فريق رعايتهم حول بناء عادات جيدة، مثل: ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ومقاومة ضغوط الأقران تجاه العادات الضارة، كالكحول والمخدرات والنيكوتين وتدخين السجائر الإلكترونية” – كما تقول د. برافو. “ولأن الحمل يزيد من إجهاد القلب، فإنه يجب على النساء الشابات مناقشة تنظيم الأسرة مع فريق أمراض القلب الخلقية”.
التحدي الآخر الذي قد يواجهه البالغين المصابين بأمراض القلب الخلقية هو فشل القلب، وفيه لا يستطيع القلب مواكبة احتياجات الجسم، مما يسبب الإرهاق وضيق النفس واحتباس السوائل.
مما يزيد الأمور تعقيدًا أن الأشخاص المصابين بأمراض القلب الخلقية لدى البالغين لديهم معدل مرتفع من الإصابة بمشكلات الصحة العقلية. ما يصل إلى 60% ليسوا في نظام الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى التأخر في العلاج وسوء الحالة الصحية، كما يقول لوك بورشيل، دكتور الطب، طبيب قلب لدى مايو كلينك في مدينة روتشستر وأحد المتخصصين القلائل في العالم المؤهلين في أمراض القلب الخلقية لدى البالغين وفشل القلب.
يقوم د. بورشيل، رئيس الجمعية الدولية لأمراض القلب الخلقية عند البالغين، بالتعاون مع جمعية القلب الخلقية للبالغين وفريق من الخبراء العالميين ببناء أول برنامج لمسار فشل القلب في العالم والذي صُمم بواسطة الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب الخلقية لدى البالغين ومن أجلهم. إذ يتطلع إلى مسار يكون بمثابة نبراسًا للأشخاص المصابين بفشل القلب الذين يحتاجون إلى رعاية متخصصة بحيث تُقدم تلك الرعاية في المكان المناسب والوقت المناسب، مع مراعاة الاحتياجات القلبية والعقلية والاجتماعية والعاطفية والثقافية والروحية لكل شخص.
إن البقاء على اتصال بفريق رعاية أمراض القلب الخلقية لدى البالغين أيضًا أمرٌ هامٌ للمرضى للحفاظ على جودة حياتهم. ربما تتغير وتيرة المتابعة بحسب الحالة الصحية. لقد خضع معظم مرضى أمراض القلب الخلقية المعقدة في مايو كلينك لعمليات جراحية أو تدخلات متعددة. لذا، فإن كل مريض لديه احتياجاته، وقرار اللجوء إلى تدخل ما لا يُتخذ بسهولة.
“الأعراض هي إحدى الطرق الهامة التي ينبهك بها الجسم إلى حدوث خلل، وينبغي خضوع هذه الأعراض للتقييم بسرعة. ومع ذلك، أوصي بعدم الاعتماد على الأعراض، لأن بعض الاختلالات قد لا تسبب مؤشرات أو أعراض قلبية واضحة مبكرًا” – كما يقول ديفيد مجدلاني، دكتور الطب، طبيب القلب لدى مايو كلينك في فينيكس، والمتخصص في أمراض القلب الخلقية لدى البالغين.
إن وجود مشكلة ما غير مكتشفة قد يتسبب في أضرار جسيمة، وهذا ما يجعل زيارات المتابعة غاية في الأهمية. يضرب الدكتور مجدلاني مثالًا بالمرضى المصابين برباعية فالو المُرممة، والذين قد يُصابون بتسريب حاد في الصمام الرئوي. فقد يشعر هؤلاء المرضى أنهم بصحة جيدة، ولا تظهر عليهم أي أعراض إلى أن يتسبب تسريب الصمام في حدوث اضطراب في نظم القلب، أو تضخم في البطين الأيمن وعدم عمله بكفاءة. وهو ضرر غير قابل للعلاج في كثير من الأحيان.
يضيف الدكتور مجدلاني أنه من المهم أن يتلقى المريض الرعاية اللازمة، فلا يمكن اكتشاف تسريب الصمام الرئوي بسهولة عبر الفحص البدني أو مخطط صدى القلب الأساسي الذي يُجرى في المراكز غير المتخصصة في أمراض القلب الخلقية.