أكبر أزمة مالية في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2008 كانت أزمة الرهن العقاري المتعلقة بالرهون العقارية العالية المخاطر والتي تسببت في انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة وتفشي الأزمة إلى جميع أنحاء العالم. وتعود أسباب هذه الأزمة إلى عدة عوامل، من بينها السياسات الحكومية التي تشجع على إقراض الأموال بمعدلات عالية للغاية، وزيادة الطلب على الإسكان مع ارتفاع الأسعار، ونظام الرهن العقاري الذي يسمح للمقترضين بشراء منازل دون دفع أي دفعة أولى، بالإضافة إلى التداول الجشع في الأوراق المالية المرتبطة بالرهون العقارية العالية المخاطر وعدم التحفظ الكافي من قبل الجهات الرقابية والمستثمرين.
وتأثرت الاقتصادات في جميع أنحاء العالم بسبب الأزمة، حيث انخفضت الأسهم وتراجعت العملات وزادت معدلات البطالة والفقر، ولقد أدى ذلك إلى تحولات كبيرة في السياسات الاقتصادية والتنظيمية في العديد من الدول، وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
طرق علاج الأزمة المالية آنذاك
تعاملت الحكومة الأمريكية مع أزمة الرهن العقاري والأزمة المالية المصاحبة لها من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات، من بينها:
1- حزمة الإنقاذ الاقتصادية (TARP): وهي حزمة مالية ضخمة أطلقتها الحكومة الأمريكية في عام 2008 لتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير التمويل للمؤسسات المالية الكبرى التي كانت تعاني من أزمة مالية. وقد قامت الحكومة بشراء حصص في بعض البنوك الكبرى والشركات المالية المتعثرة وتحويلها إلى ملكيتها الحكومية، وتوفير الأموال لها لضمان استمرارها في العمل.
2- تنظيم القطاع المالي: قامت الحكومة الأمريكية بتشديد الرقابة على القطاع المالي وفرض مجموعة من الإجراءات التنظيمية لتحسين الشفافية والمساءلة وتفعيل دور المراقبة الحكومية على النشاطات المالية.
3- خفض أسعار الفائدة: اتخذت الحكومة الأمريكية إجراءات لخفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وتوفير التمويل اللازم للشركات والأفراد.
4- دعم النمو الاقتصادي: قامت الحكومة الأمريكية بإطلاق برامج ومشاريع لدعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحفيز الاستثمار، مثل برنامج البنية التحتية الوطنية.
5- تحفيز الإقراض: قامت الحكومة الأمريكية بتحفيز الإقراض وتسهيل إجراءات الاقتراض للأفراد والشركات وتقديم دعم مالي للمنازل والمشاريع الصغيرة.
على الرغم من تنفيذ هذه الإجراءات، إلا أن تأثيرها لم يكن فورياً، واستغرق الوقت لتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد. ومن أبرز التحديات التي واجهت الحكومة الأمريكية في معالجة الأزمة المالية كانت توفير التمويل اللازم للمؤسسات المالية المتعثرة والحفاظ على استقرار النظام المالي، وكذلك محاولة الحد من تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي. وعلى المدى الطويل، يتطلب التعامل مع أزمة مالية مثل هذه إجراءات شاملة ومتواصلة لتعزيز الشفافية والمساءلة في النظام المالي، وتشجيع التنوع الاقتصادي وتعزيز الاستثمار في الابتكار والبنية التحتية، وتطوير القدرات البشرية وتحسين المناخ الاستثماري.