تسبب فيروس «كورونا» المتحور المعروف على نطاق واسع باسم «أوميكرون الخفي» في حدوث أكثر من ثلث حالات الأوميكرون الجديدة حول العالم، لكن العلماء ما زالوا لا يعرفون كيف يمكن أن يؤثر على مستقبل الوباء.
ويكشف الباحثون ببطء عن أدلة حول هذه السلالة، المعروفة علميا باسم (BA.2)، بينما يراقبونها بحذر وهي تصبح أكثر انتشاراً.
ويقول الدكتور ويسلي لونغ، اختصاصي علم الأمراض في مستشفى (هيوستن ميثوديست) في تكساس بأميركا في تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس في 24 فبراير (شباط) : «نحن جميعاً نراقب سلالة (BA.2) لمجرد أنها حققت انتشارا بشكل خاص في بعض أجزاء العالم، بما في ذلك أجزاء من آسيا وأفريقيا وأوروبا».
وهذا الأسبوع، نصحت مجموعة استشارية فنية لمنظمة الصحة العالمية سلطات الصحة العامة بدول العالم المختلفة بمراقبتها باعتبارها سلالة مميزة من أوميكرون.
وتشير الأبحاث المبكرة إلى أنها تنتشر بشكل أسرع من الأوميكرون الأصلي، وفي حالات نادرة يمكن أن تصيب الناس حتى لو كانوا أصيبوا بالفعل بعدوى أوميكرون، وهناك أبحاث متباينة حول ما إذا كان يسبب مرضاً أكثر خطورة، لكن اللقاحات تظهر بنفس الفعالية ضده.
وتتراجع الحالات بشكل عام في بعض الأماكن التي أصبح فيها المتغير أكثر انتشاراً، مما يوفر بعض الأمل في ألا تؤدي أحدث نسخة مقلقة من الفيروس إلى زيادة الحالات مرة أخرى، حيث يحاول الخبراء معرفة المزيد.
وتم العثور على سلالة (BA.2) في أكثر من 80 دولة وجميع الولايات الأميركية الخمسين. وفي تقرير حديث، قالت منظمة الصحة العالمية إن السلالة (BA.2)، كانت مسيطرة في 18 دولة وتمثل حوالي 36 في المائة من حالات أوميكرون المتسلسلة التي تم تقديمها في الأسبوع الأخير إلى قاعدة بيانات دولية متاحة للجمهور حيث يشارك العلماء بيانات فيروس «كورونا»، وهذا أعلى من 19 في المائة قبل أسبوعين.
وفي الولايات المتحدة، تسببت السلالة في حوالي 4 في المائة من حالات (كوفيد – 19 ) خلال الأسبوع المنتهي في 19 فبراير، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأميركا، وكانت النسبة أقل في بعض المناطق وأعلى في مناطق أخرى، وبلغت حوالي 7 في المائة في نيو إنغلاند.
وتحتوي السلالة على الكثير من الطفرات، وأُطلق عليه وصف «الخفي» لأنه يفتقر إلى الميزة الجينية للأوميكرون الأصلي الذي يسمح لمسؤولي الصحة بتمييزه بسرعة عن دلتا باستخدام اختبار (بي سي آر).
وتشير الأبحاث الأولية إلى أن هذه السلالة أكثر قابلية للانتقال من أوميكرون الأصلي، حوالي 30 في المائة، حسب أحد التقديرات.
لكن اللقاحات يمكن أن تحمي الناس من الإصابة بالمرض، ووجد العلماء في المملكة المتحدة أنهم يوفرون المستوى نفسه من الحماية من كلا النوعين من أوميكرون.
ويبدو أن الإصابة بأوميكرون الأصلي توفر أيضاً «حماية قوية» ضد الإصابة مرة أخرى بسلالة (BA.2)، وفقاً للدراسات المبكرة التي استشهدت بها منظمة الصحة العالمية.
وذهب بحث جديد من الدنمارك إلى أن الإصابة بسلالة (BA.2) بعد الإصابة بسلالة الفيروس الأصلية، المعروفة بسلالة ووهان، أمر ممكن. ولاحظ مؤلفو الدراسة 187 إصابة إجمالية، بما في ذلك 47 مع سلالة (BA.2) حدثت بعد فترة وجيزة من نوبة السلالة الأصلية، معظمها في الشباب غير المحصنين المصابين بمرض خفيف، وخلصوا إلى أن مثل هذه العدوى تحدث ولكنها نادرة.
وتشير دراسة معملية يابانية إلى أنه يمكن ذلك، وبناءً على التجارب مع الهامستر. خلص الباحثون إلى أن الخطر على الصحة العالمية «يحتمل أن يكون أعلى» من سلالة (BA.2) واقترحوا إعطاءها الحرف اليوناني الخاص بها، والذي يمنح «للمتغيرات ذات الأهمية العالمية»، غير أن المجموعة الفنية لمنظمة الصحة العالمية قالت إن السلالة (BA.2) يجب أن تظل تحت مظلة أوميكرون.
ويقول الدكتور إريك توبول من معهد سكريبس للأبحاث في تقرير «أسوشيتد برس»، إنه رغم إجراء تجارب الشدة على الحيوانات، فإن العلماء يجدون شيئا مختلفاً عندما ينظرون إلى الناس.
وأظهر تحليل أولي في الدنمارك عدم وجود اختلافات في الاستشفاء الخاص بسلالة (BA.2)، مقارنة مع أوميكرون الأصلي، والذي يميل عموماً إلى التسبب في مرض أكثر اعتدالاً من متغير دلتا.
وفي الآونة الأخيرة، وجد الباحثون في جنوب أفريقيا نفس الشيء، وهو وجود نسب مماثلة بين أوميكرون وسلالة (BA.2) في الدخول إلى المستشفى والمرض الشديد. ويقول لونغ: «علينا دائماً تفسير الدراسات على الحيوانات بحذر، ونضع وزنا أكبر للدراسات التي أجريت على المرضى الفعليين وما يختبرونه».
ولا يوجد من يعرف بالتأكيد، كيف ستؤثر سلالة (BA.2) على الوباء، فحالات الإصابة بفيروس «كورونا» تنخفض عالمياً، بما في ذلك في بعض الأماكن التي تنتشر فيها هذه السلالة.
ويقول لويس مانسكي، مدير معهد علم الفيروسات الجزيئي بجامعة مينيسوتا لوكالة «أسوشيتد برس» إن «توقيت الارتفاعات والانخفاضات في الحالات لا يزال غير واضح».
ومن الصعب على الباحثين توقع مقدار تغيير سلالة (BA.2) في عبء الحالات؛ لأنه ينتشر في مجتمعات ذات مستويات مختلفة من الحماية من اللقاحات والالتهابات السابقة.
ويقول الأطباء إنه يجب على الناس أن تفعل الشيء نفسه وأن يتذكروا أن اللقاحات والمعززات توفر حماية ممتازة ضد أسوأ آثار «كوفيد – 19»، بغض النظر عن البديل.
ويقول لونغ: «بالنسبة للأشخاص الذين لم يحصلوا على جرعة معززة، يرجى الحصول على جرعة، وبالنسبة للأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم، لم يفت الأوان أبداً، وأفضل دفاع لك ضد (كوفيد – 19) لا يزال اللقاح».