اتجه الذهب اليوم إلى المزيد من المستويات التاريخية حيث لامست الأسعار الفورية 2570 دولاراً للأونصة و2600 دولاراً للعقود الآجلة في COMEX.
مكاسب الذهب تأتي بشكل أساسي مع المزيد من المعنويات الإيجابية حول خفض سعر الفائدة المتعدد في الولايات المتحدة في مقابل العلامات السلبية المستمرة في التدفق حول مستقبل الاقتصاد.
كنا قد شهدنا ارقام متباينة للتضخم هذا الأسبوع، سواء من قراءات مؤشر أسعار المستهلك المختلطة في دلالاتها أم من مؤشر أسعار المنتجين التي سجلت تسارعاً بأعلى من المتوقع. إلا أن تلك البيانات لم تغير في محصلتها من توقعات الأسواق حول مسار خفض سعر الفائدة، وإنما يبدو أنها باتت أكثر تفاؤلاً خصوصاً مع اقتراب موعد بداية الخفض الأسبوع المقبل.
اقرأ: أسعار الذهب بلا بوصلة
ذلك أن أرقام التضخم تمتزج مع سيل من البيانات السلبية التي من شأنها أن تغذي حالة عدم اليقين الاقتصادي وهذا ما قد يبرر البريق غير المسبوق للمعدن الأصفر.
الأمس شهدنا مزاداً لسندات الخزانة لأجل 30 عاماً. في حين أن نسبة التغطية كانت عند 2.4، الأعلى مقارنة مع المزادين السابقين، إلا أن العروض المقدمة قد انخفضت إلى 52,2 مليار دولاراً من 57.6 ملياراً (تراجع بأكثر من 9%)، وذلك باستثناء تلك الخاصة بعمليات السوق المفتوحة وفق Treasury Direct.
هذا الانخفاض في العروض يأتي مع اقتراب خفض أسعار الفائدة وهذا ما قد يجعل العوائد الحالية أعلى من تلك التي ستعرض في الأشهر القادمة. فيما أن أحد العوامل المحتملة المفسرة لهذا التراجع هو عدم اليقين تجاه مستقبل النمو الاقتصادي طويل الاجل – الذي ينعكس في عوائد السندات طويلة الأجل.
ليست علامات ضعف سوق العمل – والكثير من الأنشطة الأخرى كالتصنيع – هي وحدها من تؤثر سلبياً على المعنويات الاقتصادية، وإنما يضاف إليه تفاقم العجز على نحو مستمر.
اقرأ: مصير الذهب قبيل صدور تقرير الوظائف
حيث أفادت وزارة الخزانة في تقريرها لشهر أغسطس أن عجز الموازنة الفيدرالي قد اتسع، بما يفوق التوقعات، إلى 380 مليار دولاراً وهو الأعلى منذ سبتمبر من العام 2022. كما بلغ العجز قرابة 1.9 تريليون دولاراً منذ بداية السنة المالية حتى نهاية أغسطس وهذا ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 24% عن نفس الفترة من العام المالي الفائت، عندما بلغ العجز قرابة 1.5 تريليوناً.
في حين أن هذا العجز قد يتجه إلى المزيد من التفاقم وسط التقديرات بأن فوز أي من المرشحين الرئاسيين لن يحل المشكلة بل قد يؤدي إلى تفاقمها.
أعتقد من هذا من شأنه أن يقلل من جاذبية سندات الخزانة بما يضعف من مكانتها كأحد أبرز الأصول الآمنة، وهذا يعزز من مكانة الذهب بطبيعة الحال. في المقابل، فإن هذه الفرضية قد لن تكون ذات ثقل مؤثر ما لم تتبلور مشكلة العجز على هيئة أزمة ديون حقيقة.
اقرأ: الذهب إلى أعلى مستوياته هذا الأسبوع
هذا كله يأتي إلى جانب العوامل الجيوسياسية حول العالم التي لا تبدو أنها متجهة إلى الانحسار وإنما المزيد من التصعيد في الأفق. الحرب في أوكرانيا قد تتجه إلى المزيد من التصعيد الخطير مع احتمالية استخدام الأسلحة الامريكية بعيدة المدى لاستهداف المواقع في العمق الروسي وهذا قد يدفع موسكو إلى المزيد من التصعيد غير المسبوق. أما في الشرق الأوسط، فلا علامات على قرب التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مع تمسك كلا طرفي الحرب بمطالبه وإضافة مطالب جديدة، وهذا من شأنه أن يبقي الباب مفتوحة لاحتمالية الانجرار إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. فيما أن اشتعال الصراع في غزة منذ قرابة عام كان قد ساهم بشكل رئيس في انتشال الذهب من مستوى 1800 دولاراً للأونصة.
انعكست هذه السرديات عبر عودة التدفقات الملحوظة إلى صندوق الذهب المادي الأضخم من نوعه، SPDR Gold Trust (GLD). حيث سجل تدفقات إيجابية لثلاثة جلسات متتالية حتى الأمس بما مجموعه 650 مليون دولاراً تقريباً، وهذه السلسلة هي الأطول منذ قرابة شهر.
اقرأ: الذهب يعوض بعضًا من خسائره
العقود الآجلة للذهب في COMEX تظهر بأن المستثمرين يتجهون إلى المزيد من الدفع نحو مستويات أعلى. حيث بلغت المراكز المفتوحة للعقود الآجلة المستمرة أعلى مستوى لها منذ مايو من العام 2022 عند 435.6 ألفاً.
تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن