زارت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، والوفد المرافق لها، حاملة الطائرات الفرنسية “تونير” الراسية على مرفأ بيروت المحملة بالمساعدات الفرنسية الطبية والغذائية، إضافة إلى مواد بناء لمساعدة اللبنانيين.
ثم عقدت مؤتمرًا صحافيًا على رصيف المرفأ قالت فيه:
“أمام هذه المشاهد والصور لا أجد الكلمات، إنما أجد صوت فيروز الساحر تغني “لبيروت” نشيدًا لمدينة تضربها المأساة وقلقة من جمالها الرائع”.
أضافت: “لبنان، الذي قاسى كثيرًا، ضربته فاجعة عنيفة جدًا، ونحن البعيدون شاهدنا برهبة الدخان الأصفر والغضب يلف المدينة، ونتيجته هذا الانفجار الفظيع. يتجه تفكيري الآن نحو الضحايا والعائلات المحزونة، ونحو كل من هم في انتظار قاس. وأفكر بالجرحى وبكل من فقدوا منازلهم. لقد كان لهذه المأساة وقع كبير في بلدي، لبنان له مكانة خاصة في قلوبنا. في باريس، مارسيليا، وتولوز شعر كل واحد بأنه مصاب ومتضامن مع لبنان”.
وتابعت: “منذ ليلة الثلاثاء الأسود، التزمت القوى المسلحة الفرنسية فورًا مساندة اللبنانيين، وتدخل جنودنا المتواجدون في إطار القوات الدولية في الجنوب من خلال تأمين الأدوات الصحية واللوجستية. وكان رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، الأول الذي أعلن إرسال مساعدة للبنان، فأقلعت في اليوم التالي للإنفجار الطائرة الأولى المحملة بالمساعدة والمزودة بتجهيزات ومواد إسعافات أولية وأجهزة للإنقاذ ولرفع الأنقاض، وضمت فرقًا من بحارة من مارسيليا الذين يتمتعون بكفاءة عالية، إضافة إلى الفرق الطبية. وافتتحت الطائرة الأولى جسرا جويا وضع بين 5 و10 آب، وتضمن ما مجموعه ثماني رحلات عسكرية مكنت من وصول مئات الأطنان من المساعدات التي تضمنت المساعدات الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية وجهازا بشريا مؤلفا من أطباء وممرضين ومنقذين ورجال أطفاء. والآن، أتى دور السفن.
وقالت إن “الرئيس ماكرون اتخذ قرارًا بنشر حاملة الطائرات “تونير”، وهي من “العجائب” التكنولوجية، وبمثابة مطار للهليكوبترات وبإمكانها الإقلاع بسرعة نحو الأرض. كما أنها بمثابة مرفأ، ولديها وسيلة نقل مهمة. إنها مبنى لديه تجهيزات عدة ومستشفى من 50 سرير، ونشر “لو تونير” هو نشر بناء يمكنه فعل كل شيء، ويتحضر على متن هذه المدينة العائمة نحو 700 عسكري يجهزون انفسهم لمساعدة المدينة، سكان العاصمة، ولديهم مؤهلات كثيرة. هناك أيضا مهندسو الجيش المتخصصون في البناء، فضلا عن فوج من الغواصين للتأكد من عدم وجود حطام يصعب الوصول الى المرفأ والمنقذين. كل هؤلاء تجندوا من أجل أن يعملوا في بيروت بدءا من اليوم. وبصفتي وزيرة للجيوش الفرنسية، أنا فخورة جدا بهم وبالتزامهم. وكذلك، فاخورة بالتزام المؤسسات والشركات الفرنسية. على السفينة هناك اطنان من الطحين والأدوية التي زودتنا بها المستشفيات، واطنان من تجهيزات البناء زودتنا بها شركات البناء وأمور أخرى أيضا. وخلال أيام، ستصل باخرة أخرى إلى بيروت”.
وحيت “اللبنانيين، خصوصًا الشباب منهم، لحشد كل طاقاتهم فقالت:
أريد أن أحيي الشباب الذين رفعوا الأنقاض من الشوارع وساعدوا الأكثر حاجة. إنهم قوة البلد ومصدر إلهام للآخرين”.
وأعلنت أن “المساعدة الدولية يجب أن تصل إلى الجميع بشكل فعال وشفاف”، وأن الرئيس ماكرون، كما كل المشاركين في المؤتمر الدولي لدعم بيروت في 9 آب – أوغست، التزموا ذلك، وأن ماكرون سيعود في أول أيلول – سبتمبر للتأكد من التوزيع الجيد للمساعدة الفرنسية.
وقالت، إن القوى المسلحة اللبنانية تؤدي دورًا مميزًا في المرحلة الأولى، وأوجه لها الشكر بشكل خاص. لقد التقيت بنظيرتي اللبنانية زينه عكر، وبقائد الجيش العماد جوزاف عون. وأود أن أشكر الأمم المتحدة على تنسيق جهودها وإيصال المساعدات بشكل جيد”.
أضافت: “منذ زيارة الرئيس ماكرون، جرى القيام بالكثير من أجل تأمين الدعم الدولي، لكن التحديات لا تزال كبيرة، فهناك التحديات الإنسانية الطارئة، وسيكون هناك تحدي إعادة الإعمار غدًا. وهناك تحديات المرحلة السياسية، فمن الضروري تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة وهناك التحديات الإقتصادية إذ من أجل الخروج من الأزمة يفترض القيام بإصلاحات جذرية. ما جئت أعبر عنه اليوم هو قوة وعمق تضامننا مع اللبنانيين، وإن قوة هذه الروابط لن تتفكك أبدا. أنا أعبر هنا عن عمق شعور الفرنسيين الذين يودون المساعدة، وهذا الرابط يحمل اسما اعطيناه لمجمل عمليات مساندتنا للبنان، وهو الصداقة”.
وردا على سؤال، قالت بارلي: “التقيت اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وذكرته بانتظاراتنا التي عبرت عنها بتشكيل حكومة في أسرع وقت. حكومة ذات مهمة مسؤولة لفترة محددة، بإمكانها أن تقود بفعالية إصلاحات عميقة، والرئيس عون قال لي إنه سيطلق عملية الاستشارات وفقًا للدستور لتسمية رئيس يتمكن من تأليف حكومة ستمثل أمام مجلس النواب لنيل الثقة”.
وردًا على سؤال حول وصول المساعدات الى اللبنانيين، قالت: “إنه شرط أساسي وضعته المجموعة الدولية التي تشارك بمساندة لبنان خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في 9 آب. يجب ان تذهب المساعدات إلى اللبنانيين الذين هم بحاجة. ولهذا قررت الحكومة اللبنانية تكليف الجيش اللبناني توزيع هذه المساعدات، وفرنسا تعمل مع الأمم المتحدة في هذا الاتجاه”.
أضافت: “إن مجمل المساعدات الغذائية ستُجمع في مكان واحد، وستُقدم إلى الجيش اللبناني الذي يؤمن من خلال المنظمات التي يحددها وصول هذه المساعدة إلى الشعب. وما فهمته اليوم خلال لقائي بقائد الجيش أن الجيش يسلم مباشرة هذه المساعدات إلى عدد من أحياء المدينة ويتم التسليم إلى كل منزل. ومع ازدياد المساعدات، يجب زيادة التسليم، وسيكون هذا الموضوع محور اهتمام الرئيس ماكرون الذي سيعود في أول أيلول من أجل أن يتأكد أن هذه المساعدات قدمت إلى من وجهت اليهم أي الشعب اللبناني”.
وعن تعزيز القوى الفرنسية في شرق المتوسط، قالت: “إن فرنسا موجودة منذ أمد طويل في شرق المتوسط، ونود أن نسجل دوما دعمنا لاحترام القانون الدولي واحترام القانون الدولي للبحار واحترام سيادة الدول، ويتعلق الموضوع بسيادة دولة هي عضو في الاتحاد الأوروبي. ولهذا السبب، نحن الى جانب شريكتنا اليونان”.
وردًا على سؤال حول التحقيق بشأن الانفجار، قالت: “شرعت الحكومة اللبنانية بإجراء تحقيق. وأعلن الرئيس ماكرون رغبته في أن يكون هذا التحقيق مستقلاً وذات صدقية وجدية. ولهذا اقترحنا أن ندعم هذا التحقيق، واقترحنا أيضا خبراء متخصصين من الشرطة والدرك الفرنسيين. واليوم، إن التحقيق هو في يد العدالة، وسنظل في تصرف المسؤولين عن التحقيق، فهناك دول عدة اقترحت تقديم خبراتها من أجل تسهيل التقدم بتحقيق مستقل وذات مصداقية”.