(الاغتصاب) لا يُفسر بالمفهوم الجنسي فقط، والذي يعني الإعتداء جنسيًا على أحداهنّ أو أحدهم، بما أننا نعيش بزمنٍ متقلبٍ وخالٍ من المعايير المفهومة، بل يعني أخذ الشيء بالقوة أيضًا، أو فرض قرار عنوةً على أحدٍ لم يرضَ به.
(الريس عمر حرب) فيلم لخالد يوسف أثار الجدل وحقق إيرادات ضخمة، وتناول عالم القمار وما يحدث في بعض (الكازينوهات) المصرية من تلاعب بمصائر وحيوات البشر، وعرض واقع اللاعب المدمن الذي يبيع كل ما يمتلكه كي يفوز بجولةٍ واحدةٍ من اللعبة..
القصة رائعة وواقعية والمعالجة الدرامية ممتازة، غير الصورة الممتازة التي قدّمها خالد رغم تصويره للفيلم منذ ١١ سنة تقريبًا، ولا نشعر إنه أقدم تقنيًا من أي عمل حالي، وما زاده إبداعًا وإمتاعًا للمشاهدين أداء ممثليه الرفيع، والذين تنافسوا بشدّة على إخراج أفضل ما لديهم، ومنهم: هاني سلامة، خالد صالح، سمية الخشاب، وغادة عبد الرازق.
رغم أهمية القضية المطروحة، إلا أن المخرج شوّه العمل عبر إقحامه عدّة مشاهد جنسية لم تكن لائقة ومبررة دراميًا أصلًا، وكان بإمكانه إيصال الأفكار نفسها بمشاهد أقل وقاحة، ما يفسر ميله منذ البداية نحو قاعدة: (الفن من أجل الجنس، لا الجنس من أجل الفن!)، لإظهار نوع غير مباشر من رغباته كمدمن على الأفلام والعادات الجنسية الشاذة، ويغتصب مواهب الممثلات والممثلين داخل مواقع التصوير بفرضه عليهم قرارات لا يقتنعون بها، وما يعزز قولنا:
- أولًا: ترحيبه وإشادته بمشهدٍ صوّر ولم يكن مكتوبًا داخل السيناريو، تمزق به غادة عبد الرازق قميص هاني سلامة وتجرح جسده بأظافرها الطويلة، برغبةٍ منها لممارسة علاقة جسدية معه… مشهدٌ إيحائيٌ إن فكرنا به يتطابق واقعيًا مع فضيحته الأخيرة، بعدما أجبر العديد من الممثلات الناشئات على فعل أمور جنسية شاذة وغريبة الأطوار، من أجل إعطائهم أدوار سينمائية أو درامية بأعماله.
- ثانيًا: إجباره سمية الخشاب على تأدية مشهد يتضمن قبلة مع هاني سلامة رفضتها وأبدت ندمها عليها بلقاءٍ حديثٍ لها قالت به إن المخرج يفرض أحيانًا على الممثل مشهدًا لا يقنعه، ويجد نفسه مضطرًا للموافقة عليه إلا إن كان يفكر بالإنسحاب، ما يؤكد إن خالد لا يتقبل بديمقراطيةٍ كما يدعي رفض الممثل لمشاهد جنسية يختلقها فجأة، لأن سمية قرأت السيناريو كاملًا مسبقًا، وكان بإمكانها رفضه منذ القراءة الأولى، ما يشير إلى إقحامه هذه النوعية من المشاهد بعد الإتفاق معها أو مع غيرها، ليخلّ بشروط العقد الموقع معهم.
- ثالثًا: الإستعانة بممثلة بديلة عن غادة عبد الرازق لأداء مشهد قبلة أخرى مع هاني بعدما قررت فجأة الإنسحاب بسبب إصرار خالد، وكان يُمكن إلغاؤه لأن المشهد اللاحق يعرض غادة بوضعية جنسية إيحائية فوق هاني على السرير، إلا أنه تمسك بها ورفض إلغاء المشهد، وربما يجد بمشاهدته أمام عينيه متعةً بصريةً تنسيه مهمته كمخرج!
- رابعًا: نصيحة يسرا السابقة لسمية أن توافق على أداء دور صغير بفيلم (عمارة يعقوبيان)، تظهر فيه شبه عارية إلى جانب الراحل نور الشريف على السرير للحظاتٍ بعد علاقة إفتراضية حدثت بينهما، ثمّ تستحم نادمةً على ما فعلته، ما يعني أن سمية لا تمانع تقديم مشاهد جريئة وتقتنع إن أقنعها أحدٌ وليست عنيدة بذلك، فكيف إن كان المخرج! كانت كذلك أبدت اعتزازها بمشهدها مع غادة التي تؤدي دور فتاة سحاقية في فيلم (حين مسيرة)…
كل هذا يعطي إنطباعًا من جديد أن خالد لم تكن لديه القدرة على إقناع أي ممثلة بمشاهدهِ الجنسية المختلقة دون مبررات درامية، وكان يهدد بطردهم بالمقابل، وكل ذلك لتصوير عدة لقطات يستمتع بمشاهدتها كمهووس بالجنس لا بالفن، ولنفرض أني أخطئ التحليل؛ فلمَ صمتت غادة وسمية ولم تدافعا عنه بعد فضيحته المدوية؟
عبدالله بعلبكي- بيروت