أطلق البوب ستار رامي_عياش فيديو كليب أغنيته الأحدث (أنا ثائر)، أعادنا عبرها لأولى لحظات تفجير بيروت المروّع الذي وقع بـ ٤ آب، وأسقطَ ما يزيد عن ١٨٠ شهيدًا وآلاف الجرحى ودمّر نصف العاصمة اللبنانية الإدارية وشرّد مئات الآلاف وأوجع الملايين.
غنّى رامي باللغة العربية الفصحى لكلمات كتبتْها نادين الأسعد، تقولُ بإحدى أبياتها: (أنا ثائر، أنا ثائر، ومن مَهدي إلى لَحدي، معي وطني معي غضبي، معي الإيمان في بلدي).
الألحان الجميلة ألّفها رامي نفسه الذي يحلّق إبداعًا كلما قرّر التلحين وكأن الموسيقى تجري بدمائه، التوزيع لداني حلو، الإخراج لأنطوني يوسف الذي قدّم كليبًا جيّدَ المواصفات، لكننا لاحظنا إشرافًا لرامي من الألف للياء على أكثر التفاصيل عمقًا.
الغناء هنا لا تكفيه الأوصاف ولا الموصوفات: جميل، سلس، ليّن، مزيج بين الشجن، الإحساس، والقوة.
بالطبقات العالية يتقن رامي الأداء، مسيطرًا على كل أحباله الصوتية، متمكّنًا من ملعب أصبح مدرّبه، لا يفقد الإحساس بل يمزجها بمساحات حنجرته الواسعة التي تمد غناءه بالقوة المطلوبة، أما بالطبقات الدنيا فتظهر خامته بأجمل حلّة وتطرب الآذان.
الظهور الأجمل مشهديًا كان للقديرة كارمن_لبس التي حضنتْ ابنها، بكت عند ابتعاده عنها، دون أن تضع أي مساحيق، ارتدت الأسود الشاحب، انهارت واستعادت أملها لاحقًا، إنها لبنان الذي يقع وينهض من تحت الأنقاض، إنها حكاية وطن عبثت به انكساراته لكنها لم تقضِ على تمرده، وطن ضعيف ثار دائمًا على ضعفه، بلد متألّم شنّ حروبًا على الآلام، وكُلما هُزم استعد لحرب أخرى.
إقرأ: رامي عياش وكارمن لبس سويًا عن تفجير بيروت! – صورة
هذا الإبداع كلّه لا نستغربه من ممثلةٍ كبيرة بمستوى كارمن التي نعرفها ثائرةً حتّى صميم الشخصيّة، يحيطها الغضب العارم من كلّ حكام وطنها قبل سنوات، لذا لم تتردد بالموافقة على مشاركة رامي هذا المشروع الوطني الفني القيّم.
(أنا ثائر) صفعة فنية قاسية على وجوه ساسة أفلسونا وحطمونا وقتلونا ونهشوا بأجسادنا وتلاعبوا بآلامنا من أجل بضعة صفقات دنيئة.
بالفيديو أدناه، يصل الفن لمرةٍ نادرة إلى أسمى أهدافه، فيشكّل مع القضية جسميْن متلاصقيْن لا يعرفان الفراق.
عبدالله بعلبكي – بيروت