رويدا_عطيّة، النجمة السوريّة التي صوّت لها أكثر من مليونيْ سوريّ وعربيّ بالحلقة الأخيرة من أنجح برامج الهواة (سوبر ستار) عام ٢٠٠٣، توقف نشاطاتها الفنيّة وتخذل كلّ المؤمنين والمراهنين على موهبتِها.
الفنانّ مشروع، لا آلة تغنيّ وتصدّر الأعمال، بل كيان مبنيّ على جمّة مبادئ وقيّم.
الفنان رسالة سامية، ورسالته تفرض عليه عاملَ الوفاء للجمهور الذي آمن به مطوّلًا، فكيف إن دفع من جيبه ليصوّت له ويحضر حفلاته ويشتري ألبوماته ويستمع إلى أغنياته؟!
رويدا التي أحببناها ولا نزال، يغيب عن اهتماماتها محبوها، غير أبهة بهم وبمشاعرهم وواجبها نحوهم، لأسباب لا نفهمها، مبهمة لا تحتوي منطقًا.
رويدا التي وعدتْ الشحرورة الراحلة صباح أنّ تحملَ شعلتَها، تجلس في منزلها، بينما تنظر إليها الراحلة الكبيرة من السماء بحزنٍِ وتراقبها متأسّفةٍ كيف تتحوّل إلى ناشطةٍ عادية (سوشيال ميديا)، تنشر الفيديوهات والصور الساخرة، دون قيمة، دون احترام لمسيرتها التي حملت تعاونات مع أساطير.
هي الشابة السمراء الجميلة التي راهن عليها أساتذة موسيقيون ونجوم، وحظيت بثقة الجماهير، لتصبح بفضل دعمهم السورية الأنجح في لبنان، لكن ما المقابل الذي قدّمته؟
هذا المقابل: تخلّت عن جمهورها الوفيّ، لنرى أسماءً أقل منها تنتج أعمالًا وتكمل دربها.
هنا أذكر وعودها للشحرورة الراحلة التي وصفتها بالصوت الأجمل الذي غنّى مواويلها، لكنّ رويدا خذلت صباح، ومعها وديع الذي انتقاها بين العشرات ليغنيّا دويتو بعنوان (هيدا لبنان)، وبعدهما كلّ المصفّقين لها.
رويدا خذلتْ سوريا التي نظّمت لها حملةَ دعم وكأنّها مرشحةٌ رئاسيّة عام 2003.
رويدا خذلتْ لبنان الذي يُعدّها نجمتَه ودعمها عبر إعلامِه وصحافتِه ونجومِه.
رويدا خذلتْ الأستاذ الكبير إلياس الرحباني، الذي نذكره يصفّق ويرفع لها يديْه مجلّلًا بعظمة صوتها في (سوبر ستار)، متوقّعًا لها مستقبلًا مشرقًا، كما فعل الملحن الكويتيّ عبدالله القعود.
رويدا تصفعهما وتصفعُ الناس، فتقرّر من منزلِها الآن عدم الانتاج، فالغياب فالتضحية بفنٍ ورسالةٍ ووعودٍِ ومبادئ.
نتفّهم إنجابها لطفلها زين ورغبتها الاعتناء به، لكنّها ليست النجمة الوحيدة التي أنجبتْ، وكثيرات قبلها وبعدها استطعن تنظيم أوقاتهنّ بين واجبّ جماهيرهنّ عليهنّ وواجب أطفالهنّ.
للجمهور واجب مُقدّس على الفنان، كما الطفل والزوج والعائلة.
هل المشكلة التي تعانيها رويدا تدور في فلكِ الإنتاج؟
سمير المولى يدير أعمالها، لكنّه الآخر يبدو غير مهتم، لا يجيد إقناعها ولا الحفاظ على وهجِ نجوميتها.
المال المشكلة؟
هل لا تملك رويدا المال؟ أو شركة المولى؟
معلوماتنا تقول لا، المال موجود، لكنّه الكسل الذي يلازم رويدا، وما عدنا نطيقه.
أين رويدا التي أطلقتْها العنود معاليقي كواحدةٍ من نجمات الصف الأول، وقدّمت معها أغنيات فاقت بنجاحها أغنيات المتربعين على العرش الفنيّ الشرقيّ، مثل (شو سهل الحكي)، (بلا حب)، (منرجع نلتقي)، وسواها؟
أين تلك الشابة التي أثارت إعجابنا بمستوى تطوّر حديثها في الجلسات الاجتماعية واللقاءات، وبأزيائها التي أظهرت جانبها الجماليّ؟
أين تلك التي أجادت اختيار الأغنيات مع العنود، وبعدها تراجعتْ فتخبطتْ باختياراتها ما بين الجيّد العابر واللا بأس غير المُسوّق له؟
أين تلك التي صوّرت مع المخرج عادل سرحان فقارعتْ المتفوّقات في ساحتِها، فأصبحت تصوّر مع مخرجين مبتدئين من أصحاب المحلات الصغيرة في الأحياء الشعبيّة؟
خط رويدا الفنيّ المثاليّ لاحظناه مع العنود التي رسمتْ لها هويّة، وبعدها ومع تضارس الخلافات بينهما، ضاعت كلّ المجهودات.
مع العنود، نسينا أنكِ متخرّجة من برنامج (سوبر ستار)!
أما الآن فعدتِ هكذا!
لكنّ الخلافات انتهتْ بينكما يا رويدا، لمَ لا تعودين مع العنود التي تنتج أعمال جيّدة لميريام عطالله مثلًا؟
وهل تجد العنود نجمةً أمكن وأكثر حضورًا وقبولًا عند الناس بين السوريات وتحديدًا في لبنان منكِ؟
مرّ جيلٌ كامل، لسنوات عشرة، لا يردّد أغنيةً جديدة لك يا رويدا!
هل نسيتِ تكريمكِ لصباح في بيت الدين عام 2011؟ كم صفّقت لكِ وتمنّت لك التوفيق!
هي أنتِ ذاتكِ تلك الناشطة التي لا تفوز بإعجابنا، وتنشر الآن مقاطع سخيفة عبر صفحتها؟
هكذا تخيّبين أمل شحرورتنا بكِ؟
لا أكاد أصدّق ما أكتبُه، أنا الذي أحببتُ رويدا منذ طفولتي، وربما ما أدوّنه الآن سيثير حفظيتها، لكنّ ضميريّ المهني وحرصي على مصلحتها يفرضان عليّ واجب النقد.
وأنتِ يا رويدا واجب الناس عليكِ لا يفرض شيئًا؟
أو أنّك تريدين الحذو بنموذجيّ عبير فضة وهويدا يوسف؟
صلاح الشرنوبي؟ عماد شمس الدين؟ رياض الهمشري؟ سليم عساف؟ كم فرصة مُنحت إليك شتّتِها!
صفحتكِ عبر (الانستغرام)، مسحتِ عنها كلّ الصور والفيديوهات الغنائيّة لأعمالك السابقة!
تتلاعبين بأرشيفك ومسيرتك ونجوميّتك وولاء المستمعين لصوتك الذي لا يُضاهى؟
ما أريده قوله بعد يتعدّى قدرة القارئ مهما أحبّكِ على القراءة.
لذا سأختصر هذا كلّه بسؤالٍِ:
هل تريدين الاعتزال؟
وما الفارق برأيك، ما دمنا نشعرك معتزلةً أصلًا؟!
أعلني الاعتزال إذًا وأريحي جمهورًا تعب ينتظرك كلّ مرة ويضع معك كلّ مرة الحجر الأول لمشروعك الفنيّ بل يحمله بساعديْه، على الأقل حينها يقول ولو متحسّرًا لكنّه حاسمٌ يعترف بالهزيمة المؤكّدة: أحببتُ يومًا صوتًا كبيرًا، ووثقتُ به، لكنّه خذلني وباعني ولم يهتم لأمري.
عبدالله بعلبكي – بيروت