تتوالى الصفقات السياسية بالبلاد، من محرقة العصر والتي سُميت ب(صفقة القرن) لإجماع الأحزاب السياسية عليها، والتي ستؤدي إلى إنتشار الأوبئة والأمراض السرطانية بحجة التخلص من النفايات، إلى إنشاء سد بسري بحجة تأمين المياه إلى العاصمة بيروت، والذي يؤدي إلى كوارث بيئية مدمّرة.
مجلس (الإنماء والإعمار) قرر مشروعًا لإنشاء سد بحجة تجميع المياه ونقلها إلى العاصمة عام 2011، رغم اعتراض أهالي مرج بسري على القرار وطعنهم بمرسوم الإستملاك عام 2015، إلا أنه لجأ إلى البنك الدولي لتمويل المشروع، غير آبه بذلك برفضهم وإستنكارهم.
السد يعرّض بسري المعروفة ببيئتها الساحرة، وبسهلها الواسع والوحيد في جبل لبنان، لعدّة مخاطر وأبرزها:
١- يؤثر على التنوّع البيولوجي فيها، ولمن لا يعلم فإن بسري تُعتبر ثاني أهم استراحة للطيور المهاجرة في لبنان، ويغيّر المناخ بسبب إقتلاع آلاف الأشجار من جذورها، والتي تمتصّ سنوياً حوالي 20 مليون كيلوغرام من الكربون، كما يؤدي إلى إزدياد الرطوبة وبالتالي بانتشار الأمراض الفطريّة بين الأشجار الحرجيّة والمثمرة، وبتهديد صحّة السكّان المحليّين.
٢- يهدد مواقع أثرية تعود لحقبات تاريخية متنوّعة (فينيقيّة، رومانيّة، بيزنطيّة، مملوكيّة وعثمانيّة) أبرزها: المعبد الروماني المدفون تحت الأرض، ودير القديسة صوفيا والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الرابع ميلادي، وكنيسة مار موسى الحبشي.
٣- إنشاؤه على فالق بسري الناشط زلزاليّاً والمتّصل بفالق روم يفتعل هزّات أرضيّة تُعرف بـ (reservoir-induced earthquakes)، لا يمكن تقدير درجة قوّتها أو المناطق التي تطالها، كما يسبب إنزلاقًا بالتربة الرمليّة وإنهيار الأراضي.
٤- مرج بسري يمتلك السهل الزراعي الوحيد في جبل لبنان، ويتميّز بخصائص مختلفة عن سهل البقاع والسهول الساحليّة، فتنشط عشرات المشاريع الزارعيّة التي يقدّر مردودها بعشرات ملايين الدولارات سنويّاً.
٥- ضرورة تواجد الأراضي الزراعيّة المنتجة والأنشطة السياحيّة على ضفاف النهر لأنها تشكّل موردَ عيش مستدام لا توازيه تعويضات الإستملاك الماديّة لأصحاب الأراضي، وتدميرها يؤدي إلى إفقار السكان وتهجيرهم ليكونوا ضحايا ادّعاءات تأمين المياه لبيروت، في حين أنّ أهالي جزّين والشوف يعانون من نقصٍ في المياه!
٦- تفوق كلفته 800 مليون دولار كدين (بطبيعة الحال)، علماً أن تجارب السدود في لبنان لم تكن ناجحة، في ظلّ توفّر بدائل أكثر فاعليّة وأقل كلفة لتأمين المياه، منها إعادة تنظيم قطاع المياه الجوفيّة واستثمار الينابيع البحريّة وغيرها.
٧- لن ينجح في تجميع المياه لأن طبيعة الأرض الكارستيّة المتشتقّقة والمتكسّرة والبنية الركاميّة الهشّة للقعر ستؤدّي حتماً لتسرّب المياه لجوف الأرض.
٨- مياهه مهدّدة بتلوّثها بالسيانوبكتيريا مثل ما حدث مع بحيرة القرعون، والتي لا يمكن إزالة سمومها بالتقنيات التقليديّة، كما أن اختلاط مياه بسري بمياه سد القرعون التي يريدون إرسالها إلى بيروت، سيجعل هذه المياه ملوّثة وغير قابلة للإستعمال المنزلي.
الأهالي لم يصمتوا على حقوقهم، رغم تهميش مجلس (الإنماء والإعمار لهم) ومساندة الدولة اللبنانية له، وتبني البنك العالمي لمشروعه، وأطلقوا العنان لصوتهم الرافض والشاجب لتدمير معالم بسري البيئية عبر مواقع التواصل، وإستطاعوا كسب تعاطف وتأييد كبير من عدد هائل من الناشطين عبر العالم، ليشكّلوا حملة عالمية بوجه المعتدين على أراضيهم وبيئتهم.
دعم عدد قليل من النواب مطالبات الأهالي، ومنهم بولا يعقوبيان، جميل السيد، فريد الخازن، إلياس حنكش، وأسامة سعد الذي يحضر كل التحركات والتظاهرات، فيما يحكى أن المشروع يتشارك فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، وتقول بعض المصادر إنه قويض بسد جنة مع التيار الوطني الحر بصفقة سياسية مشينة، ولمن لا يعلم فإن أكبر الملاكين في المرج من آل جنبلاط وآل سعد، ما يظهر بعض ملامح تمسك المعنيين بخيار السد لتغذية بيروت بكلفة تقارب 800 مليون دولار كما قُدّر المشروع، مسلوفًا كقرض من البنك الدولي يُسدّد من جيوبنا كلنا كما سددنا مليارات سابقة لم يصلنا منهم فلسًا.
أسس الحملة المحامي عماد القاضي، والذي ترشح عن المقعد الدرزي بقضاء عاليه-الشوف بالإنتخابات النيابية الفائتة، ودعمته حركة (كلنا وطني) المستقلة عن كافة الأحزاب السياسية اللبنانية، إلا أن النتائج المبينة على الإنتماءات الطائفية والحزبية والخطابات السياسية المقرفة أسقطته مع لائحته أمام لائحتي جنبلاط وطلال أرسلان.
عبدالله بعلبكي – بيروت
https://www.facebook.com/415746692118951/posts/824622447898038?sfns=mo
https://www.facebook.com/415746692118951/posts/821756808184602?sfns=mo