احتفى محرّك البحث العالمي (غوغل) بعيد ميلاد الفنان المصري الكبير الراحل أحمد زكي، ونشر صورةً له على صفحته الرسمية فوق مؤشر البحث.
أحمد لو كان حيًا جسدًا بيننا اليوم، لاحتفلنا به ولبلغ جسمه سنّ الواحدة والسبعين.
أما روحيًا، فلم يفارقنا للحظة، وبصمته لا تزلها الأعاصير فكيف تنسينا إياها، ما نراه من تفاهات وسقطات وانحدارات فنيّة وأخلاقيّة في وسطنِا الفني اليوم!
(غوغل) الذي يُلقّن، ليس كائنًا بشريًا يكنّ المشاعر، لا يبكي مثلنا ولا يتذكّر من فارقه، ولا قلب له يدقّ لمن ابتعد، وتتسارع دقّاته لمن يقترب، ويحزن لمن رحل.
لكنّه تذكّر كبيرنا، ما يعني أنّ الغالبية الساحقة من نجوم ونجمات الشرق لا يرتقون لمستوى آلة مُلقّنة، ولا يستحقون أن يكونوا بشرًا!
معظمهم تجاهلوا ذكرى رحيل العملاق الخالد في القلوب، الأبدي في العقول، الباقي في الوجدان.
(غوغل) أكثر شرفًا منهم.
لا يتجاهل الكبير سوى الصغار، سوى الخاسرين من كلّ الحسابات، العاجزين المتقوقعين، الذين يدركون جليًا أنهم يومًا لن يصبحوا كأحمد أو غيره من رموز فنيّة، جعلت للفن العربي قيمةً واسمًا وحضورًا عالميًا.
الصغار يغارون من الكبير لأنه يذكّرهم دائمًا بحجمهم الحقيقي، ويوقظهم من الأوهام التي يعيشونها بزمن الزيّف، بما يُسمى (السوشيال ميديا).
كلّ ما يحققونه من نجاحات وملايين المتابعات، غير كافٍ لتخليد عمل من أعمالهم، فكيف يخلدون أسماءهم؟
يشترون المتابعين، يتاجرون بالجوائز، يزوّرون الأرقام، يفتعلون الخلافات، يتعرّون، يقلّدون الغربيين، يلجأون لكلّ الأساليب مهما تدنّت، لكنهم يعجزون عن الوصول لذاكرة المشاهدة الطويلة.
الذاكرات القصيرة يصل لها كلّ من يريد، لكن العبرة الحقيقيّة بمن ينجح بإبقاء ذكراه مؤبدة.
الجماهير ينسونهم كأي تفصيل يومي يمر بحياتهم دون انتباه، ولا يذكرون سوى أحمد وكلّ من قدّم فنًا أصيلًا هادفًا.
(غوغل) اليوم مثّل إرادة وصوت مجمل المصريين والعرب، وبوجوده لسنا بحاجة إلى أشباه فنانين وفنانات، لا يستخدمون المحرّك العالمي إلا للبحث عن مراكز عمليات التجميل أو سعر السيارات والهواتف التي يريدون شراءها، أو كيفية شراء المتابعين!
وما بين أوهامهم وحقيقة أحمد وما صنعه الكبار، يختار (غوغل) الحقيقة غالبًا!
عبدالله بعلبكي – بيروت