كتب الحساب الرسمي لرئيس الجمهورية ميشال عون منذ ساعات: (الرئيس عون: فلتتعانق أصوات المآذن مع قرع الاجراس ولتصمت كافة الأصوات التي تعبث بوحدتنا الوطنية).
هذا الخطاب الإنشائي العاطفي البديع يحاول إخفاء واقع سيطرة الأحزاب على السلطة عبر إثارة النعرات الطائفية وتحريك عصبها، ومنها التيار الذي كان يرأسه عون قبل وصوله إلى قصر بعبدا وأصبح الآن بيد صهره الذي ورثه على قاعدة الإقطاعية السياسية، فإن غاب الابن يأتي الصهر، وإن غاب الصهر، تأتي البنت، على أي حال كل أفراد أسرته أصبحوا موظفين، ودون شك حسب كفاياتهم الشخصية!
التيار الوطني الحر كغيره من الأحزاب اللبنانية التي مللناها تحكم سلطة هزيلة أردنا إسقاطها في الشارع في ١٧ تشرين الأول من العام المنصرم، لكنه أكثر نفاقًا بالنسبة لغالبية اللبنانيين، لأنه يدعي العفة ويرفع شعارات محاربة الفساد، فيما ينشئ الصفقات ويدخل المحاصصات ويعشق السلطة ويتاجر بالمبادئ لحصد النفوذ.
النائبة بولا يعقوبيان التي تمردت قبل الجميع على الطبقة الحاكمة ردت على خطاب عون: (اكثر ما عبث بوحدتنا الوطنية هو ظلم السلطة على أساس المنطق المذهبي، واعلاء شعار حقوق الطوائف على حساب حقوق المواطن).
تابعت: (اللبناني موحدًا يعاني من أحزابكم التي تمارس شد العصب وتعزز الكراهية تجاه الآخر في المذهب، العناق الافتراضي لا يسمن ولا يغني).
ما قصدت بولا واضحًا ونوافقها عليه لذا نعد كل كلمة تقولها تمثّل الأحرار من اللبنانيين، فالتيار لطالما هدف لتوسيع الشرخ بين اللبنانيين، ومنع تحقيقهم حلم الدولة المدنية، ونذكر كيف أوقف جبران باسيل توظيف المسلمين في مجلس الخدمة المدنية، وكيف منعت بلدية الحدث التابعة لها تأجير المسلمين ومؤخرًا طردت مسلمًا من محله.
هذه الازدواجية التي كانت تقرفنا أولًا ثم أصبحنا نضحك عليها، لا تغير من المعادلة شيئًا فالمسيحي سيبقى متحدًا مع المسلم مهما بلغت حجم وقاحة مخططاتهم للتفريق بينهما من أجل البقاء في السلطة، وكلاهما أنشأ ثورة ١٧ تشرين وغير مستعديْن للانصياع مرة أخرى لأي من الأحزاب الحاكمة.
عبدالله بعلبكي – بيروت