هل يمكنك أن تؤيد حزب الله والثورة اللبنانية معًا؟
السؤال ليس صعبًا كما تظنون، والإجابة أسهل.
نعم، يمكنك تأييد الإثنيْن معًا لأن خطهما لا يتعارضان حسب تصريحات سماحة السيد نصرالله!
لكن كيف وكلّ المؤيدين للمقاومة اللبنانية يخوّنون الثوار ويتهمونهم بالعمالة ويشتمونهم ويرفضون الاستماع لهم؟
الحقيقة مختلفة، فحركتا الشعب والمقاومة لا تتعاكسان، كلاهما خُلقتا من رحم المعاناة والقهر، وكلاهما قاومتا الظالمين والحكام الجائرين، وكلاهما جعلتا كلّ لبناني يرفع رأسه بهما أمام الكون.
ما الذي يختلف بين مبادئ المقاومة والثورة؟
دعونا نغيّر السؤال لضعف وقلّة الاختلافات ولكثرة التشابهات التي تُختصر بالآتي:
- المقاومة تدعو لتحرير الأرض من أي كيان محتل، والثورة أيضًا تدعو لتحريرها من كل فاسد باع ضميره ومبادئه ونفّذ أجندات الدول الطامعة بثرواتها.
- المقاومة تهدف لمحاربة الظالمين وردعهم وعدم الاستسلام حتى النهاية، والثورة تهدف لمحاكمة الفاسدين والجائرين وعدم إعطائهم أي فرصة للاستمرار بنهب الناس مهما كبرت التضحيات، حتى النهاية أيضًا.
- المقاومة ترفع راية حماية الشعب اللبناني ومنع الاعتداءات عليهم، والثورة ترفع راية حماية حقوق الناس واسترجاع كلّ أموالها المنهوبة.
- المقاومة ترفض التعامل مع عدو تاريخي يتمثل بالكيان الإسرائيلي، والثورة ترفض التعامل مع عدة أعداء ليسوا أقل سوءً من الإسرائيليين.
- المقاومة تحمي ثروات الأرض، والثورة ترفض إعطاءها أو توكيل استخراجها لمن اعتاد سرقتها.
إذًا لمَ يعارض بعض مناصرو حزب الله الثورة ويتهمون كلّ مؤيديها بالخيانة العظمى، مع أن:
- المقاومة نفسها أخطأت أحيانًا وحمت بعض الفاسدين عن قصد أو ضعف، ولا تزال تتمسك بحلفاء يعلم الطفل الصغير منا حجم فسادهم.
- المقاومة لم تتفهم مطالب الناس وعوضًا عن الانشغال بالمعركة الداخلية المتمثلة بمحاربة الفساد، أرسلت المقاتلين للمحاربة على الجبهات الخارجية التي لا تعني هموم اللبنانيين وأزماتهم الخانقة.
- المقاومة ظلّت تتهم الثوار بالتعامل مع السفارات، ويومًا لم تخرج وثيقة تدين بها ثائرًا بتهمة الخيانة.
- المقاومة تهاجم المصارف اليوم، لكن وزراءها مددوا أكثر من مرة لحاكمها رياض سلامة رغم إدراكهم لملاحظات الناس على سياساته.
أما الثورة ورغم مرور شهور على إطلاقها، ومحاولات السياسيين تشويه وتعديل مسارها، لم تتخلَ عن مبادئها عكس المقاومة وظلّت:
- تتمسك بمطالب الناس وترفض الخضوع.
- ترفض أي عودة للفاسدين الذين حكموا حقبة استمرت لثلاثين عامًا.
- تعارض التصفيق لأي وزير حالي يؤدي واجباته، ليتعلم الجميع كيف يحكم دون انتظار أي مقابل عدا راتبه الشهري.
- تصر على تعديل الجسم القضائي، وتحرير القضاة من ضغوطات واتصالات السياسيين.
- تستنكر أي تدخل خارجي من الولايات المتحدة الأميركية ومن إيران حتى.
فمن تنازل، ومن تخاذل بتطبيق بعض مبادئه، ومن سار بعيدًا عن خطه بينهما؟
هل كنا لنتأخر بتحقيق انتصارنا كثوار لو دعمتنا المقاومة؟ لو طبقّت فقط مبادئها وتعاليمها؟ لو فقط لم تتراجع عنها لصالح الحلفاء؟
عبدالله بعلبكي – بيروت