منذ سنين مضت، شهدنا ثورة إنتاجية في عالم الدراما اللبنانية، تجلت بمشاركة ضيوف، لأبرز نجوم الدراما السورية الذين تخرجوا على أيدي أساتذة رمبدعين ومثقفين ،دلك حين كان الواقع الفني والمسرحي السوري يمتلك ألية فنية، وفكرًا جديدًا.
ساعد على ذلك تكافل المؤسسات الحكومية السورية، بالتفكير بخطة مبتكرة لإحياء الفن السوري الخالص، الذي يتميز بهوية خاصة في محاولة لعد النشبه بالمدرسة الدرامية المصرية.
وهكذا فكر المنتجون اللبنانيون، بضرورة الإلتفات للواقع الدرامي اللبناني، وصياغة دراما تشبه إلى حد ما الدراما التركية، أي دراما تجارية، تتجاوز أزمات ومشكلات الواقع العربي، الذي أنهكته الحروب، والمشكلات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية.
وهكذا خلقت الدراما اللبنانية مدرسة فنية جديدة، قائمة على التراكم المعرفي للدراما اللبنانية القديمة قبل أن تضربها الحرب الأهلية إضافة إلى ميزة التقنيات اللبنانية التي تصبو إلى الجمال أولا إن في الإضاءة أو غيرها، لتفرز مادة مميزة جعلت من الفنانيين السوريين الذين حلوا ضيوفًا غلى الدراما اللبنانية نجومًا من نوع مختلف، رغم امتلاكهم لشهرة سابقة، والدليل تصاعد أسماء كثيرة بفضل دعم الإعلام اللبناني الرائد عربيًا والذي يتميز بالذكاء الخارق في حسن التسويق والإعلان والدعاية للفنان.
وكذلك الأمر ينطبق على نجوم لبنانيين لم تكن أسماؤهم تذكر عربيًا فأصبحوا بالإجتهاد والعمل على أدواتهم نجومًا لامعين تتسابق المحطات على طلب أعمالهم، وهذا لم يؤثر على الدراما السورية الخالصة كونها من مدرسة مختلفة، بل بالعكس أثمرت نجاحًا للطرفين، وكرست فكرة مفادها أن الفن ليس له هوية، والكاريزما والذكاء الإجتماعي جزء كبير من تفوق الممثل واستمراريته.
لكن ومع مرور الزمن أصبحت الدراما اللبنانية قادرة على إنتاج أعمال خالصة، تحاكي الواقع اللبناني، وذلك من خلال إعادة تواجد الممثليين اللبنانين، الذين كانت الدراما اللبنانية تقصيهم، بسبب أزمات التسويق عن دراماهم.
نجد الممثل اللبناني الآن يملك طاقات خلاقة كانت غائبة عنا، وكأنهم يتحدون أنفسهم عند أول فرصة لهم، ليثبتوا أن الممثل اللبناني ممثل حقيقي ليس بعدد المشاهد، ولا بمقدار الأجر الذي يتقاضاه، بل لأن الممثل حالة إبداعية تنذر بالجنون، وهذا الأمر أدى إلى وجود فوارق كبيرة بالأداء ما بينهم وبين نجوم الصف الأول من لبنان وسوريا، ليثبت الزمن بأن الموهبة الحقيقية لا يمكن إقصاءها.
هنا يتضح لنا بأن المشكلة الحقيقية كانت بالصناعة الدرامية اللبنانية وليس بالممثل ولا الكانب ولا المخرج ولا التقنيين.
ولا يمكن أن نقول عن الدراما صناعة، إلا بوجود فنيين, وصناع محترفين, ومثقفين ومعاصرين للحداثة التقنية، وخاصة بتطور الكبير الذي تشهده الدراما والسينما حول العالم.
بظل هذا الوضع، أصبح يتوجب على نجوم الصف الأول العمل مرارًا على الشخصيات التي يقدمونها، والتدرب تحت أيدي أصحاب المهارات العتيقة الذين سبقوهم، وذلك عبر ورشات عمل فنية مستفدين من التجربة السورية في التسعينيات، ليقدموا حالة فنية تُسقط عنهم لعنة الشهرة والأضواء، وتظهرهم بالشكل المطلوب.
وإلا كان سيتم إقصاءهم طبيعيًا بحكم المسؤولية الفنية الجديدة لتطور الواقع الدرامي اللبناني الذي لم يعد يقبل بالتساهل، بعد أن كسب ثقة الجمهور العربي، واعتمد على نفسه وكوٌن لذاته هوية فنية، لا تشبه المدارس الفنية الأخرى.
لكن السؤال؟ هل ستستمر الدراما العربية المشتركة بتحقيق الحضور على مستوى العالم العربي؟
وهل نجمات الصف الأول اللبناني يستمرن على نفس الوتيرة من النجاح؟ أم سنشهد بروز نجمات أخريات من الزمن الجميل أي من الزمن القديم؟
وهل سيحتم النجاح إقصاء دراما النجم الأوحد، الذي تم إعدامه حتى في الدراما المصرية؟
التراكم الإنتاجي المتنوع هو من سيغير المعادلة التسويقية، القائمة بشكل أساسي على إعجاب الناس, الذين لا يترددون بإبداء أرائهم، التي تكون في أغلب الأحيان صريحة إلى حد الهمجية, بسبب كبت الحريات سابقًا والذي أعدمة الواقع الإفتراضي، زي السوشيال ميديا.
نهاية.. البقاء للأقوى والأكثر ذكاء
وبالختام لا يمكننا إلا أن نذكر أسماء هؤلاء النجوم الذين صنعوا تاريخ الدراما اللبنانية واستمروا بالعطاء رغم الظروف الصعبة، رندة كعدي، كارمن_لبس، روزي الخولي، كارول عبود، أحمد الزين، فادي أبي سمرا وغيرهم من الطاقات الشبابية التي لمعت بتقمص الشخصيات.
كنان شقير – سوريا