كثيرون يظنّون أنّنا نعادي النجم السوري ناصيف_زيتون، وربما ناصيف نفسه يعتقد ذلك لأنّنا مارسنا بحقِه أكثر من مرة سياسات نقديّة بهدف تصويب خطواته الفنيّة، كوننا نراه من الأسماء الشابة اللامعة، والتي يمكن وبالقليل من العمل والتخطيط السليميْن، أن تصبح من كبار الغد.
هذا غير صحيح لعدّة عوامل، أولها أننا نثني عليه كلّما قدم عملًا جيدًا ينال استحساننا ونشعر أنّه حظي بقبول المستمعين، وثانيًا لأنّنا نحبّ شخصيته الوقورة والمهذبّة وعصاميته في الحياة، وكنا كتبنا مطولًا عن هذه النقطة.
يمكنكم القراءة أدناه بالتفاصيل:
إقرأ: ناصيف زيتون لمَ احترمه وهل غيّرته النجومية؟ – صورة
نحترم هذا النجم السوري الذي استطاع التواجد في ساحةٍ اكتظت بالآلاف من المواهب الشابة، ويستمر للسنة العاشرة يحقّق الأرقام المرتفعة ويحصد المراتب الأولى.
منذ أسبوع سمعتُه لمرةٍ أولى يغنّي أغنيته الأحدث (لا تحزني)، لكنّني سمعتها سريعًا دون أن انتبه بدقةٍ لمعالمها، بنظرةٍ فنيّة إلى مراحل صناعتها بدايةً من الكلمة مرورًا باللحن ثمّ التوزيع، وصولًا لأدائه.
هذا لأنّنا نعاني كثيرًا في وطننا، ونشعر بخنقةٍ مميتة، أمام أكبر الخسارات التي نواجهها وأمرّها.
لم يعد لدينا طاقة لمعرفة ما يحدث بعيدًا عن مستنقع آلامنا الذي يتسع عمقه يومًا بعد يوم، ولا رفاهية الوقت والاهتمامات، رغم أن مواكبة الأخبار الفنيّة وآخر الإصدارات، نعده ويُعد بديهيًا، واجبًا مهنيًا يقع علينا كصحافيين.
لذا عدتُ ضميريًا ومهنيًا لاستمع لناصيف، الذي أثار إعجابي، بعدما لامستُ تطورًا واضحًا باختياره للأعمال التي أطلقها مؤخرًا.
كلّ شيء بهذا العمل يبدو مختلفًا عما قدّمه سابقًا.
أما الأبيات الشعرية الغنائية ورغم سوداويتها، إلا أنها اخترقت قلبي، ربما لأنّني اختبر كما كلّ لبناني مقيم هنا أو مغترب هناك، مزاجًا كئيبًا، يجعلني أتذوّق الأعمال السوداء، نافرًا من كلّ عملٍ قد يصدر البهجة في زمننا الكابوسيّ.
الكلمات لفادي أسعد، الألحان رائعة لأحمد بركات، التوزيع لعمر صباغ الذي عادةً ما يتفوّق بمهامه كموزّعٍ، ورغم سنّه الصغير إلا أنّ سجله الآن بات يضم عددًا لا يُستهان به من الأغنيات الناجحة.
الأداء مُتقن، مّرهف الحسّ، أنيق وجميل لناصيف، الذي دون منازع أو أدنى شك حتّى، يمتلك واحدًا من أفضل أصوات الشرق في أيامنا.
وأمامه كما يبدو بعد، المزيد من النجاحات التي ستجعل منه نجمًا كبيرًا، لا تسقطه المنافسات ولا الظروف، خلال السنوات القليلة المُقبلة.
عبدالله بعلبكي – بيروت