يمنى الأراشي، المصورة اليمنية-الأميركية التي ترعرعت في واشنطن، عملت على مشروع لم يتخيل الغرب أنها قادرة على تنفيذه في العالم العربي. إنه مشروع تحت عنون (إظهار البشرة) Shedding Skin الذي يقتصر على تصوير نساء شبه عاريات داخل الحمام بحسب صحيفة (فوغ) Vogue الأميركية.
كان ذلك المشروع تحديًا كبيرًا بما أن صورة المرأة الشرقية التي يأخذها الغرب عنها هي صورة المرأة الملتزمة بالدين الإسلامي التي تلبس الحجاب والتنانير الطويلة والتي لا تُظهر جسدها إلّا لزوجها أو لبعض النساء الأقرباء منها خلف أبواب الحمام المغلقة.
فهل ستسمح هؤلاء النساء للمصورة الأميركية بالتقاط صور لهن في ذلك المكان وهن عاريات في الحمام؟
لم توافق النساء على أخذ صور لأجسادهن وهن عاريات في الحمام فحسب بل لم تظهرن بالصورة النمطية للنساء العربيات التي يتخيلها العالم عنها وكانت بعيدة كل البعد عنها، لدرجة تتخيل أن هذه الصور تم التقاطها في باريس أو في نيويورك ربما.
استوحت يمنى الأراشي تلك الفكرة من حمام في تونس حيث كانت تعمل على مشروع آخر. توجهت إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان إلا أن المالكين لم يؤيدوا الفكرة وواجهوها فانسحبت. فتوجهت إلى الحمام في بيروت المدينة التي تُعتبر من أكثر المدن انفتاحًا في الشرق الأوسط، لكنها ترددت. لأن المكان كان حديثاً أي لم يكن تحديدًا ما كانت تبحث عنه لتنفيذ مشروعها. لكنها غيرت رأيها وقررت أن تكون جلسة التصوير في حمام بيروت لجعل الصور تبدو عصرية أكثر.
بعد مرور وقت لا بأس به من التصوير في الحمام، علمت يمنى أن فقط نصف النساء اللواتي حضرن جلسة التصوير كن مسلمات. وقالت: (لا أصور النساء المسلمات فقط. حتى لو كانت الدولة دولة مسلمة هذا لا يعني أنها ليست منفتحة تجاه الديانات الأخرى).
خلال جلسة التصوير التي تضمنت نساءًا لبنانيات تتراوح أعمارهن بين ال20 وال60، سارت الأمور بكل هدوء وطمأنينة وراحت النساء تخلعن ثيابهن وتلفّنّ المنشفة حول أجسادهن. وبينما كانت يمنى الأراشي تعطيهن التوجيهات لتلقط الصور المناسبة، كانت النساء تسكبن المياه على أنفسهن وعلى بعضهن. أما الضوء فكان خافتًا بعض الشيء مائلاً إلى اللون الذهبي، ما منح مشهد الصور طابع عصر النهضة في أوروبا.
في هذا السياق قالت يمنى الأراشي: (أريد تسليط الضوء على مثل هذه الأماكن لأنها فعلاً مهمة لهذه الحضارة). وأضافت: (لا يقتصر الأمر على كيف تجلس في هذه الأماكن أو كيف تتصرف أو كيف تبدو، لا فرق بين الجمال والقباحة. إنه مجرد مكان يتحدث فيه الناس ويضحكون مع بعضهم البعض. إنه أمر جميل).
وكانت جلسة التصوير مع عرض الصور بالإضافة إلى فيديو قصير في نيو يورك ولوس أنجلوس ما جعل المشروع ناجحًا بدعم من الـ ASOS وهو متجر للأزياء والتجميل الإلكتروني البريطاني. ولم تكن هذه أول شركة تدعمها بمشاريعها، إذ تعاونت يمنى الأراشي مع الكثير من المؤسسات العالمية مثل حملة (نايكي) Nike الأخيرة حول الرياضيات المحجبات.
حاولت المصورة اليمنية-الأميركية يمنى الأراشي أن تغير الصورة النمطية عن المرأة العربية من خلال هذا المشروع. ورغم كل الانتقادات نجحت يُمنى بإعطاء النتيجة التي كانت تسعى إليها. فلن تدرك أن النساء العاريات في هذه الصور هن فعلاُ نساءً عربيات إذ ابتعدت الصورة عن إظهار المرأة العربية بالحجاب وما إلى ذلك، وبدا المشهد كأن تم التقاطه خلال عصر النهضة.
رغم كل الآراء المختلفة حول هذا الموضوع، يُعتبر ذلك فنًا في التصوير يُدعى فن التجريد أو التعري، والفن يحمل رسالة ويتضمن جمالاً داخليًا بعيدًا عن العري بمعناه التجاري، ولا يستفز المتفرج. فن التعري أو التجريد ليس أمرًا جديدًا ولا يتصل بالأساس بغاية الإثارة الجنسية أو قصد الإشارة لها حتى، فهو يسلّط الضوء على كون المرأة هي الرمز الأكثر وضوحاً والتجسيد الأكثر صراحةً للجمال. ونجحت يُمنى بإظهار جمال النساء العربيات من هذه الناحية المختلفة عن الصور التقليدية.