تطورت المسلسلات اللبنانية هذا العام أداءً وإخراجًا ونصًا، واستطاعت أن تنافس المسلسلات العربية كلها، والتي لم تكن بأفضل مواسمها.
لكن أخطاءً إخراجية قللت من جودة الأعمال.
نغوص في العناوين العريضة، ونبتعد عن المثالية والاحتراف الكامل بالصناعة، نهتم للأداء وأحيانًا لا، لجودة الصورة وأحيانًا لا، لنوع اللقطات وأحيانًا لا.
يجب على مخرج أي مسلسل أن ينتبه للباس الممثل وتسريحة شعره والمساحيق لكي يتفادى الأخطاء الإخراجية التي يلاحظها المشاهد.
الهاتف الذي تحمله الشخصيات مهم ويعطي انطباعًا عن مستواها الاجتماعي ووضعها المالي، ويجعلنا نصدق حالة البذخ أو الفقر التي تعيشها، والأتراك تحديدًا يهتمون لهذا التفصيل جيدًا، الممثل لا يغير هاتفه دون مبررات درامية، لا يشتري واحدًا بألف دولار إن كان فقيرًا، والغني لا يحمل آخر لا يتجاوز ربما مبلغ المئة دولار، لذا نراهم بالمقدمة، ولذا يجيدون صياغة الدراما التي تنتشر في كل بقاع الأرض.
من الأمثلة والنماذج التي يمكن اعطاؤها: هاتف هازال كايا بمسلسل (أسميتها فريحة) الرخيص والقديم الذي تحمله نسبةً لتدني مستوى معيشة أسرتها، ونراها تدعّي أمام حبيبها (أمير) إن هاتفها الثمين مسكور وتصلحه كونها لا تود خسارة المعلومات والصور عليه، وبـ (العشق الممنوع) يشتري (مهند) الثري هاتف فور طرحه في الأسواق، بينما يتحطم هاتف (سمر) وتشتري عوضه (نوكيا N97) الذي كان غاليًا آنذاك، ليبرروا لنا كل ما حدث بالتفاصيل الدقيقة.
في لبنان، الموضوع يختلف نرى مثلًا عمار شلق نجل العائلة الأرستقراطية يحمل هاتف (هواوي) بـ (انتي مين)، فيما تقتني كارين رزق الفقيرة المعدومة الحال (Iphone Xs max) الذي يساوي ثمنه ثلاث أضعاف تقريبًا ويهديها اياه الرجل الذي يحبها وتكرهه، وتلعب شخصية ترفض التنازل عن مبادئها فكيف قبلت هديته، وأين المنطق رغم جمال القصة وواقعيتها؟ ولا نلوم كارين انما المخرج إيلي حبيب الذي لم ينتبه لهذا التفصيل.
قصي خولي يمتلك (Samsung Galaxy Note 9) بـ (خمسة ونص)، وعندما يرن نسمع نغمة هواتف (هواوي) الشهيرة لا سامسونغ، ولا نشكك ببراعة المخرج فيليب أسمر الذي يخرج أجمل المشاهد بعين ساحرة، وربما يرى الأمر غير مهم أو له نظرته الخاصة، لكن مخرج هوليوود مثلًا قد يوقف تصوير مشهد إن مرت نملة أو أصغر منها حتى (بالمعنى المجازي)!
سيرين عبد النور التي تلعب دور الاعلامية الشهيرة (نور رحمة) تسجل الأسماء على هاتفها (Note 9) أيضًا باللغة العربية، وهذا غير منطقي ولا يحدث في لبنان لأن مقدمات البرامج تستخدمن اللغة الانكليزية أو الفرنسية، ليجهل المخرج السوري سامر البرقاوي إن الأحداث لا تحصل في سوريا إنما في بلدٍ قليل من يكتب بلغة عربية!
عبدالله بعلبكي – بيروت