في ظل الضبابية التي تحيط برؤية كل دولة لمفهوم «التعايش مع كوفيد-19»؛ تساءل كثيرون إن كانت الدول الغربية، بل بقية دول العالم، ستحذو حذو الولايات المتحدة، التي قرر رئيسها جو بايدن خلال مارس الجاري إطلاق مبادرة سمّاها «أفحص لتتعالج»، يقوم بموجبها المواطن الأمريكي بزيارة مئات من المراكز الصحية المزودة بصيدليات، حيث يخضع للفحص لمعرفة ما إذا كان مصاباً بفيروس كورونا الجديد. وإذا أكد الفحص إصابته فسيتم إعطاؤه دواء مضاداً للفيروس وفقاً لعكاظ. فما هي مضادات الفيروسات؟ وكم يتوافر منها لمعالجة كوفيد-19؟
ظلت الأدوية المضادة للفيروسات على قيد الوجود منذ ستينات القرن الماضي، على هيئة أقراص، أو أدوية يتم حقنها بالوريد. وتكون أحياناً على هيئة مراهم، أو قطرات للعين. والمتاح منها حالياً يستهدف فيروس إتش آي في (الإيدز)، وفيروسات الهيربس، وفيروسي التهاب الكبد الوبائي «ب» و«ج»، والإنفلونزا «أ»، و«ب».. وأخيراً فيروس كورونا الجديد الذي يسبب مرض كوفيد-19. وتقوم نظرية هذه الأدوية على قمع قدرة الفيروس على نشر عدواه، واستنساخ نفسه داخل خلايا جسم المصاب. ويتيح ذلك للمصاب أن تخف الأعراض التي تنتابه، وتقصر فترة المرض الذي يعانيه. وأحياناً يمكن تعاطي هذه الأدوية في دور إيواء المسنين لمنع تفشي الفيروس في أتون فترات اندلاعه. وبالنسبة إلى فيروس إتش آي في تعطى هذه الأدوية بشكل متواصل، حتى لو تكن لدى المصاب أعراض مرضية تذكر؛ وذلك بغرض منع استفحال المرض، والحيلولة دون تفاقم أعراضه. وتختلف الطريقة التي يؤديها العقار المضاد للفيروس من دواء لآخر. فمنها ما تقتصر وظيقته على منع الفيروس من استنساخ نفسه ليتمدد إلى الخلايا السليمة داخل الجسم. ومنها ما يحرم الفايروس من آلية الاستنساخ فور نجاحه في اختراق الجسم.
وبالنسبة إلى كوفيد-19 يوجد حالياً في الولايات المتحدة عقاران مضادان لفيروس كورونا الجديد. وهما «باكسلوفيد»، الذي ابتكرته شركة فايزر الدوائية الأمريكية. وأقرته أجهزة الرقابة على الأدوية في ديسمبر الماضي، للاستخدام لدى الأشخاص الأكثر عرضة لمخاطر كوفيد، من سن الثانية عشرة فما فوقها. ويتم صرفه للمريض في علبة تحتوي على 30 قرصاً، يتم تناولها بواقع ثلاثة أقراص مرتين يومياً. أما العقار الثاني لكوفيد-19 فهو مولنوفيرابير، وهو دواء طورته شركة ميرك الدوائية الأمريكية، وتم فسحه في ديسمبر الماضي. ويتم تعاطيه بواقع 4 أقراص مرتين يومياً لمدة خمسة أيام. وهو متاح للأشخاص المعرضين لمخاطر عالية من سن 18 عاماً فما زاد عليها.
وأظهرت نتائج التجارب السريرية قدرة العقارين المذكورين على تقليص الحاجة إلى تنويم المريض، واحتمالات وفاته بكوفيد-19، بشرط أن يتم أخذهما بعد أو خلال أيام من تأكُّد الإصابة بالفيروس. وتشير بيانات شركة فايزر إلى أن دواء باكسلوفيد يقلص احتمالات التنويم والوفاة لدى الأشخاص ذوي المخاطر الصحية المرتفعة، والأشخاص غير المطعّمين بلقاحات كوفيد-19، بنسبة 88%، إذا تم تعاطيه خلال أيام من الإصابة. أما مولنوفيرابير فلا تزيد قدرته على تقليص احتمالات الوفاة والتنويم على 30%، إذا تم تعاكسه خلال 5 أيام من حدوث الإصابة بالفيروس. ولذلك يفضل غالبية الأمريكيين تناول عقار باكسلوفيد. ويتمسك الأطباء الأمريكيون بأن هذين العقارين لا يمكن إعطاؤهما للجميع؛ إذ اشترطوا أن يكون المستفيد منهما قد أصيب بالفايروس أو بدأت أعراضه تظهر عليه في غضون الأيام الـ 5 السابقة لزيارته للطبيب. كما أنه يتعين أن يكون مصاباً بمرض مزمن يجعله عُرضة لتدهور حاله الصحية إذا أصيب بكوفيد-19. ولا يعطي الأطباء الأمريكيون هذين العقارين للأشخاص الذين أصيبوا بالفايروس ولكن لم تظهر عليهم أعراض الإصابة. كما أنه لا يمكن صرف أي من هذين العقارين له إذا لم يكن من ذوي المخاطر الصحية المرتفعة. غير أن أي شخص يزيد عمره على 65 عاماً يستطيع الحصول على هذين الدواءين، وكذلك أي شخص مصاب بأمراض من قبيل مرض القلب، والسرطان، والسكري، والبدانة.
والسؤال الأكثر أهمية: هل لأي من هذين الدواءين مضاعفات جانبية؟ بالنسبة إلى عقار باكسلوفيد، ذكر متعاطون له أن بعضهم أصيبوا بالإسهال، وأوجاع العضلات، وتغيرات في حاسة التذوق. وهي بالطبع من أعراض كوفيد نفسه. ويقول أطباء إن باكسلوفيد يمكن أن يحدث مضاعفات حال تعاطيه مع بعض مسكنات الألم، وأدوية الستاتن التي توصف ضد الدهون. وفي حال الأدوية المنظمة لضربات القلب التي لا يمكن وقف استخدامها لأي سبب، يفضل الأطباء أن يصفوا دواء مولنوفيرابير لمرضاهم، لأنه لم يعرف له تأصير مضاد لأي أدوية أخرى قد يتعاطاها الشخص. لكنهم لا يستبعدون أنه قد يتسبب في حدوث إسهال، أو غثيان، أو شعور بالدوخة. ولا يسمح لأي شخص دون سن الـ 18 بتعاطي ملونوفيرابير، لأنه يؤثر في نمو العظام والغضاريف.
المصدر: وكالات