في عالم يزداد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، أصبحت ألعاب الفيديو ظاهرة ثقافية ضخمة تُشكل وعي الأجيال الجديدة. لم يعد الأمر مُجرد تسلية، بل تحوّلت هذه الألعاب إلى ساحة معركة رقمية تُشعل الخطاب السياسي في العالم العربي، وتُثير نقاشات حية حول قضايا جوهرية مثل الحرية والعدالة والديمقراطية.
فلم يعد عالم الألعاب الإلكترونية حكرًا على الترفيه فقط، بل تحول إلى ساحة معركة جديدة للخطاب السياسي في العالم العربي. فمع ازدياد شعبية الألعاب الإلكترونية، وارتفاع أعداد اللاعبين من مختلف الأعمار، باتت تُستخدم كأداة للتعبير عن الآراء السياسية، ونشر الوعي بالقضايا الاجتماعية، بل والتأثير على مسار الأحداث في بعض الأحيان.
تشير بعض الإحصائيات إلى أن أعداد مستخدمي الألعاب الإلكترونية في المنطقة العربية يمثل نسبة كبيرة من إجمالي عدد المستخدمين على مستوى العالم، وتتمتع هذه المنطقة بالنمو المطرد في صناعة الألعاب نظرًا لزيادة أعداد الشباب وسهولة الوصول للألعاب.
فالبعض يذهب إلى اللعب بشكل فوري عبر كازينو 888 الذي يوفر مجموعة كبيرة من الألعاب منها السلوتس والباكارات والبلاك جاك والروليت وغيرها. يستمتع اللاعبين عبر الكثير من خيارات اللعب المختلفة، ويحصل اللاعب على جائزة نقدية عند الفوز في اي لعبة مما يزيد من شعبية هذا الموقع على وجه التجديد. بعض ألعاب السلوتس المتوفرة تعكس طابع الثقافة العربية مستوحاة من الأحداث العربية الشهيرة عبر التاريخ وهو نفس الطريقة التي تتخذها الألعاب الإلكترونية ذات الطابع السياسي.
ألعاب تُحرّك المشاعر وتُلهب الوعي
من لعبة “ثورة” المصرية التي تُحاكي ثورة 25 يناير، إلى لعبة “Palestine” التي تُجسّد معاناة الشعب الفلسطيني، تُقدم ألعاب الفيديو العربية محتوى سياسيًا يُحرّك مشاعر اللاعبين ويُلهب وعيهم حول القضايا المُلحّة.
فهذه الألعاب الإلكترونية تساهم في ربط الشباب والأجيال الجديدة بالأحداث السياسية الجارية، وتزرع داخلهم نمو وطني مع بعض الانتماءات السياسية. ففي لعبة فورة مثلًا تهدف اللعبة إلى إحياء ذكرى 25 يناير المصرية حيث يتقمص اللاعب دور أحد الثوار الذي يكرس نفسه من أجل مهمة الدفاع عن الوطن.
لا يقتصر الأمر على هاتين اللعبتين، ولكن هناك المزيد من الألعاب الأخرى التي تأخذ طابع سياسي ومنها لعبة Freedom Fighters” التي تدور أحداثها في فلسطين المحتلة، حيث يتقمص اللاعب دور مقاوم فلسطيني يناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي. من جانبها، تتناول لعبة “1948” حكاية النكبة الفلسطينية عام 1948، وتتيح للاعبين تجربة معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وتحاكي لعبة “Checkpoint” تجربة الفلسطينيين عند عبور الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
تأثيرٌ يُلامس الواقع
لا يقتصر تأثير ألعاب الفيديو على العالم الافتراضي، بل يُمكنها أن تُؤثر على الخطاب السياسي في الواقع. تُساهم الألعاب الإلكترونية ذات الطابع السياسي في نشر الوعي بالقضايا السياسية، خاصةً بين الشباب، كما تُتيح الألعاب الإلكترونية مساحة للتعبير عن الآراء السياسية، خاصةً في ظل القيود المفروضة على حرية التعبير في بعض الدول العربية. هذا بالإضافة إلى أنها تُمكن الألعاب الإلكترونية من تجربة الأحداث السياسية من منظور مختلف، مما قد يُساهم في تغيير وجهة نظر اللاعبين.
فمثلاً، ساهمت لعبة “Freedom Fighters” في إثارة مشاعر التعاطف مع المقاومة الفلسطينية، بينما ساعدت لعبة “Papers, Please” في تسليط الضوء على قضايا الهجرة واللاجئين.
الحكومات العربية بين الرقابة والتشجيع، ومسؤولية مشتركة
تتباين مواقف الحكومات العربية من محتوى ألعاب الفيديو السياسية. فبينما تُمارس بعض الدول الرقابة على هذه الألعاب، تُشجّع أخرى على إنتاج ألعاب تُروّج لأيديولوجياتها.
تُحاول بعض الحكومات العربية فرض رقابة على محتوى الألعاب الإلكترونية، خاصةً تلك التي تُعتبر ذات مضمون سياسي. تُفرض بعض الدول العربية قيودًا على استيراد الألعاب الإلكترونية ذات المضمون السياسي. تُنظم بعض الدول العربية فعاليات ومسابقات للألعاب الإلكترونية بهدف توجيه محتوى الألعاب نحو قيم إيجابية.
تقع على عاتق شركات الألعاب الإلكترونية مسؤولية كبيرة لضمان محتوى مسؤول يُراعي قيم المجتمع ويُعزّز التفكير النقدي. يجب على شركات الألعاب الإلكترونية مراعاة التأثير السياسي لألعابها، كما يجب الحرص على تقديم محتوى موضوعي ومتوازن. من المهم أن يكون هناك تعاون بين شركات الألعاب الإلكترونية والحكومات العربية لتنظيم محتوى الألعاب الإلكترونية.
يُمثل الشباب العربي الشريحة الأكثر تفاعلًا مع ألعاب الفيديو، مما يجعلهم فئة مؤثرة في الخطاب السياسي. فمع إمكانية الوصول إلى المعلومات بسهولة، يُمكن لهذه الألعاب أن تُلهم الشباب للمشاركة في العمل السياسي والمطالبة بالتغيير.
مستقبلٌ واعد
مع تطور التكنولوجيا وازدياد شعبية ألعاب الفيديو، يُتوقع أن تُصبح هذه الألعاب أداةً أكثر تأثيرًا في الخطاب السياسي في العالم العربي. فمع ازدياد وعي الشباب بقضايا المنطقة، يُمكن لهذه الألعاب أن تُساهم في إحداث تغيير إيجابي على المستوى السياسي والاجتماعي. من الممكن أن تُستخدم الألعاب الإلكترونية كأداة للتغيير السياسي في المنطقة العربية، ويعتمد مستقبل استخدام الألعاب الإلكترونية كأداة للتغيير السياسي على قدرة الحكومات العربية وشركات الألعاب الإلكترونية على التعاون لتنظيم محتوى الألعاب الإلكترونية.
ختامًا، ألعاب الفيديو ليست مجرد تسلية، بل هي أداة قوية للتعبير عن الآراء ومناقشة القضايا السياسية. فمع تزايد تأثيرها على الخطاب السياسي في العالم العربي، تُصبح مسؤولية الجميع – الحكومات والشركات والمجتمع – ضمان استخدام هذه الأداة بشكل مسؤول وفعال لبناء مستقبل أفضل، ومن المهم أن نُدرك تأثيرها على الخطاب السياسي، ونُساهم في توجيه محتوى الألعاب الإلكترونية نحو قيم إيجابية.