فرقتنا السوشيال ميديا، أصبحنا كالآلات، عبيدا لها، نسينا كيف نحب ونعشق، كيف نبكي بحرقة ونسامح، كل ما نجيد فعله ترجمة أحاسيسنا بمجموعة أيقونات سخيفة جامدة على شكل قلوب ووجوه مرسومة تكنولوجيًا مبتسمة، الابتسامة التي هجرت نفوسنا ووجوهنا.
الوقت يمر بسرعة، أصبحنا مجردين من كل معاني الإنسانية، تحولنا إلى كائنات لا تعرف فن التواصل والنقاش، نقضي معظم ساعات يومنا خلف شاشة نرد على أشخاص لا نعرفهم، ونسينا أناسا مهمين في حياتنا، أصبحوا بالنسبة لنا غرباء، كل مايستهلونه منا إتصال هاتفي مدته رمشة عين.
لكن الله لا يخطئ أبدًا، رزقنا بفيروس كورونا الذي ضنه العديد منا نقمة، وشرًا للبشرية، لكن الوباء تحول إلى خير بالنسبة لي، جعلني أعطي وقتا لأشخاص هجرتهم، نسيت فضلهم عليَ، حولني من جسد أنهكته هموم الدنيا إلى طفل صغير.
بعدما كنت كالغريب في عائلتي، أزورهم مرة أو مرتين أسبوعيا، تغيرت الأمور وأصبحت أجلس معهم على طاولة الغداء والعشاء، أسامرهم، أقص عليهم يوميات عملي، أساعدهم في الطبخ وتعقيم المنزل.
أمي التي تعبت لكي أصبح الرجل الذي أنا عليه اليوم، ضحت بحياتها من أجلي لأكمل دراستي، وقعت في حب كورونا لأنه أرجعني اليها، أعطاها فرصة لتحس من جديد بأمومتها التي اختفت مع مرور الزمن.
كورونا جمع العديد من العائلات بعدما تشتتت في عصر السرعة والنفوس الضائعة، أعاد الينا كنزا فقدناه، لم شملنا من جديد، تمكن من إحداث معجزة عجز عنها رجال الدين الذين نصحوننا كل خطبة جمعة بالمحافظة على أهلنا وزيارة أقربائنا، شكرا كورونا لانك جعلتني أقول كلمة أحبك لوالدتي لأول مرة في حياتي.
أمي كل سنة وأنت نور الله على الأرض