يشهد الذهب ارتفاعاً ملحوظاً ويتداول بالقرب من مستويات 2653 دولار، في ظل التوترات الجيوسياسية التي تعصف بمضيق تايوان، حيث قامت الصين بتدريبات عسكرية في المنطقة مما أثار قلقاً دولياً ودفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
ويعتبر هذا التوتر بين الصين وتايوان أحد العوامل الرئيسية التي تقود الطلب على الذهب في الفترة الحالية، وخاصة مع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. وقد يتكرر هذا النمط التاريخي الذي شهدته الأسواق المالية، حيث يميل الذهب إلى اكتساب قوة إضافية في فترات الأزمات الجيوسياسية، كونه ملاذاً آمناً يهرب إليه المستثمرون في ظل عدم اليقين والمخاطر.
اقرأ: الذهب يتماسك مع ترقب تصعيد الحرب الإقليمية
ومن وجهة نظري، يعتبر التحفيز المالي الذي أعلنته الصين مؤخراً دعماً إضافياً لأسعار الذهب. ذلك لأن الصين تعد أكبر سوق للمعدن الأصفر، وأي إجراءات لدعم اقتصادها تكون ذات تأثير مباشر على الطلب العالمي على الذهب. وقد أعلن وزير المالية الصيني عن برنامج تحفيزي واسع النطاق خلال عطلة نهاية الأسبوع، يستهدف معالجة الديون الحكومية المحلية وتقديم دعم إضافي للاقتصاد المتباطئ. وفي ظل هذا الإطار، أعتقد بأن الطلب على الذهب في الصين سيرتفع، وهو ما قد يدفع بأسعار الذهب إلى مستويات جديدة أعلى، خاصة إذا استمر تأثير هذا التحفيز على الاقتصاد الصيني في المدى المتوسط.
وأرى أيضاً أن الذهب(XAU/USD) يقترب من مستوى مقاومة رئيسي عند أعلى نطاقه المتعدد الأسابيع بين 2660 و2670 دولار. وهذا المستوى يشكل حاجزاً نفسياً وفنياً هاماً للمستثمرين، حيث قد يكون اختراقه إشارة إلى ارتفاعات أكبر في المستقبل. ومن المتوقع أن تكون هذه المقاومة الحاسمة نقطة محورية في تحديد اتجاه حركة الذهب خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التوترات المتزايدة على الصعيد الجيوسياسي والسياسات الاقتصادية المختلفة التي تدعم اتجاه السوق.
اقرأ: الذهب قرب أعلى مستوى له على الإطلاق
إضافةً إلى ذلك، يستمر الاتجاه العالمي نحو تخفيض أسعار الفائدة كعامل آخر يدعم أسعار الذهب. فالبنك المركزي الأوروبي من المتوقع أن يعلن عن خفض جديد لأسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في أكتوبر، مما يعزز من توقعات المزيد من السيولة في السوق، وبالتالي دعم أسعار الأصول الثابتة كالذهب. حيث يُعد هذا التحرك جزءاً من دورة التيسير النقدي التي يعتمدها العديد من البنوك المركزية حول العالم في الوقت الحالي. وفي الولايات المتحدة، البيانات الاقتصادية تدعم أيضاً التوقعات بخفض جديد في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر المقبل، مما سيضيف ضغطاً إضافياً على الدولار ويدعم الذهب.
اقرأ: مستقبل أسعار الذهب: ماذا بعد 2600 دولار؟
ومع استمرار تباين أرقام معدلات التضخم في الولايات المتحدة، كما أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأخيرة، فإن التوقعات الآن بين تخفيضات الفائدة بـ 25 نقطة أو تثبيتها، وهذا يُؤدي لتذبذب أسعار الذهب. فكلما تباطأت معدلات التضخم واتجهت البنوك المركزية نحو تخفيف السياسة النقدية، يزداد الطلب على الذهب كأصل احتياطي يحافظ على القيمة في مواجهة تقلبات الأسواق والعملات.
وأعتقد أن تفاعل الأسواق مع هذه المستجدات جاء سريعاً، حيث ارتفعت احتمالية خفض الفائدة الفيدرالية بـ 25 نقطة إلى 90%. وهذه التوقعات تُعزز من دور الذهب كأصل بديل في ظل احتمالات انخفاض العوائد على السندات والودائع البنكية.
اقرأ: الذهب يواصل مكاسبه التاريخية
وعليه يمكنني القول بأن أسعار الذهب مرشحة لمزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة. لعدة أسباب هي التوترات الجيوسياسية، التحفيز المالي الصيني، والتيسير النقدي العالمي، كلها عوامل تشكل بيئة داعمة للأسعار. من الناحية الأساسية، وإذا استطاع الذهب تجاوز مستوى المقاومة الرئيسي بين 2660 و2670 دولار، فإن ذلك قد يدعم مزيد من المكاسب في المدى المتوسط. فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها الأسواق العالمية، يبقى الذهب هو الخيار الآمن للمستثمرين في أوقات عدم اليقين.
وأرى أن الذهب سيستمر في الارتفاع اذا ما استمر التوتر حول العالم. خاصة أن السياسات الاقتصادية المتبعة في الصين ستكون حاسمة في تحديد مدى قوة الطلب على الذهب في السوق العالمية. ومن المحتمل أن نشهد تقلبات في حركة أسعار الذهب على المدى القصير، ولكن التوجه العام يشير إلى مزيد من الارتفاعات في حال استمرار الظروف الحالية.