شهد مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) ارتفاعًا قويًا، حيث لامس مستويات 106.70 نقطة أمس ليبدأ اليوم الخميس عند 106.65 نقطة، مدعومًا ببيانات اقتصادية أمريكية قوية وارتفاع العائدات، إلى جانب موقف أقل تيسيرًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وهذه العوامل تعزز الاتجاه الصعودي للمؤشر، حيث يشير الأداء الاقتصادي المرن للولايات المتحدة إلى قدرة الاقتصاد على تحمل معدلات فائدة مرتفعة لفترة أطول من المتوقع. كما أن التوترات الجيوسياسية تدعم الطلب على الدولار كملاذ آمن، مما يضيف مزيدًا من الزخم للمؤشر.
اقرأ: الدولار القوي وتوقعات الفيدرالي يهددان بريق الذهب – خاص
ومن وجهة نظري، البيانات الاقتصادية الأخيرة في الولايات المتحدة أظهرت مؤشرات إيجابية، بما في ذلك مرونة سوق العمل وارتفاع النشاط الاقتصادي، مما أعطى المستثمرين الثقة في قوة الاقتصاد الأمريكي. وهذه البيانات دعمت العائدات على السندات الأمريكية، ما جعل الأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية. ومع تأكيد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، على أهمية الاعتدال في خفض أسعار الفائدة، أصبحت الأسواق أكثر تحفظًا بشأن توقعات التيسير النقدي، مما قلل من الضغوط على الدولار وأبقى الاتجاه الصعودي قائمًا.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن بلوغ المؤشر أعلى مستوياته السنوية قرب 107.00 قد يؤدي إلى فترة من التراجع أو التوحيد. هذه الحركة الطبيعية للسوق غالبًا ما تعكس جني الأرباح بعد مكاسب قوية، لكنها لا تعني بالضرورة تحولًا في الاتجاه العام. وعلى العكس، فإن الدعم القوي من العوامل الأساسية، مثل استمرار ارتفاع العائدات واستقرار الاقتصاد، يشير إلى أن أي تراجع محتمل قد يكون مؤقتًا وفرصة لإعادة التمركز.
اقرأ: مستقبل اليورو/الدولار وسط حالة عدم اليقين بشأن سياسات ترامب – خاص
ومن جهة أخرى، فإن التحركات الحذرة للسياسة النقدية الأمريكية تعزز من استقرار الدولار. كما أن تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، بمن فيهم باول، ركزت على أهمية التوازن بين التضخم والتوظيف، مما يقلل من احتمالات خفض سريع لأسعار الفائدة. فانخفضت توقعات السوق لخفض أسعار الفائدة في ديسمبر إلى حوالي 58%، وهو تحول يعكس مزيدًا من الثقة في بقاء الدولار قويًا في المستقبل القريب.
وبرأيي، التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا إضافيًا في دعم الدولار. خاصة مع تصاعد التحديات العالمية، يظل الدولار الأمريكي ملاذًا آمنًا للمستثمرين، وهو ما يعزز الطلب عليه. هذه الديناميكيات، إلى جانب استمرار تفوق الاقتصاد الأمريكي مقارنة بنظرائه العالميين، تجعل من الصعب رؤية ضعف كبير في أداء مؤشر الدولار على المدى القصير.
ومع ذلك، فإن الأسواق ستترقب بقية هذا الأسبوع بيانات طلبات البطالة الأسبوعية وأرقام مؤشر مديري المشتريات من S&P. هذه البيانات ستكون حاسمة في توجيه توقعات السوق، حيث يمكن أن تؤكد أو تتحدى الاعتقاد القائم بشأن مرونة الاقتصاد الأمريكي.
اقرأ: مصير الدولار بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي – خاص
ومن وجهة نظري هنا تشير إلى أن الاتجاه الصعودي لمؤشر الدولار سيظل سليمًا طالما استمرت الأسس الاقتصادية والسياسية في دعمه. ومع ذلك، فإن التحدي الأساسي يكمن في قدرة المؤشر على تجاوز المستويات النفسية المهمة عند 107.00 ومواصلة الصعود نحو مستويات أعلى. وقد يشهد المؤشر تراجعًا نحو 106.00 أو حتى 105.50 كحركة تصحيحية قبل استئناف الاتجاه الصاعد، مما يوفر فرصة محتملة للمستثمرين الراغبين في الدخول.
اقرأ: تراجع زخم الدولار وسط المخاوف – تحليل خاص
وفي النهاية، أرى أن مؤشر الدولار الأمريكي يبقى في وضع قوي، مدعومًا بعوامل أساسية وفنية. وعلى الرغم من احتمالية حدوث تراجعات قصيرة الأجل، فإن الاتجاه الصعودي الأساسي للمؤشر يبدو متماسكًا، مدعومًا بمرونة الاقتصاد الأمريكي والموقف الحذر للاحتياطي الفيدرالي. لذلك، تظل التوقعات إيجابية للمؤشر، مع ترقب المستثمرين لأي إشارات إضافية من البيانات الاقتصادية المقبلة.
تحليل: رانيا جول