لم أتفاجأ حين سمعت الناشطة الحقوقية والمحامية الكبيرة بشرى الخليل، تعاتب المقاومة اللبنانية بسبب تخاذلها في قضية إطلاق سراح العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري.
عامر الفاخوري، الذي عذّب وقتل الآلاف من اللبنانيين، والمعروف بـ(جزار الخيام)، هُرّب من لبنان عبر طائرة أميركية بطريقة هزلية تثير السخرية والألم معًا، ليفقد لبنان جزءً من كرامته أمام عدوٍ أذّله مرتيْن وهزمه أمام الكون بأسرهِ.
بشرى الخليل يومًا لم تقف إلا في صفوف أوائل المدافعين عن حزب الله، الذي قدّم آلاف الشهداء كي لا يسلّم لبنان رقابنا للصهاينة، لكنها وأمام تخاذل مُخجل كهذا، لم يسعها إلا أن تعارض متألمةً وتعاتب كلّ من أدار هذا الملف أو علم به وصمت، دون أن يتحرّك.
المحامية اللبنانية صرخت بصوتٍ خجلٍ ضد التنازل اللبناني أمام الأميركي، الذي سجّل هدفًا في مرمى الوطن، لتثبت ولاءها للأرض أولًا وعدم اعتمادها التبعية العمياء بكلّ القضايا المصيرية أو حتّى التافهة.
- من ينسى عندما حاربت الجميع وواجهت حربًا من بعضهم؟ بعدما سافرت إلى العراق واتخذت قرارًا كاد يودي بحياتها لتدافع عن قوميتها وعروبتها اللتيْن تمثلّتا آنذاك بشخص الرئيس الراحل صدام حسين، ونجحت وقتها بفضح المحكمة الأميركية تحت مسميات عراقية، وجعلت كبار الجامعات الحقوقية العالمية تشيد ببراعتها.
- من ينسى كيف رفعت صوتها تشيد بصدام الذي يتهمه بعض الشيعة بقمعهم وقتل علمائهم، وكيف دافعت عن ابن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بقضية حرجة تتعلق طائفتها وتحديدًا بتغييب الإمام موسى الصدر؟
هذه السيدة يومًا لم تحرّكها الطائفية المقيتة، من المتمردات قبل ثورة ١٧ تشرين الأول على النظام الطائفي وفضحت المحاصصات وسطوة المصارف، ولطالما كانت بأوجه الاستعداد على تقديم حياتها وأغلى ما تملكه بسبيل كرامة لبنان ومقاومته التي أبعدت عنه المخاطر، وحمت ثرواته.
أخطأت المقاومة فنددت بشرى لأنها لا تعتمد استراتجية التبعية العمياء، وتعارض شقيقها ووالدها وقريبها لو أخطأوا وتنصف المظلوم حتى لو لم تلتقِ به مرةً.
ابتسمتُ كما كلّ ثائر على الفساد عندما شاهدتها أمس تخاطب الإعلامي طوني خليفة.. أعجبتني ثقتها، نبرتها، لغة جسدها وشعرت بصدقها.. كلّ ما لمحته كان كافيًا لاستنشاق أمل جديد وسط الخناق الذي يلف رقابنا، بوجود شخصيات وطنية نزيهة صلبة وسيدات لا يتاجرن ويفعلن المستحيل لنصل لدولة مدنية، ويحصل اللبناني على حقوقه مهما طال زمن التحديات وكبرت محاولات إسكاته.
تستحق بشرى أن تصبح قائدةً لمجلسٍ نيابي يتمرّس نظام المراقبة الذي غاب عنه لعقود، أو وزيرة لحقيبة سيادية تحرّر القضاء من التبعية السياسية، لأنها من معارضات الواسطات والرشاوي، ومال الكون عندها لا يساوي ذرة كرامة ولا أتفه مبدأ.
https://www.facebook.com/BushraAlKhalilOfficial/videos/2822428147822464/
عبدالله بعلبكي – بيروت