قدمت النائبة بولا يعقوبيان، اقتراحًا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لتأليف لجنة تحقيق برلمانية في فضيحة الفيول المغشوش والهدر في قطاع الكهرباء.
وقالت في مؤتمر صحافي عقدته اليوم في مجلس النواب: 10 نواب وقعوا معي اقتراح تأليف لجنة التحقيق هذه، وهم: ابراهيم عازار، فؤاد مخزومي، نعمة افرام، عدنان طرابلسي، سامي الجميل، جورج عطاالله، جهاد الصمد، بلال عبدالله وعناية عز الدين. نحن 10 نواب وقعنا وهناك نواب آخرون من كتل بارزة جدًا تتحدث عن الكهرباء رفضت توقيع اقتراح لجنة التحقيق هذه الذي أعتبره أكثر من ضرورة.
وقالت: البعض يقول ان الموضوع في القضاء والقضاء يحقق. أقول من الآن أن القضاء مسيسٌ وتسيّره الطبقة السياسية ونعرف كيف تذهب الملفات إلى الادراج. وأذكّر بملف المجرور الشهير ايدن باي. ملف الفيول المغشوش سيذهب إلى المصير نفسه، إلى لفلفة في القضاء وتمييع كاملين، والحكومة جددت لعقد “سوناطراك” رغم كل الكلام على هذا العقد ورغم كل التشكيك المبني على وقائع وتقارير وواقع مزرٍ في هذا الملف، ومع ذلك استمروا في العقد.
وأضافت: “هذا يعني انه ذاهب حكمًا إلى اللفلفة. وإذا نظرنا إلى مؤشرات أخرى في هذا الملف، نرى إخلاءات سبيل غير معروف على أي اساس لموظفين اعترفوا بأنهم تلقوا رشاوى أو هدايا. هذا كله يقول أن المسألة ذاهبة نحو اللفلفة. هذه المسألة تطال كل اللبنانيين وحياتهم واقتصادنا. لا أحد يعتقد أن أي اقتصاد أو صناعة وبوادر تحسن في حياتنا المعيشية اذا لم يكن لدينا كهرباء رخيصة، وإذا لم نُظهر جدية في هذا الموضوع، واذا لم نضعه على السكة يعني لا يوجد اصلاح، لا استطيع ان اصغر من حجم مسألة الكهرباء بأي شكل من الاشكال هي اكثر من نصف المشكلة، سواء أكان في المالية او في الاقتصاد او في احتمال النهوض لاحقا. وأقول ان المؤتمر الصحافي الذي عقدته سابقًا في موضوع “سوناطراك” أثار ضجة في الجزائر أكثر من لبنان.
احد الصحافيين في الجزائر يصف لبنان بجنة الفاسدين. العقد سري فضح من المستفيد من هذه الاموال؟ وأقول أن الفيول المغشوش جزء صغير من العقد المغشوش. المشكلة هي العقد السري الذي لا شيء فيه لمصلحة لبنان. نحن في هذا العقد كلبنانيين لا يحق لنا فحص الشحنات، يعني لا نستطيع فحص (حمولة) الباخرة التي تأتي. قيل انه يتم فحصها في آخر جزء تعبأ فيه، وفي لبنان فحصنا لا قيمته له، مع أن المنشآت كانت تزور أو تفحص، الفحص هو في آخر نفق عبئت فيه هذه الباخرة. كيف ذلك؟”.
وقالت: النواب الذين لن يقبلوا بالذهاب إلى لجنة التحقيق البرلمانية أقول بوضوح هم متواطئون في هذه المسألة والمسألة الأكبر المتعلقة بالعقد ذاته. هذا العقد يجب ألا يتجدد فقط، بل يجب أن تكون هناك عودة الى الوراء. نحن عبر القضاء وعبر لجنة التحقيق البرلمانية يجب أن نصل الى مرحلة نحاسب فاسدًا ونسترد الأموال المنهوبة”.
وتابعت: “سمعتم كلام وزير الطاقة السابق (النائب جبران) باسيل يتحدث عن 16 مليار دولار فقط عجز الكهرباء في عهده. يعني خلال 12 عاما لأنهم تسلموا الوزارة عام 2008 الى الان. ويقول ان الرقم هو 16 مليارا. وانا اعطيته رقما فوق الـ 40 مليارا ومن الـ 2008 الى اليوم الكلام على 16 مليارا ليس صحيا، وكان هناك محاولة للرد على هذا الموضوع. ولكن اعتقد انه كان يرد على الدكتور مروان اسكندر في آخر مقال له فند فيه الارقام. اعتقد ان ارقام الدكتور اسكندر دقيقة وصحيحة.
وأريد ان اعطيكم أرقام الوزير (السابق) زياد بارود، وهو شخص يحترمه الشعب اللبناني ويتمتع بصدقية عالية وليس ضد الوزير باسيل. فقد ترشح في الإنتخابات النيابية مع “التيار الوطني الحر”. يقول الوزير بارود في مقال له في 14 آذار 2019 انه في عام واحد، عام 2018 كانت كلفة الكهرباء على لبنان 6,8 مليارات دولار. جباية مؤسسة كهرباء لبنان كانت نحو مليار او اقل. يعني خسارة البلد من تحويلات وسوء ادارة في سنة واحدة نحو 5,8 مليارات دولار، واعطيكم ارقام وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش الذي اجرى دراسة مفصلة ومعمقة عنوانها كهرباء لبنان وانعكاسات سلبية على الاقتصاد. بحسب الوزير بطيش تحويلات مصرف لبنان لتغطية عجز الكهرباء بين 2008 و2014 بلغت 12,332 مليار دولار، مع اضافة كلفة التمويل، ويقول ان خسارة الكهرباء في فترة الـ6 أعوام هذه كانت 7,5 في المئة من الناتج الوطني”.
وقالت: “اذا اعتمدنا هذه الارقام نفسها تحكي عن 25 مليار دولار عجزا مباشرا على حساب المال العام. اذا حكينا عن تداعيات على الاقتصاد اللبناني يعني نحكي عن خسارة اقتصادية بنحو 3,5 الى 4 مليارات دولار كل سنة. هذا ملف واحد اسمه ملف الكهرباء رقم الـ 16 مليار دولار بعيد من الواقع”,
وأضافت: “لم يبق امامي الا البرلمان لأكل العنب لانني اريد ان تكون لدينا كهرباء رخيصة مثل كل دول العالم. وهذا اضعف الايمان. اعتقد انه لن تأتينا اموال من الخارج. وكل المؤشرات تقول ان لا صندوق النقد الذي يتفاوض معنا اليوم ولا كل الذين اعطوا مؤشرات جيدة لخطة الحكومة سيعطونا اموالا. السبب انهم منذ 20 عاما يطلبون منا الاصلاحات نفسها. من “باريس 1″ نحن نعد بالاصلاحات ولم ننفذ مرة واحدة. وملف الصهر هو من هذه الملفات وفي كل العهود تسلم هذا الملف واستمر فيه. وأسأل وزراء الطاقة المتعاقبين القريبين من الوزير باسيل لم نستطع ان نبني معملا خلال 5 سنوات نعطل البلد لاسباب شخصية. لا نفعل شيئا. هناك 8 الاف مولد كهرباء في بيروت، ماذا يعني ذلك؟ واثره على صحتنا واقتصادنا؟ التعمية هذا الموضوع عير مسموحة. وأريد ان احيي الشباب الذين يتظاهرون امام وزارة الطاقة فهذا اكثر موضوع لا ينتظر”.
وتطرقت الى “تجنيس سيروس احسني الذي اعترف بذنبه في مواضيع تتعلق برشاوى”، وسألت: “كيف تم تجنيسه”. وختمت: “الناس حقهم ان يعرفوا لماذا ليس لدينا كهرباء في البلد بعد”.
بالاشارة الى الموضوع والمرجع اعلاه، لما كانت فضيحة استيراد الفيول المغشوش لمعامل الكهرباء تحت ستار شركة “سوناطراك”، والتي تكشفت بعض تفاصيلها أخيرا، تعد من اكبر فضائح الفساد وهدر المال العام ونهبه في الجمهورية اللبنانية بحيث كبدت الخزينة، مدى اكثر من 10 أعوام ما يتجاوز الـ300 مليون دولار اميركي سنويا على اقل تقدير، وقد تحول سبر اغوارها الى كرة ثلج متدحرجة تجاوزت حدود الذهول وتفاقمت دائرة الملاحقات فيها لتطاول عددا كبيرا من موظفي وزارة الطاقة والمياه والمنشآت النفطية والمختبرات المركزية ومسؤولين وعاملين في شركة “سوناطراك” وغيرها من الشركات والاشخاص، ولا يزال من الواجب التوسع في التحقيقات في خصوصها في جميع الاشكال والسبل المتاحة توصلا الى معرفة سائر تفاصيلها وكل المتورطين فيها ومحاسبتهم.
ولما كانت هذه الفضيحة ما هي الا حلقة من الهدر والفساد المتنامي في قطاع الكهرباء والذي يكبد الخزينة خسائر فادحة تتجاوز المليار دولار اميركي سنويا كان لها دور بارز في انهيار مالية الدولة والوضع الاقتصادي برمته، ولا بد بالتالي من اجراء التحقيقات الموسعة في خصوصها بغية الالمام بجميع التفاصيل وتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل متورط.
ولما كان وقف المسار الانحداري في هذا القطاع ووضع حد للفساد المستشري فيه يوجب على جميع سلطات الدولة القيام بواجباتها وممارسة مهماتها على الوجه الاكمل بشكل متعاضد متضافر في سبيل تفكيك منظومات ومافيات الفساد المتغلغلة فيه,
ولما كان مجلس النواب هو السلطة الرقابية الام ويقع في صلب مهماته الدستورية المراقبة والمحاسبة في ما يتعلق بمخالفة الدستور والقوانين النافذة والفساد ونهب المال العام وهدره، ولا سيما اذا كانت الشبهات تحرم حول بعض الوزراء والادارات والمؤسسات التابعة لهم او الخاضعة لوصايتهم.
ولما كنا لاجل ذلك نطلب تأليف لجنة برلمانية للتحقيق في فضيحة الفيول المغشوش والهدر في قطاع الكهرباء مع ايلائها سلطات هيئات التحقيق القضائية وفق ما هي محددة في القانون رقم 11/72 تاريخ 25/9/1972 والمادة 143 من النظام الداخلي لمجلس النواب تمكينا لها من القيام بمهمتها، على ان ترفع تقريرها النهائي الى الهيئة العامة لمجلس النواب لتقوم هذه الاخيرة باتخاذ الاجراءات اللازمة لملاحقة المسؤولين المخالفين ومعاقبتهم امام المراجع المختصة سواء عبر الاطر القضائية والادارية ام عبر المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء عند الاقتضاء.