قالت وكالة (رويترز) إن مجموعة من خبراء التسلل الإلكتروني الأميركيين، والذين كانوا يعملون سابقاً في المخابرات الأميركية، ساعدت دولة الإمارات العربية المتحدة في التجسس على مقدّمة البرامج جيزيل خوري، ورئيس شبكة الجزيرة، وشخصيات إعلامية عربية، خلال الأزمة الخليجية التي إندلعت بين السعودية والإمارات وبين قطر.
عمل الخبراء الأميركيون لصالح برنامج سري للمخابرات الإماراتية للتجسس على منشقين ومعارضين سياسيين للنظام الحاكم في الإمارات يعرف بمشروع (ريفين)، وكان تقرير للوكالة في كانون الثاني/يناير 2019 أعلن عن (مشروع ريفين) وأنشطته، بما في ذلك مراقبته لناشط بريطاني، والعديد من الصحافيين الأميركيين الذين لم تُورد أسمائهم.
كانت عدّة دول خليجية قطعت علاقاتها مع قطر عام 2017، وفرضت عليها مقاطعة جوية وبحرية وبرية. بالوقت عينه، بدأ خبراء مشروع (ريفين) العمل، فإخترقوا هواتف آيفون بخاصة بعشرة صحافيين ومسؤولين تنفيذيين بوسائل إعلام، يُعتقد أن لهم صلات بحكومة قطر أو جماعة الإخوان المسلمين، وذلك وفق ما أظهرته وثائق إطلعت عليها الوكالة العالمية وأربعة أشخاص من المشاركين في العملية.
تجسّس (ريفين) على شخصيات إعلامية عربية، من الإعلامية جيزيل خوري التي تسكن في بيروت والتي تقدّم برنامج (المشهد) على قناة (بي بي سي) باللغة العربية، إلى رئيس مجلس إدارة شبكة (الجزيرة)، مرورًا بمنتج في قناة فضائية في لندن أسسها عضو في جماعة الإخوان المسلمين.
بعد ثلاثة أيام من بدء المقاطعة، اخترق خبراء ريفين هاتف جيزيل الخاص بها، وتظهر وثائق برنامج ريفين أنه جرى إستهدافها بسبب اتصالها بعزمي بشارة، المفكر العربي المقيم في الدوحة.
قالت جيزيل خوري في مقابلة بعدما أبلغتها (رويترز) باختراق هاتفها: (عليهم أن يمضوا وقتهم في تحسين أحوال واقتصاد بلدهم، وليس في جعل جيزيل خوري هدفا للتسلل الإلكتروني).
قال الخبراء السابقون بالمشروع إن الهدف كان العثور على أدلة تظهر أن النظام القطري يؤثر في تغطية (الجزيرة) وغيرها من وسائل الإعلام.
كانت المحطة بالمقابل تعلن دائمًا إستقلاليتها عن حكومة قطر. وقال الملحق الإعلامي بسفارة قطر في واشنطن/ جاسم بن منصور آل ثاني بوقتٍ سابقٍ: (حكومة قطر لا تطلب أو تسأل أو تفرض على الجزيرة أي أجندة). وأضاف: (الجزيرة تُعامل مثل أي وسيلة إعلام أخرى محترمة).
لم ترد وزارة الشؤون الخارجية الإماراتية أو سفارتها في واشنطن على الموضوع، كما امتنعت وكالة الأمن الوطني الأميركية عن التعليق، وكذلك حدث مع المتحدثة بإسم وزارة الدفاع الأميركية.
بينما رأت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى قطر دانا شل سميث، إن من المقلق أن يتمكن مسؤولون سابقون بالمخابرات الأميركية من العمل لصالح حكومة أخرى لإستهداف قطر، وقالت إنه ينبغي لبلادها أن تعزز الإشراف على خبراء التسلل الإلكتروني الذين تدربهم بعد أن يتركوا العمل في المخابرات. وأضافت في حديث لـلوكالة العالمية: (ينبغي ألا يُسمح لأشخاص يتمتعون بهذه المهارات بتقويض المصالح الأميركية أو العمل بما يتنافى مع القيم الأميركية سواء عن علم أو دون علم).
كذلك إستهدفوا فيصل القاسم، مقدّم برنامج الجزيرة (الإتجاه المعاكس). وقال القاسم إنه لم يفاجأ باستهدافه من قِبل الإمارات. وأضاف: (باختصار، إنهم يخافون الحقيقة!) و(كأنهم يقدّمها!).
في ذلك اليوم نفسه، إستهدف خبراء (ريفين)، هاتف آيفون رئيس مجلس إدارة المحطة، حمد بن ثامر بن محمد آل ثاني.
إستخدم خبراء التسلل في هجماتهم سلاحاً إلكترونياً يسمى (كارما). وذكر التقرير في يناير/كانون الثاني أن (كارما) سمح لهم بالتسلل إلى هواتف آيفون بمجرد إدخال رقم الهاتف أو عنوان بريد إلكتروني للشخص المستهدف في البرنامج الهجومي.
وسمح (كارما) للخبراء بالوصول إلى جهات الاتصال والرسائل والصور وبيانات أخرى مخزنة في أجهزة آيفون، لكنه لم يسمح لهم بمراقبة المكالمات الهاتفية.
ورغم أنهم اخترقوا الهواتف، إلا أنهم لم يطلعوا بشكل كامل على البيانات التي حصلوا عليها، وأحالوها إلى مسؤولي المخابرات الإماراتية الذين يشرفون على العملية، ولم يتضح ما الذي عثروا عليه بعد.
عبدالله بعلبكي – بيروت