لم يستطع عشاق الدراما العربية في الأيام القليلة التي سبقت رمضان إلا أن يتابعوا بلهفة الأخبار والصور الترويجية لمسلسل حرملك، وتمكنت هذه المواد من إعطاء المشاهد ما يحتاجه ليرى نجومه المفضلين على الشاشة الفضية في رمضان 2019.
لم تأتِ بدايات الحلقات الأولى من العمل بأقل من التوقعات، اتسمت بالإبهار والحرفية العالية، فلا تكاد تمر المشاهد الأولى من المسلسل حتى يتم إدراك حجم الجهد المبذول إنتاجياً وتقنياً في هذا العمل، إلى أن يبدأ بلمس الأداء الفني المميز لنجومه.
تدور أحداث المسلسل ضمن بيئة شامية تاريخية وتتنقل الحكاية حسب معرفتنا البسيطة بها حالياً ما بين حواري دمشق، في أحداثٍ خيالية تحاكي إرهاصات نهاية الحكم العثماني في القرن التاسع عشر مع بدء انهيار السلطنة إبان تراكم الديون وانتشار الفساد والانفلات الأمني، حيث يكشف المسلسل خبايا القصر الحاكم والمؤامرات التي تجري فيه متخذةً من سوريا مسرحاً للتطورات المتلاحقة، بدءاً من حدث مقتل مراد باشا كيخي دمشق في الحلقة الأولى والتداعيات التي لاحقت الحدث.
إن كان العمل يأتي ليصف حقبةً تاريخيةً أثرت بشكلٍ كبير على تتالي الأحداث في المنطقة، فلم يكن له إلا أن يقدم لمسته الفنية المبهرة في الأزياء والديكورات الفخمة، والتي حاكت بشكلٍ واقعي وفعال ما نعرفه عن تلك المرحلة، واستطاعت نقلنا عبر التاريخ إلى زوايا القصور، وأطراف الحارات والحواكير، وخفايا البيوت القديمة، حيث تبدو التفاصيل الدقيقة بشكلٍ جلي بتنقلنا عبر الأماكن المختلفة والطبقات الاجتماعية، مظهرةً إبداع العاملين عليها، والمعايير العالمية في الدقة والجمال.
كما يقدم العمل لمسةً خاصةً في الدراما التاريخية، تأتي باستخدام اللهجات المحكية عوضاً عن الفصحى، ما يجعله أقرب للمشاهد، وأكثر حميمية، كاسراً نمطية الأعمال التاريخية المعتادة، دون أن يكسر الأمر جديّة الحكاية التي نتعرف عليها حالياً، بأداء الممثلين الرائع والواقعي، والسرد السهل الممتنع للوقائع والحوارات التي تدور في العمل.
المسلسل الذي أنتجته شركة كلاكيت وأخرجه تامر إسحق، استطاع جمع نجومٍ من الصفوف الأولى في العالم العربي، ليكون أول مسلسل شامي عربي بإنتاجٍ بمثل هذه الضخامة، وهو من بطولة جمال سليمان، وسلافة معمار، قيس الشيخ نجيب، سامر المصري، أحمد فهمي، درة، باسم ياخور، أحمد الأحمد، باسل خياط، جيني إسبر، كارمن لبس، وفاء موصللي ونادين خوري، عبد الهادي الصباغ، رواد عليو، محمد خير الجراح، هبة نور وغيرهم الكثيرون، ومن تأليف سليمان عبد العزيز.
إن كنا في الحلقات الأولى من العمل إلا أننا نستطيع القول بشكلٍ مؤكد، أن عمل حرملك يمتلك معايير عالمية في الإنتاج والتمثيل والإخراج، ليذكرنا بأعمال عالمية تاريخية ضخمة، ونتمنى أن يبقى ضيفاً أنيقاً على شاشاتنا.