أبهرتنا هذه الحكومة المؤلّفة من الاختصاصيين الأوفياء لأصدقائهم السياسيين، بإنجازاتها العظيمة التي لا تُعد ولا تُحصى.
حُلت الأزمة الاقتصادية، عاد سعر صرف الدولار إلى وضعه الطبيعي (١٥١٥)، حُررت ودائع الناس في المصارف، حوسب الفاسدون، عُدّل الجسم القضائي فأصبح نزيهًا بالكامل لا يقبل تدخل السياسيين، وأصبحنا على خطى دول العالم الأول.
إنجازات رئيس الحكومة حسان دياب فعلًا تستحق منا أن نصمّم له تمثالًا كغيره في وسط بيروت.
يطلّ دياب بلقاء تلفزيوني قريبًا من السراي الحكومي، يظهره كيف يعمل ويتعب ويجتهد ويكافح، وربما تُعدل ملامح وجهه عبر تقنيات (الفوتوشوب) كما حدث مع وزير الصحة محمد حسن.
دياب إذًِا يعاني من عقدة سعد الحريري الذي أشتُهر بلقاءات مماثلة، مع فارق الشهرة والاسم والعلاقات الدولية، رغم أننا نعد سعد مثل كل زعماء الطبقة الحاكمة، أي من الفاسدين والمسببين الرئيسيين لانهيار اقتصاد البلاد.
هذا اللقاء الهام سيُعرض خلال أيام، عارضًا حياة دياب الذي يبدو أنه يعشق حبّ الظهور، منذ ما كان يضع صوره التذكارية مع المسؤولين في كتاب صغير لإنجازاته الفارغة، عندما كان وزيرًا للتربية عام ٢٠١١.
يظهر أمامك المطبلون له ولحكومته، أنفسهم الذين عارضوا ثورة ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) لأنهم ينتمون لأحزاب خوّنت حراك الناس، وأوجاعهم ووصفتهم بثوار السفارات، متناسين أن لولا ظفر أصغر ثائر لمَ وصل دياب إلى السراي، ولمَ بدأت الطبقة السياسية تعمل خوفًا من العقاب، وتؤدي أقل واجباتها ولما توقف النهب.
يقول أحد المتابعين لدياب قبل إطلالته التلفزيونية (شكرًا أيها الرئيس)، لتفهم أن بعض اللبنانيين يهوون عبادة الأصنام، ما أن أسقطنا آلهة الفساد والحرب القدماء حتى سارعوا لتأليه زعماء جدد.
أما المعارضون والثائرون الحقيقيون فلا يصفقون له ولا لوزرائه لأنهم لم يطبقوا مطالب الثوار ولأن الطبقة الفاسدة من زعماء المذاهب والجزارين لم تسقط بعد، ولأنه من مبدأ أنهم يتقاضون رواتبهم ويؤدون واجباتهم المهنية، ولم يقيدهم أحدٌ ويجبرهم على تولي المسؤولية وحكم البلاد بأسوأ ظروفها الاقتصادية والمعيشية والسياسية.
لبنان بحاجة لسنوات قلة ليتحرر تمامًا من التبعية السياسية والطائفية، لكن كثيرين بدأوا خطوتهم الأولى بهدف التغيير، ويحاربون الكون ليصبح لديهم وطن علماني مدني لا يحكمه سوى أصحاب الكفايات مهما كانت طوائفهم.
حسان دياب يظهر إذًا ليفاخر بكلّ واجباته التي يجب أن يفعلها، والمطبلون ومناصرو الأحزاب الداعمة له يدخلون اسمه الآن لائحة الترند في لبنان وكأنه من العباقرة، أما اللبنانيون فيموتون جوعًا وأكثر من نصفهم أصبح الآن تحت خطر الفقر.
عبدالله بعلبكي – بيروت